ليست مجرد ممر مائي اصطناعي مزدوج في مصر، يبلغ طولها 193 كم، وتصل ما بين البحرين الأبيض والأحمر، لا تعتقد أنها تسمح بعبور السفن في اتجاهين في نفس الوقت بين كل من أوروبا وآسيا فحسب، ولا تلخصها في أنها أسرع ممر بحري بين القارتين وتوفر نحو 15 يومًا في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح، فقناة السويس تمثل لأرض المحروسة وشعبها تاريخ أو ربما أكثر من ذلك. الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة الكاتب المسرحي محمد عبد الحافظ ناصف، قررت إصدار سلسلة جديدة ضمن سلاسل مطبوعاتها وأسمتها «سلسلة القناة»، ليأتي كأول مطبوعاتها كتاب «حكاوي القناة.. أنشودة العرق والدماء»، للكاتب الصحفي محمد الشافعي. يتناول الكتاب معركة تأميم قناة السويس، منذ بداية التفكير في الأمر حتى صدور قرار الرئيس جمال عبد الناصر، الذي أعلنه من ميدان المنشية بالإسكندرية يوم 26 يوليو 1956، وما تلا ذلك من ترتيبات، وهو ما قام الراحل الدكتور مصطفى الحفناوي، أحد أبرز وأهم الشخصيات التي لعبت دورًا مهمًا ومؤثرًا في هذه المعركة، بتسجيله في مذكراته. كان الراحل الدكتور الحفناوي، قد قرر مواصلة دراسته العليا بكلية الحقوق، وأن تكون قناة السويس ووضعها القانوني موضوعًا لدراسته، ذلك القرار الذي فتح بابًا واسعًا نحو الإلمام بالوضع القانوني والسياسي والقومي لمشكلة القناة، كقضية مصرية ملحة، ووضعها على سبيل التحرر من الاستعمار وبناء الدولة الوطنية والقومية الحديثة. ويشير الكاتب لقناة السويس بأنها ملحمة شعب وتاريخ أمه اختصرت الجغرافيا وصنعت التاريخ، سلسلة لا تنتهى من البطولات والأبطال، وأن القناة تعتبر دومًا الأداة المهمة في سعى المصريين نحو التقدم والإزدهار والأخذ بكل أسباب الحضارة والرقي والتقدم نحو آفاق جديدة، وأن حكاوي القناة تستحق أن نرويها لنعرف كم هي عظيمه تلك الأمة، وكم هو عملاق هذا الشعب، وكي نقدم للأجيال الجديدة القدوة والمثل العليا من الإرادة والتحدي والإنجازات ليعملوا دومًا على تحطيم "شرانق العجز"، التي يضعها لنا الخصوم والأعداء. بدأت فكرة إنشاء القناة مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، وفكر نابليون في شق القناة إلا أن الفكرة باءت بالفشل، وفي عام 1854 استطاع ديلسبس في إقناع الخديوي سعيد، وحصل على موافقة الباب العالي، والذي قام الخديوي سعيد بموجبه بمنح الشركة الفرنسية امتياز لمدة 99 عامًا. استغرق بناء القناة 10 سنوات (1859 – 1869)، وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، ومات خلالها أكثر من 120 ألف منهم أثناء عملية الحفر، إثر الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة، وتم افتتاح القناة في عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة، وفي عام 1905 حاولت الشركة تمديد حق الامتياز 50 عامًا إضافية إلا أن المحاولة فشلت لاحقًا. وفي يوليو عام 1956 قام الرئيس عبد الناصر بتأميم قناة السويس، والتي تسببت لاحقًا في إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحابهم. تسببت حرب 1967 في إغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات، حتى قام الرئيس السادات بإعادة افتتاحها في يونيو 1975، شهدت القناة بعد ذلك محاولات لتوسيعها بدأت عام 1980، وكذلك فكرة تحويلها إلى منطقة خدمات لوجستية، وفي 5 أغسطس 2014 تم تدشين مشروع حفر قناة موازية للمر الملاحي الحالي بطول 72 كم، لتمكين السفن والناقلات من عبور القناة في كلا الاتجاهين في ذات الوقت، وتلافي المشكلات الحالية من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد عن 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة، وتقليل زمن رحلة عبور القناة بشكل عام، مما يسهم في زيادة الإيرادات الحالية للقناة. تعد قناة السويس أحد أهم المجاري البحرية في العالم، حيث بلغت إيرادات القناة في العام المالي (2014 – 2015) نحو 39 مليار جنيه مصري، ويمر عبر القناة ما بين 8% إلى 12% من حجم التجارة العالمية.