لم تهطل الأمطار كثيراً في غزة، لتتحول بعض الشوارع والمناطق السكنية إلى برك من المياه التي تجمعت أمام البيوت وغطَّت كرفانات الإيواء التي يسكن بها النازحون الفلسطينيون حراء العدوان الأخير على القطاع. آلاف من المشردين الذين كانوا قد لجؤوا إلى هذه الكرفانات قد نزحوا مجدداً ليبتعدوا عن مياه الأمطار التي أغرقت هذه الصناديق الكبيرة تماماً، في ظل وجود أزمة حقيقية في البنية التحتية في القطاع، وعدم قدرة السلطات على تأمين مساكن آمنة لهؤلاء المواطنين المهجَّرين قسراً بفعل ما قام به الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة. المواطن أبو صلاح قال للبديل أنَّ أحوال الناس في قطاع غزة سيئة للغاية، وأنَّه لا شيء سوف يحميهم من قسوة الشتاء الذي يتمناه الجميع، إلا أنهم لا يريد أن يرى الناس وهم يغرقون بفعل الأمطار التي بدأت بالهطول في القطاع، وتابع أبو صلاح حديثه قائلاً: وضع الناس في خزاعة جنوب القطاع صعب للغاية، وقد شاهدت الكرفانات تغرق بالكامل، هذا في الوقت الذي لم تنزل فيه الكثير من الأمطار على القطاع، فكيف سيكون الحال إذا ما ازدادت كمية الأمطار التي سوف يستقبلها القطاع؟، وأكد أبو صلاح على أنَّ الجميع يجب أن يقفوا عند مسؤولياتهم، وأنه لا بد من إيجاد حل لمئات الأسر التي لا تعرف كيف تحمي أطفالها. وفي ذات الوقت، كان المواطن جمال حمدان قد حاول أن يخرج أبناءه باكراً من الكرفان حتى لا يغرقوا تحت مياه المطر، وقال إنه لا يعرف إلى أين وإلى من سوف يلجأ لإيجاد حل لهذه المشكلة التي تتفاقم مع قدوم فصل الشتاء، في ظل تقاعس دولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يجدون مأوى آمن إلى الآن. وأضاف حمدان: "لقد اختلطت مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي وأغرقت الملابس والفراش، ما جعلنا نخرج تحت زخات المطر، وبقينا في الشوارع دون مأوى". وتسبب تدمير البنية التحتية وتجريف الطرقات لغرق معظم طرق بلدة خزاعة والطرق الأخرى المؤدية لها، نتيجة تجمع المياه بكميات كبيرة وسطها، وعرقل حركة المشاة والمركبات منها وإليها، فيما تحولت بعض الطرقات لوحل، نتيجة غزارة الأمطار.. وفي منطقة الزنة المدمرة (أحد أحياء بلدة بني سهيلا) شرقي خان يونس، دخلت المياه لمعظم المنازل المدمرة بشكل جزئي، وللخيام البديلة التي أقامها السكان، ما دفعهم لتكرها والخروج منها، فيما غمرت المياه معظم الطرقات وأغلقتها، قبل أن تتدخل البلدية وتعالج بعض المشكلات، فيما غرقت مناطق "أل شاهين، أبو عنزة، أبو طعيمة، عصفور، الشواف، أبو دقة، قديح" في بلدتي عبسان الكبيرة والصغيرة، وهي مناطق تعرضت للتجريف والتدمير والقصف خلال العدوان، ما أدى لمحاصرة بعض السكان، ونزوح آخرين، لعدم وجود قنوات لتصريف المياه، وتدفقها إلى داخل الكثير من المنازل. ويؤكد السكان أن معظم منازل المناطق المذكورة تعرضت للقصف المباشر، وأخرى للتجريف، والمنازل التي لم يطالها القصف والتجريف تصدعت وتحطمت نوافذها وتشققت جدرانها، وبعضها انهار، ما جعلها عرضة لسريان المياه بداخلها. وناشد سكان تلك المناطق بتدخل فوري وعاجل لإنقاذهم من خطر البرد القارص الذي يتهدد حياتهم وحياة أطفالهم على وجه الخصوص، والإسراع في الإعمار وترميم البنية التحتية الهشة لتلك المناطق بفعل القصف والتدمير والتجريف.