تحت شعار "دعم وتشجيع مناخ الاستثمار"، منح المجلس الأعلى للاستثمار، في اجتماعه الأول، أمس، المستثمرين أراضي الدولة، ومزايا وإعفاءات ضريبية، دون أن يتم ربط هذه المزايا بأهداف أساسية كاشتراط تشجيع الصناعات كثيفة العمالة للحد من البطالة، أو إنتاج سلعة استراتيجية للاستغناء عن الاستيراد، أو إرساء قواعد المنافسة الحقيقية وتشديد العقوبات على الممارسات الاحتكارية. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد ترأس الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار بكامل عضويته، بهدف مراجعة السياسات الاستثمارية للدولة وتحديد الأنشطة والمشروعات ذات الأولوية على مستوى القطاعات المتخصصة والمناطق الجغرافية المختلفة. جاءت أبرز القرارات التي استقر عليها المجلس، تخصيص الأراضي الصناعية المُرفّقة في الصعيد مجانًا وفقًا للضوابط والاشتراطات التي تضعها الهيئة العامة للتنمية الصناعية وطبقًا للخريطة الاستثمارية للدولة، وطرح أراضي العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة في شرق بورسعيد، والعلمين، والجلالة، والإسماعيلية الجديدة، بنسبة خصم تبلغ 25% عن التسعير المحدد، وذلك لمدة 3 أشهر من تاريخ الطرح فيما يخص المدن الجديدة بالصعيد (المنيا الجديدة، وسوهاج الجديدة، وأسيوط الجديدة، وبني سويف الجديدة) يكون سعر المتر المربع بها 500 جنيه، على أن يبدأ تسليم الأراضي بمرافقها بعد عام. كما شملت القرارات، الموافقة على إعفاء الاستثمار الزراعي والصناعي الجديد في الصعيد من الضريبة على الأرباح لمدة 5 سنوات من تاريخ استلام الأرض، والموافقة على الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة 5 سنوات للمشروعات الجديدة لتصنيع المنتجات أو السلع الاستراتيجية التي يتم استيرادها من الخارج أو الموجهة للتصدير للخارج، والموافقة على مد قرار تجميد العمل بالضريبة على أرباح النشاط في البورصة لمدة 3 سنوات، إلى جانب الموافقة على الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمشروعات استصلاح الأراضي الزراعية التي تنتج محاصيل رئيسية يتم استيرادها من الخارج أو المحاصيل التي يتم تصديرها للخارج. الباحث الاقتصادي رضا عيسى، قال إن تفريط الحكومة في الأراضي بالمجان بحجة دعم وتشجيع الاستثمار ليس جديدا فقد جرى ذلك سابقا في صعيد مصر، موضحا أن منح هذه الإعفاءات الضريبية للمستثمرين تبدو كما لو كانت رشوة خاصة، مؤكدا أن المزايا الضريبة لم تعد حافزا للاستثمار في العالم، إلا أن الحكومة منحتها تعويضا عن تكاليف فساد لا تستطيع مقاومته. وأوضح أن الأهداف الأساسية للإعفاءات لم تكن موجودة ضمن القرارات كاشتراطات تشجيع الصناعات كثيفة العمالة، لمكافحة البطالة، حيث كان يجب توجيه المزايا لمن يقوم بتشغيل 1000 عامل ومن يقوم بتصدير نسب معينة من سلع محددة، كما أن القرار الخاص بمنح إعفاء ضريبي لمن ينتج سلعا أو محاصيل بديلة لم يحدد سلعا بعينها نحتاجها للاستغناء عن الاستيراد، وهذه تعد ثغرة، إذ من الممكن أن يقوم البعض بتصدير سلع عادية كالفراولة والكنتالوب أو الباذنجان، وهو ما حدث قبل ذلك، موضحا أنه كان يجب تعريف السلع الاستراتيجية. وأوضح أن ربط الإعفاء ببداية تسليم الأراضي كاملة المرافق وسيلة تسمح للمستثمر بالتلاعب بحجة عدم توصيل كابلات كهرباء أو تليفون أو غيرها بهدف مد فترة الإعفاء أكبر وقت ممكن، خاصة وأن من سيقوم بدور الرقابة هو الجهاز الإداري للدولة غير الكفء لتنفيذ هذه القرارات بعد وضعها في قوانين. عيس، أشار إلى أن هذه القرارات لم تتعرض بأي شكل من الأشكال إلى إرساء قواعد المنافسة بشكل حقيقي كعدم التطرق إلى الحديث عن الممارسات الاحتكارية وتشديد العقوبات عليها، برغم أنها من أساسيات تنشيط السوق، موضحا أنه دون التطرق لمشكلة سعر الصرف لن يكون لهذه القرارت قيمة، وإضافة لما سبق، فإن قرار تجميد العمل بالضريبة على أرباح النشاط في البورصة لمدة 3 سنوات، يعد حماية للمحتكرين، بحسب قوله.