صدر حديثًا، ضمن إصدارات سلسلة كتابات نقدية، التي تقدمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، كتاب «تجليات سرد الحياة: قراءة فى أدب نجيب محفوظ»، للناقد والروائي محمد عطية محمود، بغلاف للفنانة الدكتورة هند سمير، قدمته بلوحة للفنان جمال قطب. في كتابه الجديد يحاول محمد عطية محمود إعادة الاعتبار لأدب محفوظ القصصي، الذي ظلمه النقاد، باعتراف الأديب العالمي ذاته، لذا يعد الكتاب واحدًا من تلك القراءات المتواصلة الواعية، التي تحاول استجلاب الغالي والنفيس من إبداعات محفوظ القصصية، والتي يحرض الباحث على ضرورة تواصلها وعدم توقفها، انطلاقًا من كونها خطوطًا متوازية مع خطوط إبداع محفوظ الروائي الفارق. ويحاول الناقد عبر فصول كتابه البحث فيما أسماه "سرد الحياة"، منطلقًا من فرضية أن الإبداع القصصي لدى نجيبمحفوظ ينشغل بالحياة، وتتجسد فيه صورها المتعددة. يلفت نظرك كلمة الغلاف، التي قال فيها المؤلف: ينشغل الإبداع القصصي لنجيب محفوظ بالحياة، وتتجسد فيه صورها المتعددة، فهو يعالج منها مستويات إبداعية متدرجة منذ بدايات إبداعه، وتبعًا للمرحلة الجمالية والحالة السائدة في إبداعه بصورة عامة، بحيث توجد الحياة دائمًا ومترادفاتها ومضاداتها، فمن الحياة ينبثق الموت، ومن الموت تنبثق الحياة. صورة 1 للمؤلف سيرة ذاتية حافلة، من الناحية الإبداعية والعملية كذلك، محمد عطية محمود، قاص وناقد، عضو اتحاد كتّاب مصر، ونادي القصة المصري، محاضر مركزي بالهيئة العامة لقصور الثقافة، صدر له عدد من المؤلفات، منها: المجموعة القصصية "على حافة الحلم"، المجموعة القصصية "وخز الأماني"، المجموعة القصصية "في انتظار القادم"، رواية "دوامات الغياب"، وله تحت الطبع: "عيون بيضاء" مجموعة قصصية. من أهم الجوائز التي حاز عليها جائزة المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة المصرية عن دراسة "صور من تجليات الحياة.. قراءة في الإبداع القصصي لنجيب محفوظ"، جائزة المؤتمر الرابع للأستاذ الدكتور محمد زكي العشماوي "دورة الرواية" 2009، جائزة صندوق التنمية الثقافية للقصة القصيرة مركز الإسكندرية للإبداع 2004، جائزة جمعية الأدباء في القصة القصيرة 2007، جائزة النقد بفرع ثقافة الإسكندرية 2006، جائزة إحسان عبد القدوس في الرواية 2011، جائزة مكتبة الإسكندرية 2012 في النقد عن أعمال الكاتب المجدد محمد حافظ رجب، وجائزة اتحاد كتاب مصر في الرواية (جائزة يوسف أبورية) 2013. خلال حوار صحفي له في العام الماضي، كان من رأيه أن الرواية العربية تشهد طفرة هائلة، وتخطو خطوات واسعة نحو التعانق مع مفهوم الرواية العالمية، التي تقترب من العمق المحلي وتقدمه بكل سلاسة وانطلاق، بعيدًا عن الأساليب المنغلقة التقليدية، التي ربما كانت سائدة أو موجودة على أقل تقدير "ولا شك أن الساحة مليئة بالأصوات المبدعة الروائية القادرة على ملء الفراغ الإبداعي وتقديم زخم الحياة العربية وسبر غور قضاياها وإشكالياتها بالشكل الذي يعبر عنها ويقدمها للعالم في ثوب راق، يجتذب حركة الترجمة وحركة التواصل، وتقديم الرواية العربية للعالم بشكل أكثر قبولا وقدرة على التواصل.. وتأثيرا في التراث الإنساني لأن العالم الروائي هو الأقدر على صهر العديد من القضايا وبلورتها وتقديمها". لكن بيّن أن المشهد ملتبس، وفيه الكثير من التناقضات، برغم بعض المحاولات الجيدة للخروج من عنق هذه الحقبة بمفاهيم جديدة قد تغير وتدفع إلى الأفضل.. "بالفعل هناك تشويش وهناك استدراج للعديد من الأقلام كي تقتحم المشهد قبل نضوجه، تلك أمانة الكتابة/ الثقافة التي ينبغي أن تتسم بالوعي وعدم الاستعجال لاقتحام مشهد لم ينضج، وفي الوقت ذاته هناك بعض الأعمال الأدبية التي نجحت في التعبير عن تلك الحقبة الآنية لسرعة تطور الأحداث وتداول أخبارها ومستجداتها، تبعا لآليات العصر الذي نعيشه..". وعن أول إبداعاته المطبوعة "على حافة الحلم"، يقول: هي بداية الحلم الإبداعي، ونقطة الانطلاق لكاتب شاب، كان يراوغ الشعر ويراوغه، حتى تمكن منه السرد وعشقه للقصة القصيرة؛ لينتج هذه الإرهاصة المهمة والدافعة لمشروع إبداعي سردي متكامل.. وهو ما كان مبشرا، وقد عمَّدها شيخ نقاد الإسكندرية الراحل الدكتور محمد مصطفى هدارة، بدراسة نقدية ومناقشات مستفيضة في العام 1988 قبل طباعتها بنحو 15 عاما! ويشاء القدر أن ينفض عنها الغبار وتطبع بعدما تفرقت قصصها وأوشكت على الاندثار، لكنها جدارة الحلم بالتحقق. كما يعتبر مجموعته "وخز الأماني"، هي القشة المتينة "التي انتشلتني وأثبتت قلمي، وثبتتني في وجه الرياح العاصفة، هي براءة المبدع من 10 سنوات عجاف، ويكفيها أنها كانت همزة الوصل بين كتابتي للقصة القصيرة، وكتابتي للرواية، وتشبثي بالحلم الأدبي".