في الوقت الذي تطالب فيه الإدارة الأمريكية العديد من دول العالم بمراعاة حقوق الإنسان والأقليات والديمقراطية، لا تحترم الولاياتالمتحدة وشرطتها أيًا من هذه الحقوق التي طالما نادت بها خارج حدودها، حيث شهدت ولايات أمريكية في الأعوام القليلة الماضية احتجاجات عارمة على عنف الشرطة بحق شبان من أصول أفريقية. العنصرية الأمريكية "لدي حلم" هذه العبارة رددها الزعيم الأمريكي الراحل مارتن لوثر كينغ أمام الملايين في ستينات القرن الماضي، وبعد أكثر من 50 عاما لم يتحقق الحلم، ولا يزال الشرطي الأمريكي الأبيض يقتل المواطن الأمريكي الأسود. تعددت جرائم الشرطة الأمريكية خلال الفترة الأخيرة ضد الشبان السود في مدن عدة أكثرها فيرجسون وأظهرت إحصاءات نشرتها الصحف الأمريكية أن المواطنيين السود يمثلون 93 % من الاعتقالات في الفترة بين عامي 2012 و2014 في مدينة فيرجسون، رغم أن نسبتهم بين السكان تشكل 67% فقط من إجمالي عدد سكان المدينة، لكن الجريدة الأمريكية "نيويورك تايمز" أكدت أن هناك مدن أخرى تشهد عنصرية أكثر من فيرجسون. وأوضحت دراسات أخرى أن إحتمال تعرض رجل ذا بشرة سمراء إلى دخول السجن بتهمة ما أو بأخرى تصل لنسبة 32%، بينما تنخفض هذه النسبة لذوي البشرة البيضاء إلى 6 % فقط، ويشكو المواطن الأمريكي الأسود من وضعه داخل السجون لعدة شهور ويتم تعذيبه بسبب مخالفات جرائم لا تتعدى مخالفات إدارية أو مرورية، ويقول أمريكيون أنهم غضبوا من الحديث كثيرًا حول مدينة فيرجسون، بينما هناك مدن كثيرة أكثر عنصرية ويواجه السود فيها لمشاكل كثيرة. مقتل براون يكشف العنصرية الأمريكية أشعل مقتل براون في أغسطس الماضي الاحتجاجات الأمريكية ضد العنصرية، إذ لقي براون وهو من أصول إفريقية مصرعه بعد إطلاق النار عليه 6 مرات على الأقل من قبل ضابط شرطة يدعى " دارن ويلسون" وهو أبيض البشرة، أدى إلى حركة احتجاج شعبية تحولت إلى عمليات نهب للمحال التجارية في مدينة فيرجسون، ما استدعى تدخل القوات الأمريكية الخاصة ورجال الشرطة لفرض النظام، وتم إغلاق المنطقة ومحاصرتها لوقف حالات النهب والتخريب التي رافقت الاحتجاجات. في منتصف أغسطس الماضي استعملت الشرطة الغاز المسيل للدموع والقنابل لتفريق المحتجين على مقتل الشاب براون في فيرجسون بضاحية سانت لويس، وبدأت الشرطة بتفريق المتظاهرين قبل نحو ثلاث ساعات من موعد سريان حظر التجوال الليلي في حي سانت لويس حيث تجري الاضطرابات، بينما رفع بعض المتظاهرون لافتات تندد بعنف الشرطة، بحسب ما أظهرت مشاهد بثتها محطات التلفزيون. الشرطة الأمريكية والاعتداء على المواطنيين في مدينة سانت لويس على بعد 6 كيلومتر فقط من مدينة فيرجسون المشتعلة بالاحتجاجات، لقي المواطن الأمريكي الأسود الثاني كاجيمي باول (25 عاما) مصرعه عندما حاولت الشرطة توقيف شخص قالت إنه يشتبه بضلوعه في أعمال نهب أحد المتاجر، وقد أظهرت لقطات فيديو تم نشره على شبكة الإنترنت أن الضابطان أطلقا النار بسرعة جدًا دون التأكد من أنه سينفذ عمليات تخريبية أم لا، هذا الحادث إضافة إلى لقطات فيديو لعملية سابقة تظهر مقتل رب أسرة أمريكي خنقا، وعمليات القمع التي ينفذها رجال الشرطة، كلها ساهمت في امتداد نار الاحتجاجات إلى خارج ولاية ميزوري، حيث تظاهر في نيويورك الآلاف احتجاجا على مصرع غارنر، وهو رب عائلة أسود لقي مصرعه خلال اعتقاله. مقتل أمريكي أسود آخر عادت الاحتجاجات مرة أخرى خلال اليومين الماضيين بعد حادث مقتل شاب أسود آخر في أتلانتا بالولاياتالمتحدة، حيث استجاب أحد الضباط لنداء شخص قال إن هناك رجلا "يتصرف بشكل مزعج ويدق الأبواب ويزحف على الأرض عاريا"، ما قابله الضابط ذات البشرة البيضاء بامتعاض شديد، وعندما قابل الرجل في موقف للسيارات وهو عار تماما، أمرة بالركوض و أطلق عليه الرصاص فأوقعه قتيلًا. العدل الأمريكية تقر بوجود العنصرية وفي الفترة الأخيرة، كشف وزير العدل الأمريكي إريك هولدر عن نتائج تحقيق مفصل خلص إلى أن شرطة فيرجسون في ولاية ميزوري تنخرط بشكل ممنهج في ممارسات عنصرية ضد المواطنين من ذوي البشرة السوداء، ورغم هذه النتائج إلا أن التقارير برأت رجل الشرطة الأمريكي الأبيض دارن ويلسون المتهم في واقعة قتل الشاب الأسود الأعزل مايكل براون بالرصاص في فيرجسون أغسطس الماضي. وعلى إثر تقرير وزارة العدل الأمريكية اشتعلت الاحتجاجات مرة أخرى، مما أدى إلى استقالة توماس جاكسون قائد شرطة مدينة فيرجسون ورئيس بلدية فيرجسون جون شو.