بحيرة البردويل الوحيدة الحاصلة على رخصة تصدير للاتحاد الأوروبي؛ لنقائها وجودة أسماكها النادرة دون أي تدخل بشري فيها؛ حيث إنها تقع في محمية الزرانيق الطبيعية، وتخلو تمامًا من أي تلوث بأي شكل كان. بدأت البحيرة تشهد في السنوات الأخيرة أولى خطوات التلوث، بل وأصبحت مهددة بأن تلحق بباقي بحيرات مصر، وتفقد سمعتها العالمية، خاصة بعد الاستزراع السمكي المزمع إنشاؤه بالبحيرة؛ لزيادة إنتاجها؛ ليكون المسمار الذي يدق نعشها. فمنذ ما يقرب من عامين بدأت القوات المسلحة في تطهير البحيرة، بعد أن تولت إدارتها الشركة الوطنية. ورغبة في زيادة الإنتاج للتصدير وجلب العملة الصعبة؛ قررت الشركة إدخالها ضمن المزارع بالتعاون مع الثروة السمكية، وتم اعلان الاتفاقية بين الشركة والهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية؛ لإنشاء مفرخ سمكي ببحيرة البردويل؛ لتفريخ نحو 10 ملايين زريعة أسماك من مختلف الأنواع سنويًّا، وهو ما سيأتي بنتائج عكسية، ويقضي على البحيرة تمامًا؛ نظرًا لأنها محمية طبيعية، وهذا القرار مخالف لعدد من الاتفاقيات الطبيعية الدولية الخاصة بالمحميات الطبيعية، على رأسها اتفاقية رامسار الدولية واتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط والمناطق ذات الحماية الخاصة، والتي وقعت عليها مصر، وكذلك مخالفة القانون رقم 102 لسنة 1983 الذي ينظم إدارة واستغلال المحميات الطبيعية في مصر. يقول محمد سلامة، أحد الصيادين، إن البحيرة تنتج الجمبري متوسط الحجم والعملاق، وأسماك الدنيس والبوري والوقار والقاروص واللوت، وهي أسماك ذات سمعة عالمية ومحلية ممتازة، نظرًا لأن بحيرة البردويل طبيعية متصلة بالبحر من خلال بواغيز طبيعية؛ مما يسمح لها بتجدد المياه باستمرار، مشيرًا إلى أن دخولها ضمن الاستزراع السمكى سيأخذها في طريق آخر، وسيفقدها أهم مميزاتها، وتتحول إلى مزرعة أو بحيرة ملوثة؛ نظرًا لما سينتج عنه من تدخل القائمين عليها في تربية الأسماك واعتمادهم في التغذية على الأعلاف الصناعية وجلب زريعة أخرى إليها، وهو ما يهدد بقطع رزقهم وتوقف تصدير أسماك البحيرة وإفقادها سمعتها التي وصلت للعالمية بعد سنوات من العمل والجهد. وقال الريس إسماعيل محمد، صياد وصاحب مركب صيد، إن الإدارة الجديدة تتعامل مع البحيرة على أنها مزرعة سمكية يريدون زيادة إنتاجها بأي طريقة؛ اعتقادًا منهم أنها وسيلة لبيع وتصدير أضعاف الكميات، ولكنها ستأتي بنتائج عكسية، سيوقف الاتحاد الأوروبي وباقي الدول استيرادها فور علمهم بهذا؛ لأنهم سيفقدونها أهم مميزاتها الطبيعية. متسائلًا: لماذا لا يتم حفر مزرعة أخرى أو بحيرة او ما شابه وتترك بحيرة البردويل طبيعية داخل المحمية دون تدخل البشر؟ فهي آخر مكان يمكنك أن تجد فيه سمكًا خاليًا تمامًا من التلوث. وتساءلت الدكتورة سحر مهني، أستاذ العلوم بمعهد علوم البحار والمصايد بالسويس: ماذا يحدث للقيادات ومتخذي القرار؟ هل يدهسون القانون والاتفاقيات الدولية؟ مطالبة بتولي ذوي الخبرة هذا الملف؛ حتى لا تحدث أزمة ومشكلة نتيجة القرارات الخاطئة وغير المدروسة، وآخرها البوغاز الصناعي الذي تم تركيبه على نحو خاطئ دون دراسة في الاتجاهات وحركة الكائنات والمد والجزر ونسبة الملوحة، مع تجاهل البوغازين الطبيعيين الآخرين. وقالت إن تاريخ الثروة السمكية في البردويل ينقسم من عام 1952 حتى 2005 إلى ثلاث فترات: الأولى من 1952 حتى 1967، حينما كان متوسط الإنتاج 1460 طنًّا، والثانية كانت خلال الاحتلال الإسرائيلي، وكان متوسط الإنتاج 1530 طنًّا، أما الثالثة فهي فترة السيادة المصرية، وكان فيها متوسط الإنتاج 2240 طنًّا. والآن الإنتاج وصل الى5000 طن. وأشارت مهنى إلى أن البحيرة تضم عدة بيئات بحرية متمثلة في مياه البحر المتوسط والجزء الشرقي من بحيرة البردويل، تعيش فيها أشكال متباينة من الكائنات، مثل الرخويات، القشريات، المحاريات، الأسماك، السلاحف البحرية والدرافيل. وتمثل الأسماك أحد الموارد الهامة بمنطقة المحمية، وأهمها الدنيس(Sparus aurata)، أسماك العائلة البورية (Mugil sp)، القاروص (Dicentrarchus labrax)، وسمك موسى (Solea solea)، وكلها مهددة بالانقراض والتلوث فور تطبيق القرار. ومن جانبه قال اللواء السيد عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، إن هناك اتفاقًا وتنسيقًا مع الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية لإنشاء مفرخ سمكي ببحيرة البردويل؛ لتفريخ نحو 10 ملايين زريعة أسماك من مختلف الأنواع سنويًّا؛ لخدمة وزيادة إنتاج البحيرة من الأسماك، نافيًا ما يتردد عن تدمير البحيرة، مؤكدًا أن الاستزراع السمكي سيتم على يد متخصصين، وهو ما سيجلب الخير، ويوفر المزيد من فرص العمل. وأكد أنه يتابع تنفيذ الاتفاق بنفسه، ولن يلتفت إلى أى أصوات هدامة على حد تصوره. تقع بحيرة البردويل غرب مدينة العريش بشمال سيناء، ويطلق عليها الأهالي "الجوهرة"؛ وذلك لكونها من أنقى بحيرات العالم، وأسماكها من أندر وأجود المنتجات التي يتهافت عليها العالم، خاصة السوق الأوروبي، وإنتاجها كبير مقارنة بباقي البحيرات دون أي تدخل من البشر، حيث يصل إنتاجها إلى 5 آلاف طن سنويًّا، ويعمل بها ما يقرب من 5 آلاف صياد من أبناء شمال سيناء. ونظرًا لاحتياج السوق الأوروبي والدولى لأسماكها؛ تم إنشاء مصانع تعليب وتغليف وتجميد على ضفافها؛ للحفاظ على الأسماك مجمدة وهى تحمل شعار "البردويل" الذي اكتسب شهرة عالمية. ويسمح بالصيد في البحيرة لمدة 8 أشهر، يعقبها 4 شهور منعًا للصيد؛ حرصًا على نمو زريعة الأسماك. و"البردويل" هي ثاني أكبر بحيرة من حيث المساحة في مصر بعد بحيرة المنزلة، وتعد أحد أهم مصادر الثروة السمكية النظيفة في سيناء ومصر بشكل عام، وتبلغ مساحتها 165 ألف فدان، فيما يبلغ طولها نحو 130 كلم، وتمتد البحيرة من منطقة المحمدية قرب رمانة وشرق بورسعيد، على نحو 35 كلم في الغرب، حتى قبل العريش غربًا بنحو 50 كلم، ثم الزرانيق (بطول 60 كلم وعرض 3 كيلو مترات) وتتصل البردويل بالبحر بفتحة اتساعها نحو 100 متر.