شهدت السنوات القليلة الماضية انعقاد العديد من مباحثات السلام الرسمية التي لم تثمر عن شئ حقيقي بين الحكومة الأفغانية وممثلي حركة طالبان . لكن المحادثات الأخيرة المنعقدة الثلاثاء الماضي باستضافة باكستان لإنهاء أكثر من 13 عاما من الصراع الذي مزق البلاد أثارت سؤالا : "هل مقدر لمحادثات السلام الأفغانية مع طالبان بوساطة باكستان النجاح؟" وأكد مسؤولون باكستانيون - وفق ما نقلته وكالة (كاما) على موقعها الإلكتروني اليوم الأحد - أنه في اجتماع المصالحة التي يقودها الأفغان بحضور ممثلين عن أمريكاوالصين ، توصلت الأطراف إلى الاتفاق على مواصلة المحادثات بعد شهر رمضان لتهيئة الأجواء لعملية السلام والمصالحة". وتستأنف محادثات السلام من خلال سلسلة من الاجتماعات ، وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الباكستانية أن الطرفين أعربا عن رغبتهما في إحلال السلام في أفغانستان والمنطقة". ويترأس نائب وزير خارجية أفغانستان حكمت كرزاي، ابن شقيق الرئيس الأفغاني السابق ، وفد الحكومة الأفغانية ، ويترأس الملا عباس دوراني وفد طالبان ، فيما يترأس الوفد الباكستاني وزير الخارجية تشودري . وكانت طالبان رفضت عقد المفاوضات مع حكومة كرزاي، ولكن منذ أن تولي الرئيس غاني الحكم ، أخذ زمام المبادرة لإعادة أحياء العلاقات مع باكستان وطلب تقديم المساعدة في إقناع حركة طالبان الأفغانية بالجلوس على مائدة المفاوضات ، وقد تعرض في سبيل ذلك لانتقاد شديد من جانب بعض السياسيين الأفغان ، بما في ذلك حامد كرزاي الرئيس السابق الذي اتهم كثيرا باكستان بالقيام بعمليات في أفغانستان . ويحاول الرئيس الأفغاني بفارغ الصبر تأمين وقف إطلاق النار مع حركة طالبان .. وحتى الآن تم ترتيب اجتماعات غير رسمية مختلفة بين مسؤولين أفغان وممثلين لطالبان في الدوحة، وأوسلو، ودبي، وفي أواخر مايو اجتمع الطرفان سرا لمدة يومين في المدينةالصينية اورومتشي بتسهيل أيضا من باكستان . وسلطت مشاركة أمريكا ودبلوماسيين صينيين الضوء على إجماع المجتمع الدولي على ضرورة التوصل لإتفاق سياسي في أفغانستان .. وتشعر الصين بالقلق إزاء تفشي التطرف الديني في أفغانستانوباكستان . وفي الوقت التي تنسحب فيه قوات حلف شمال الأطلسي "ناتو" والولاياتالمتحدة من المنطقة ، تواصل الجماعات المتمردة التوسع في أجزاء مختلفة من أفغانستان. وتشعر الولاياتالمتحدة بالقلق إزاء قدرة البلاد الحفاظ على المدى الطويل على مليارات الدولارات اللازمة لدعم قوات الأمن الأفغانية في التصدي للتمرد الذي تقوده طالبان . ويمكن أن تلعب باكستان دورا حيويا في أي عملية سلام، ونتيجة لما حدث في ديسمبر 2014 من هجوم طالبان على مدرسة باكستانية والذي خلف أكثر من مئة قتيل من الأطفال الأبرياء تصر باكستان الآن على التزامها بالسلام . وأكد رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في زيارة لكابول في مايو الماضي للرئيس الأفغاني أن "أعداء أفغانستان لا يمكن أن يكونوا أصدقاء لباكستان". وتقاتل طالبان الحكومة الأفغانية منذ 13 عاما ولذا فإن عملية محادثات السلام ليست بسيطة ويصعب الحديث عن أن تشهد إنفراجة بين عشية وضحاها .