يعتبر حي الفجالة المركز الأول لتجارة الكتب والأوراق الكتابية، ليس في القاهرة وحسب، بل وفي مصر كلها، ويضم الحي عددًا كبيرًا من الكنائس الكبيرة والمشهورة، منها كنيسة العذراء، وبعض المدارس الخاصة واللغات مثل مدرسة اليوسفية للروم الكاثوليك، وهو أحد الأحياء التي شهدت على أحداث تاريخية مهمة. وفي كتاب «الفجالة قديمًا وحديثًا» للكاتب حبيب توفيق مليكة، والصادر مؤخرًا عن مؤسسة هنداوي للنشر، يقدم وصفًا تاريخيًّا موجزًا لحي «الفجالة» أحد أبرز أحياء القاهرة القديمة، وأكثرها ثراءً تراثيًّا على مرِّ العصور التاريخية منذ الفتح الإسلامي لمصر حتى العصر الحديث؛ فقد لاقت الفجالة اهتمامًا كبيرًا من الخلفاء والولاة في شتى الأزمنة، كما تميَّزت بجمال طبيعتها ومنشآتها بما تضمنته من بساتين ومتنزهات وقصور تتسم بالروعة في البناء والتشييد. ويلفت الكتاب النظر إلى أن حي الفجالة كان مسرحًا لأحداث تاريخية مهمة؛ حيث شهد أولى المعارك الحربية بين المسلمين والرومان في القرن السابع الميلادي، وقد ظلت الفجالة تنبض بذاكرة الزمان والمكان، بما بقي فيها حتى الآن من الآثار الخالدة، متضمنة العديد من الكنائس والمدارس والجمعيات المسيحية بمختلف طوائفها، فضلًا عن المقاهي الثقافية وأندية الأدباء والمفكرين. ويقدم الكتاب شرحًا وافيًا عن حي الفجالة أيام الفتح الإسلامي، والدولة الفاطمية، وكذلك أثناء الحملة الفرنسية، والآثار التي خلفتها الحملة على هذا الحي، كما يستعرض وصف المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي له، ويشرح انقسام شارع الفجالة إلى ثلاثة أقسام، الأول هو شارع الفجالة، والثاني الفجالة القديمة، والثالث الفجالة الحديثة. كما يستعرض أهم مزايا وملامح حي الفجالة، فهو مجتمع كنائس الطوائف المسيحية الثلاثة، وهو ملتقى الأقباط والسوريين المشتغلين بالإصلاح الطائفي والسياسي، وأوسع مجال لمنتدياتهم وجمعياتهم الخاصة، ومؤسساتهم الخيرية، وأهم مركز للمدارس المسيحية، كما يشكل مركز قهوات وأندية عامة للأدباء من بينها قهوة «الشانزلزيه» وقهوة «مراد».