على الرغم من تأخر ردود الأفعال الأمريكية والصهيونية على قرار مجلس تعاون دول الخليج، إلا أن هذا التأخير لم ينجح في التمويه على أن القرار الذي اتخذ وبإجماع خليجي بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية يصب في صالح العدو الصهيوني، ويطرب الأذن الأمريكية، لا سيما وأنه خدمة مجانية لإسرائيل. وفي هذا السياق رحب رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو أمس بقرار دول مجلس التعاون. وأفاد موقع "تايمز أوف إسرائيل" أن نتنياهو كسر حاجز الصمت الرسمي الإسرائيلي حول القرار، قائلًا "إن دولًا كثيرة في العالم باتت تعي أكثر من أي وقت مضى أن إسرائيل ليست عدوًّا لها". وتابع نتنياهو في كلمته بالكنيست، "القرار تطور هام ومدهش"، مضيفًا أن "أبعاده ومفاعيله تؤشر إلى وجود تغييرات كبيرة في العالم العربي". وكشف نتنياهو عن وجود اتصالات جديدة مع ما أسماها بدول الاعتدال العربي، وأن هناك إمكانية كبيرة لتغيير الواقع السياسي في المنطقة. وألمح نتنياهو إلى أن القرار الخليجي يخدم إسرائيل، وذلك في معرض انتقاده لحزبي الجبهة والتجمع التابعين لأربعة أحزاب تتألف منها القائمة العربية المشتركة في الكنيست، خاصة بعد أن أدان الحزبان أمس الدول العربية التي صنفت الأسبوع الماضي حزب الله كتنظيم إرهابي، وقال الحزبان إن الخطوة تخدم إسرائيل. وأضاف أيمن عودة رئيس القائمة العربية المشتركة أن الحظر يصب في خدمة الاحتلال ومواصلة احتلال الأراضي العربية. الترحيب الصهيوني بالقرار السعودي لم يقف عند محطة رئيس حكومة العدو، حيث وصف وزير المواصلات والاستخبارات في كيان الاحتلال، يسرائيل كاتس، القرار بالخطوة المهمة والدراماتيكية، والتي يمكن أن يؤسس عليها لفرض عقوبات على حزب الله، كما دعا للتحقيق ببياني الإدانة الصادرين عن حزب الجبهة والتجمع، معربًا عن استغرابه من أن هناك أعضاء في الكنيست يخربون المصالح الإسرائيلية، على حد قوله. وفي 2 مارس اعتبرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وعضو الكنيست عن المعسكر الصهيوني، تسيبي ليفني، أن إعلان دول مجلس التعاون الخليجي حزب الله منظمة إرهابية أمر مهم ودقيق. نوّهت القناة الصهيونية الأولى إلى أن العالم العربي يقترب من خلال مواقفه ضد حزب الله من الموقف الإسرائيلي، مشيرة إلى نبأ أورده موقع "سبوتنيك" الروسي عن زيارة سرية لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير لإسرائيل برفقة رئيس جهاز الاستخبارات السعودي خالد الحميدان. ويرى مراقبون أن تأخر ردود الأفعال الإسرائيلية الرسمية، وتجنب إظهار الفائدة التي يجنيها الكيان الصهيوني من القرار الخليجي ضد حزب الله، يأتي في إطار عدم تشويش المواقف الإسرائيلية المرحبة بهذا القرار، خاصة وأن الترحيب الإسرائيلي المبكر بالقرار سيستتبعه مناخ شعبي وعربي مضاد، قد يضغط على المواقف الرسمية العربية؛ ما يمنع استصدار القرار، كما أن تأخر ردود الأفعال الإسرائيلية سيجعل من قرار إدراج حزب الله كمنظمة إرهابية يبدو في إطار الخلافات بين السعودية وإيران، وبالتالي يأخذ القرار بعدًا سياسيًّا وطائفيًّا بدلًا من أن يأخذ شكله الحقيقي بأن القرار يقوض من تحركات المقاومة ضد العدو الصهيوني الغاصب. الترحيب الصهيوني تزامن مع الأمريكي، حيث رحبت وزارة الخارجية الأمريكية بالقرار، وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر: إن الولاياتالمتحدة ستواصل مشاوراتها مع دول مجلس التعاون الخليجي حول إمكان فرض عقوبات وأي إجراءات أخرى لمواجهة أنشطة حزب الله في المنطقة، وأضاف تونر أن: الولاياتالمتحدة كانت قد أعلنت حزب الله جماعة إرهابية أجنبية منذ عام 1997. تؤكد ردود الأفعال الصهيونية والأمريكية السابقة أن ثمة تطورًا حدث مؤخرًا، يشير إلى أن قرارات الدول العربية أصبحت تصب في صالح تل أبيب، لدرجة تدفع مسؤوليها للترحيب بهذه القرارات والثناء عليها. ولم يعد الأمر يقتصر على توافق رؤى حيال قضية أو ملف، بل تجاوز ذلك، حتى وصل لدرجة الاستراتيجية المشتركة. ويرى محللون أنه في الآونة الأخيرة مهدت السعودية الأرضية العربية والإسلامية لتقبُّل قرار بمستوى إدراج حزب الله كمنظمة إرهابية، فتحالفاتها التي تكاد لا تنتهي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حليفة الكيان الصهيوني، والتي آخرها تحالف إسلامي بقيادة أمريكية، جعل السعودية تنجح في تمرير مغالطتها على العرب والمسلمين بأن التحالف مع واشنطن لا يعني التحالف مع تل أبيب، وبعد نجاحها في هذا الأمر أصبحت تتبع أسلوبًا سياسيًّا آخر بالتطبيع المباشر مع الكيان الصهيوني، دون الحاجة لوجود وسيط أمريكي. وهذا ما كشفته تحركات الرياض السياسية والدبلوماسية في تقاربها مع إسرائيل، بالإضافة لقرار تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، والذي لا يخدم إلا العدو الإسرائيلي.