لم تكن الملكية في مصر القديمة آدمية، بل عُدت دائماً شيئاً مقدساً وحقًّا للآلهة فقط، وتجلى ذلك بوضوح في الأساطير القديمة، ومن هنا اعتقد المصريون أن كل ملك يخلف هؤلاء هو إله مثلهم، وكان الملك في مصر القديمة يُعتبر صورة للإله حورس "إله الملكية" على الأرض. فى البداية كانت الآلهة، حسب الأساطير المصرية القديم، تعيش على الأرض مع البشر، وعندما ارتكب البشر الخطيئة المتمثلة في الاعتداء والاستيلاء على قرابين الآلهة، كان لا بد من عقاب للبشر، وفي النهاية صعدت الآلهة للسماء، وتركت البشر على الأرض، وكان "حورس" آخر إله حاكم على الأرض. وجاء بعد حورس الملك "شمسو حِر" أي "أتباع حورس"، وكان الاتصال الشخصي بهذا الإله قاصراً على المقربين فقط، وابتداء من الدولة القديمة وحتي نهاية التاريخ المصري كان لهؤلاء الملوك بعض الصفات والألقاب التي تعكس أهميتهم ومكانتهم في الدنيا وتجاه الآلهة في الآخرة، وتمثلت هذه الألقاب في خمس، هي: "الاسم الحوري"، يليه "الاسم النبتي"، ثم الاسم "النسوبيتي"، ويأتي بعده اسم "حور نبو"، وأخيراً اسم "سا رع". قال الباحث الأثري، أحمد عامر، إن اختيار الملك كان يتم بثلاث طرق، أولها بالميراث، إذ يحدد الملك من يخلفه في حياته، وفي بعض الأحيان كان الملك يجعل خليفته يشترك معه في حكم البلاد أثناء حياته، أما الحالة الثانية فكان تتم بواسطة المعبودات، إذ تختار هي من يتولي منصب الملك وذلك من إشارة بردية "وستكار" وبردية "هاريس"، أما الحالة الثالثة هي الأحلام التي تعتبر نبوءات مقدسة تخبر بتولي شخص ما منصب الملك، مثل الرؤيا التي تركها تحتمس الرابع بين قدمي أبي الهول. وعن مهام الملك، أضاف "عامر" أن الديانة والطقوس لعبا دوراً مهماً في حياة الملك، حيث كان الكاهن الأعلي لكل الآلهة، ويصور دائماً في المناظر علي جدران المعابد قدما القرابين لآلهتها، متابعا: «يعد الملك ابن الآلهة وما يقدمونه من خير للبلاد، من أجل ابنهم، ما يعني أنه يمثل وسيطاً بين البشر والآلهة، وكان وحده من دون الناس سوي الكاهن الأكبر المسموح له بالدخول إلي قدس الأقداس، ويفتح له وحده أبواب الهيكل الصغير ليري والده الإله، أما عن الأعمال الإدارية فكانت ترفع إليه تقارير عن كل صغيرة وكبيرة ليري فيها رأيه، كما كان يشرف علي توزيع المنازل علي العمال، ويجوب البلاد بنفسه حال المباني والمحاجر ومحطات الآبار». وأوضح: «كان لابد من وجود موظفين كبار يعاونون الملك، يأتي علي رأسهم الوزير الذي كان بمثابة رئيساً للحكومة في عصرنا الحالي، إضافة إلى المُبلغ الذي يخبر الملك بكل ما يحدث في البلاد، وكان للملك مستشاران، ومنذ عصر الدولة الوسطي، إذا تقدم العمر بالملك أشرك معه ابنه في الحكم، وكان الملك يدير شئون البلاد من قصره»، متابعا أن التقاليد كانت تقضي باعتبار تولي الملك الحكم بدءاً لعصر جديد سعيد، ولذا كان يجب الاحتفال به في يوم رأس السنة ليكون بداية عام جديد، وكان ارتقاء الملك للعرش يصاحبه سلسلة من الطقوس والاحتفالات. وعن أول مؤامرة حيكت في التاريخ، قال: «كانت ضد الملك "بيبي الأول" من زوجته الملكة "إيمتس"، كما وجدت أيضاً مؤامرة دُبرت لقتل الملك "أمنمحات الأول" وقد وردت في نصائحه إلي ابنه الملك سنوسرت الأول».