على مدار أكثر من 4 أشهر، تمتد فعاليات مهرجان آفاق مسرحية في عدة محافظات، ليقدم 82 عرضًا، في دورته الثالثة، تحت شعار "تحيا مصر"، والتي انطلقت 27 مارس الماضي، وتتواصل حتى 30 يوليو المقبل. يقام المهرجان بدعم وزارة الثقافة، ويرأس هذه الدورة الدكتور سيد خطاب، الرئيس السابق لهيئة قصور الثقافة، والرئيس الشرفي الدائم للمهرجان الفنان محمد صبحي، كما أن الدورة إهداء لروح عبد المنعم مدبولي، الذي جرى تكريم اسمه في حفل الافتتاح، مع الفنانين عبد الرحمن أبو زهرة وليلى طاهر. المخرج هشام السنباطي، مؤسس المهرجان، أوضح ل"البديل" أن المهرجان ينقسم إلى 4 مراحل، أولها ملتقى المحافظات، من 29 مارس حتى 25 مايو، تعرض خلالها 82 مسرحية في محافظاتها، وتتشكل لهذه العروض لجان تحكيم متخصصة، تختار العرض الفائز في كل محافظة بالمركز الأول في مسابقات المهرجان الثمانية، وهي "مسرح المونودراما، الديودراما، مسرح متحدي الإعاقة، مسرح الطفل، المسرح الإيمائي، المسرح العالمي، الكوميدي والمسابقة العامة". أضاف السنباطي: أفضل العروض تشارك في المرحلة الثانية، مرحلة ملتقى العاصمة، الذي يتواصل من 20 يونيو حتى 5 يوليو، أمام لجنة تحكيم جديدة، تختار الأفضل ليصعد للمرحلة الثالثة، التي تقام من 22-30 يوليو، وفي المرحلة الأخيرة يتم تقديم دعم مالي للعروض الخمس الفائزة؛ لإنتاج عروض جديدة، وتتضمن الجائزة فرصة العرض لموسم كامل للعروض المرتقبة على مسرح الهناجر. برر السنباطي انخفاض قيمة الجوائز إلى ألف وخمسمائة جنيه، بأنها مجرد دعم للعروض، وأن تحمل الدولة كافة نفقات الإنتاج يفقد الفرق الحرة استقلالها، فأحد أهداف المهرجان الحفاظ على كيانات الفرق الحرة. أضاف أن المهرجان يمنح أيضًا جوائز، بلا قيمة مالية، لمختلف مفردات العرض المسرحي، كأفضل مخرج ومؤلف وأداء تمثيلي وأداء حركي وديكور وملابس وإضاءة وموسيقى وتأليف وإعداد، وأفضل تصميم بوستر، تتمثل في دروع المهرجان وشهادات تقدير، كما يقدم جائرة الجمهور لأفضل عرض من خلال تصويت الجمهور على العروض التي تبث حتى نهاية يوليو، على الإنترنت عبر مدونة المهرجان. وتنضم المواهب المتميزة من الفائزين لفرقة "آفاق مسرحية"، التي يتولى إخراج أعمالها محمد صبحي. وقال السنباطي إن ميزانية المهرجان التي يقدمها قطاع الإنتاج الثقافي قيمتها 40 ألف جنيه، بعد أن كانت في العام الماضي 60 ألف جنيه، والمطبوعات ستتولاها وزارة الشباب والرياضة بتكلفة 13 ألف جنيه، هذه الميزانيات لم يصرف أغلبها للمهرجان بعد، مما اضطر إدارته إلى طبع بانارات الافتتاح والدعوات على نفقتها، ولم يحصل أعضاء لجان المشاهدة على مقابل، ولم تقدم مكافآت لجان التحكيم رغم ضآلة المقابل المادي، الذي لا يتساوي مع ما يحصلون عليه من مهرجانات وزارة الثقافة. اشتكى صاحب فكرة المهرجان من تخفيض الميزانية، التي تسببت في تقليص عدد المحافظات المشاركة، فيما كان يطمح في خطته الأولى للوصول إلى المحافظات الحدودية. انطلقت المرحلة الأولى في 15 محافظة "الشرقية والمنيا وأسوان والأقصر وقنا ودمياط وأسيوط والقليوبية والفيوم والدقهلية والسويس والإسماعيلية والقاهرة والجيزة