كشف تقرير أصدرته منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسيف" أنه رغم التقدم الكبير في بقاء الأطفال على قيد الحياة على مستوى العالم إلا أن مليون طفل يتوفون يوم ولادتهم بفعل أسباب يمكن الحيلولة دونها. وأشارت المنظمة -في تقريرها الصادر اليوم الاربعاء بنيويورك بعنوان "سير العمل 2014 حول "الالتزام بتحقيق بقاء الأطفال: وعد يتجدد"- إلى فشل النظام الصحي في الوقت الحرج للولادة كعامل رئيسي يسهم في وقوع هذه الوفيات غير المبررة، وأن معدلات بقاء الأطفال ارتفعت بشكل كبير منذ عام 1990، وانخفض العدد المطلق لوفيات الأطفال دون سن الخامسة خلال هذه الفترة من 7ر12مليون إلى 3ر6 مليون. وأوضح تقرير "يونيسيف" أن الثمانية وعشرين يوما الأولى من حياة الوليد هي الأخطر، ويتوفى خلالها 8,2 مليون طفل سنويا لا يتمكن مليون بينهم من العيش لليوم التالي لولادتهم، وأنه يمكن تجنب الكثير من هذه الوفيات بتدخلات بسيطة وفعالة من حيث التكلفة وذلك قبل وأثناء وفور الولادة، لافتا إلى أن الدراسات تشير إلى فشل النظام الصحي في الوقت الحرج حول الولادة كعامل أساسي يسهم في وقوع هذه الوفيات غير المبررة، كما يشير إلى وجود اختلافات بينة بين الدول وبين الأغنياء والفقراء – في الاستعانة بالخدمات الصحية المتوفرة للحوامل وأطفالهن وجودتها. وكشفت المنظمة أن نصف النساء تقريبا لا تتلقين زيارات الرعاية الأربعة قبل الولادة (الحد الأدنى الموصى به) أثناء فترة الحمل، كما ان مضاعفات الولادة تتسبب بحوالي ربع وفيات حديثي الولادة في العالم، وأن الأدلة تشير إلى أن البدء بالرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى من الولادة يقلل من خطر وفيات حديثي الولادة بنسبة 44%، ومع ذلك يحرم نصف حديثي الولادة في العالم من فوائد الرضاعة الفورية بعد الولادة. وأشار التقرير إلى عدم كفاية جودة الرعاية المتوفرة، حتى تلك المتوفرة للأمهات والأطفال المتصلين بالنظام الصحي إذ يشير تحليل أجرته "يونيسيف" لعشرة دول تشهد معدلات وفيات مرتفعة بأن أقل من 10% من الأطفال الذين ولدوا على يد قابلات ماهرات، استفادوا من التدخلات السبعة المطلوبة بعد الولادة بما في ذلك البداية المبكرة للرضاعة الطبيعية، كما أن أقل من 10% من الأمهات اللاتي قابلن عامل صحي أثناء الحمل تلقين الحزمة الأساسية من التدخلات الثمانية لمرحلة ما قبل الولادة. ولفت إلى نسب التغطية الطبية للأمهات بعد الولادة في الدول التي تشهد أعلى معدلات لوفيات الأطفال حديثي الولادة متدنية، وتبلغ في إثيوبيا (84000 وفاة؛ 7% تغطية)؛ وفي بنجلاديش (77000 وفاة؛ 27% تغطية)؛ وفي نيجيريا (262000؛ 38% تغطية)؛ وفي كينيا (40000؛ 42% تغطية)، كما أن معدلات وفيات الأطفال المولودين لأمهات تحت العشرين وفوق الأربعين أعلى من غيرها. وربط التقرير بين مستوى تعليم الأم وسنها، وفرص بقاء طفلها حيا، موضحا أن معدل وفيات حديثي الولادة للأمهات غير المتعلمات هو تقريبا ضعف ما هو عليه بين الأمهات اللواتي أكملن تعليمهن الثانوي فما فوق. ونقل التقرير عن جيتا راو جوبتا، نائبة المدير التنفيذي لليونيسف، قولها إن البيانات تشير بوضوح إلى أن فرص البقاء بين الرضع تزداد بشكل كبير عندما يكون للأم قدرة مستدامة على الوصول لخدمات صحية جيدة أثناء الحمل والولادة". وأضافت جوبتا "يجب علينا أن نضمن أن جميع هذه الخدمات، حيثما وجدت، تستغل بشكل كامل وأن كل اتصال بين الأم وعامل الصحة يحدث فرقا حقيقيا. كما يجب بذل جهود خاصة لضمان الوصول لمن هم أكثر عرضة للخطر". وأكد التقرير أن انعدام المساواة وخاصة في الوصول إلى الرعاية الصحية، يظل مرتفعا في الدول الأقل تقدما، ففرصة النساء في الأسر الأغنى بأن يلدن تحت إشراف قابلة مدربة تفوق فرص نساء الأسر الأفقر بثلاث مرات، مشيرا إلى أن فجوة الإنصاف في وفيات الأطفال دون سن الخامسة في تناقص مستمر. ففي كل إقليم، عدا في دول جنوب الصحراء الإفريقية، تنخفض نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة بين الأطفال الأكثر فقرا بشكل أسرع منها بين الأطفال الأغنى. والأهم من هذا أن الفقراء حول العالم يسجلون مكتسبات أكبر في الحفاظ على حياة الأطفال مقارنة مع الأغنياء في بلادهم. يذكر ان " وعد يتجدد" هو عبارة عن حركة عالمية تهدف إلى دفع استراتيجية "كل امرأة، كل طفل" إلى الأمام – استراتيجية أطلقها بان كي مون، الأمين العام لهيئة الأممالمتحدة، لحشد الجهود العالمية ومضاعفتها بهدف تحسين صحة النساء والأطفال -من خلال العمل ونشاطات كسب التأييد الهادفة لتسريع خفض وفيات الأمهات وحديثي الولادة والأطفال.