صدام جديد بين روسياوأمريكا في إطار التنافس بين الطرفين على فرض السيطرة في البحر المتوسط، وعلى الرغم من أن هذه الصدامات لم ينتج عنها أي حوادث من قبل، إلا أنها تُعد إحياء مشاهد الحرب الباردة بين الطرفين. أعلن الجيش الأمريكي، أمس الاثنين، أن سفينة حربية روسية اقتربت بشكل كبير من طراد أمريكي، في حادث جديد في البحر المتوسط، منددًا بما وصفه ب"نقص المهنية" لدى السفينة الروسية، وقال الجيش الأمريكي إن الطراد قاذف الصواريخ "يو إس إس سان جاسينتو" كان في المتوسط في إطار عملية التصميم الحازم، التي بدأت في أغسطس 2014 لضرب مواقع تنظيم داعش، وذكرت قيادة الجيش الأمريكي في أوروبا أن الفرقاطة الروسية "باروسلاف مودري" ناورت باتجاه الطراد "سان جاسنيتو" حتى وصلت إلى نقطة قريبة منه بلا مبرر، وبعد ذلك بدلت السفينة الروسية وجهتها، وناورت في محيط الطراد الأمريكي، الذي لم يواجه أي تهديد بهذه المناورات الخاطئة. في ذات الإطار قالت قيادة الجيش الأمريكي إن تحركات الفرقاطة الروسية تكشف عن نقص في المهنية، وتتعارض مع القواعد البحرية الدولية، وأضاف: نشعر بالقلق في كل مرة تجري فيها مناورات تفتقد إلى المهنية في البحر، فهذه الأفعال يمكن أن تؤدي إلى تصعيد غير مبرر للتوتر بين الدول وإلى أخطاء خطرة في الحسابات أو حوادث. هذه ليست المرة الأولى التي تتواجه فيها سفن روسية وأمريكية، ناهيك عن مواجهات بين سفن ومقاتلات أيضًا، ففي الأشهر الأخيرة وقعت عدة حوادث مماثلة شبيهة بأحداث الحرب الباردة، واتهم فيها جيش كل بلد الآخر بالاقتراب من قطع تخصه بشكل خطير في مياه أو أجواء دولية. في 17 يونيو الماضي تبادل الطرفان الروسي والأمريكي الاتهامات بالقيام بتحركات خطرة في حادث وقع في المنطقة نفسها بين السفينة الروسية "ياروسلاف مودري" والسفينة الحربية الأمريكي "يو إس إس غريفلي"، حيث اقتربت السفينة "ياروسلاف مودري" لتصبح على مسافة 288 مترًا من السفينة الأمريكية "جريفلي" على نحو وصفه مسؤولون أمريكيون حينها بأنه غير آمن ويفتقر للحرفية، وهي الرواية التي اختلفت معها وزارة الدفاع الروسية حينها، حيث قالت إن مدمرة أمريكية اقتربت على نحو خطير من سفينة حربية روسية في البحر المتوسط، وأضافت أن "جريفلي" اقتربت على نحو خطير من السفينة الروسية إلى مسافة 60-70 مترًا، وعبرت من أمامها من ناحية الميناء، واصفة ما حدث بأنه انتهاك صارخ من جانب البحارة الأمريكيين لقواعد تجنب الاصطدام في البحر. وفي إبريل الماضي قال الجيش الأمريكي إن قاذفات روسية من طراز "سوخوي-24" اتخذت مسارات تحاكي المسارات الهجومية قرب السفينة البحرية الأمريكية "دونالد كوك" في بحر البلطيق، ووصف وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، ذلك التصرف حينها بأنه استفزازي وخطير، وقال إنه وفقًا لقواعد الاشتباك فإن ما حدث كان يمكن أن يدفع لإطلاق النيران بغرض الإسقاط، فيما قال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إن الحادث يظهر أن البحارة الأمريكيين هم الذين يسمحون لأنفسهم بنسيان المبادئ الأساسية للإبحار الآمن، ولا يفكرون في العواقب النهائية لهذه المناورات الخطرة في المناطق كثيفة الملاحة. يكاد يكون البحر المتوسط ساحة صراع بين روسيا وحلف الناتو أو بالتحديد أمريكا، حيث ترى روسيا ضرورة تواجدها بشكل دائم في المتوسط، فهي تعتبر قريبة من ميدان الصراعات الإقليمية لأجل إعادة التوازن في العلاقات الدولية، وحفاظًا على مصالحها هناك وتحقيقًا للتوازن الإقليمي، خاصة أن حلف الناتو يسعى إلى عسكرة المتوسط، وهو ما اتضح جيدًا في قول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي شدد على ضرورة تواجد البحرية الروسية بشكل دائم في البحر الأبيض المتوسط نظرًا للمصالح الاستراتيجية لروسيا في المنطقة، مؤكدًا أن هذه منطقة هامة، وتضمن المصالح المرتبطة بالأمن القومي لروسيا الاتحادية، وأوضح بوتين حينها أنه لهذه الأسباب تنوي روسيا خلق ظروف ملائمة لمرابطة سفنها الحربية في البحر الأبيض المتوسط.