والإسكندرية"، وتظهر جداول العروض غيابًا تامًا لمحافظتي القاهرة والجيزة، بالنسبة لعروض متحدي الإعاقة، رغم أنهما المحافظتان اللتان تتوفر فيهما مدارس ومؤسسات رعاية متحدي الإعاقة، كذلك ضعف إنتاج مسرح الطفل حتى أن عرضًا واحدًا يمثل المحافظتين في مسابقة مسرح الطفل هو "كلاكيت تاني مرة"، لفريق سات المسرحي، تأليف ناجي عبد اللله، إخراج بيشوي برسوم. فيما قدمت المحافظات عدة عروض لمسرح الطفل، ومن قنا قدم فريق النور الخاص للمكفوفيين عرض "موكب عقربان" تأليف يس الضوى، وإخراج محمد المعتصم. في إطار "ملتقى المحافظات" شهد مسرح ميامي بوسط البلد، 15عرضًا لفرق محافظتي القاهرة والجيزة، في خمس مسابقات "المونودراما، الديودراما، المسرح الايمائي الحركي، المسرح العالمي ومسرح الطفل"، شارك في لجان تحكيمها الكاتبة السعودية ملحة عبد الله، المخرجين أشرف عزب، عبد الغني زكي، عماد سعيد، والكاتب كرم النجار، ومهندسي الديكور فادي فوكيه وعباس حسين، على أن تستكمل باقي عروض المحافظتين في مسابقتي المسرح الكوميدي والمسابقة العامة على مسرح المجلس الأعلي للشباب والرياضة، من 3 إلى 18 مايو. أبرزت العروض جدية تناول القضايا والاشتباك مع الواقع، وتنوع التوجهات الفنية للعروض، ومستوى متميز للتمثيل، وإعداد النصوص، كعرض "براون" لفرقة "ن 1″، المأخوذ عن نص "الإله الكبير براون" ليوجين أونيل، سينوغرافيا وإعداد وإخراج أحمد حسن، الذي شهد مباراة تمثيلية وأداء متميز لفريقه. وقدمت عروض مسابقتي المونودراما والديودراما عددًا من الممثلين المتميزيين، وناقشت قضايا اجتماعية، أبرزها إهدار حقوق المرأة، ففي مونودراما "هي" لفرقة "صوت بلادي" تأليف وتمثيل وإخراج وفاء عبد الله، استعرضت الضغوط المفروضة على المرأة في المراحل العمرية المختلفة خلال الأدوار الاجتماعية التي تقوم بها، وبتناول أكثر حداثة وجدية قدم عرض "فرانكنيشتايناية" في مسابقة المسرح الإيمائي ثنائيًا رجل وامرأة يحاول فيه الأول غسيل مخ الثانية، ليعيد تشكيل عقلها وفق رغباته واختياراته، والعرض للثنائي نورهان خالد وأحمد حسن. وتناولت المخرجة ياسمين حمدي في مونودراما "رسائل لم تقرأ بعد" لفرقة "إحساس" أزمة الشعور بالوحدة والاغتراب، التي تدفع فتاة للتقوقع داخل ذاتها والانكفاء على سوء الفهم، ورغبة في اجتذاب اهتمام عائلتها تحاول الانتحار، فيما تكتشف بعد فوات الآوان أنها أيضًا لا تستمع للآخرين ولا تصلها رسائل اهتمامهم. أزمة الوحدة تناولها أيضًا عرض الديودراما "عبث×عبث" لفرقة "شروق" للمخرج محمد يسري، وهي من أقدم فرق المسرح الحر، وفيه يعاني البطل من وحدة اختيارية خوفًا من الثأر فيما يصور خياله صحفية تهرب إلى بيته خلال هروبها من مطاردة وتساعده في تغيير حياته للخروج من قوقعته، ليحذر العرض من استمرار أزمة الثأر التي تنال من بطله في النهاية. ومن الظواهر الجيدة في المسابقة مشاركة عدة فرق مسرحية في أكثر من مسابقة، وهو ما يعني ترسيخ أقدام هذه الفرق ككيانات مسرحية تشكل لنفسها مشروعًا فنيًا ذو ملامح متميزة، مثل فرقتي شروق والمصراوية، والأخيرة أسسها المخرج خالد العيسوي، وتشارك بثلاثة عروض في مسابقات مختلفة.