أعاد البرلمان الليبي المنتخب في طبرق الأسبوع الماضي تكليف عبد الله الثني، بتشكيل حكومة جديدة، في حين قدم عمر الحاسي، الموالي للإسلاميين تشكيلة حكومية منافسة للحكومة الأولى التي تخضع لسلطة البرلمان المنتخب الذي يتخذ من طبرق مقرًا له، وقد وافق المؤتمر الوطني المنتيهة ولايته على تشكيلة الحاسي، وذلك في خطوة ترسخ الانقسام السياسي في ليبيا. وكلف المؤتمر الوطني الذي يهيمن عليه الإسلاميون وحل محله رسميًا البرلمان المنتخب في يونيو، الحاسي بتشكيل "حكومة إنقاذ" في 25 أغسطس، لتكون حكومة مماثلة للحكومة الرسمية التي تعمل حاليا من مدينة طبرق شرق البلاد، وتتضمن التشكيلة الحكومية الموازية 19 حقيبة وزارية تولى مسؤوليتها أشخاص غير معروفين لعامة الليبيين. وعلى إثر ذلك، تشهد البلاد حالة انقسام سياسي بوجود حكومتين ومجلسين تشريعيين، وكان رئيس حكومة تسيير الأعمال الليبية عبد الله الثني، قد تقدم باستقالته من منصبه لمجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق شرقي ليبيا، و أثار ذلك ردود أفعال عدة على المستوى المحلي لجهة تقييم الاستقالة. ويرى محللون أن حكومة الثني، فشلت في إدارة الملفات المحلية منذ توليها السلطة، خاصة في مجالي الأمن والخدمات، وكذلك لم تستطع تقديم ليبيا بوجه دبلوماسي دولي يليق بها بعد ثورة السابع عشر من فبراير 2011، كما تعرّضت لهزات عنيفة بسبب استقالات بعض وزرائها، بل اتُهِم البعض الآخر بالتحيّز لطرف سياسي، وهو حزب تحالف القوى الوطنية، والتيار الفيدرالي الداعمين ل"عملية الكرامة"، في بنغازي والمؤيدين لمليشيات "الصواعق" و"القعقاع" و"المدني" في طرابلس، ضد قوات "فجر ليبيا" في العاصمة الليبية و"مجلس شورى الثوار" في بنغازي. ويشير محللون إلى المواقف السلبية لحكومة الثني أخيرا من العمليات العسكرية في طرابلسوبنغازي، فهي لم تندد ببيان واحد بما قام به اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بمحاولته الدخول بمليشياته إلى بنغازي في السادس عشر من مايو الماضي، بحجة القضاء على قواعد الإرهاب والتطرف فيها وقصف بنغازي ودرنة بطائرات حربية تابعة للدولة رغم كونه متقاعدا. ومع إعلان المؤتمر الوطني استئناف جلساته مؤقتًا استجابة لدعوة من قيادة قوات فجر ليبيا، بعد بسط سيطرتها على طرابلس وطرد مليشيات الصواعق والقعقاع والمدني المتحالفة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يشن حملة عسكرية على الثوار في الشرق تحت مسمى "عملية الكرامة". من جهة أخرى، أعلن ثوار العاصمة الليبية طرابلس تشكيل "مجلس شورى ثوار طرابلس الكبرى"، يضم الكتائب المقاتلة من منطقة جنزور غربا حتى منطقة القره بولي شرقا، وأكد المجلس الجديد- في بيانه الأول- أنه سيعمل على تصحيح مسار ثورة فبراير واستكمال أهدافها، كما أكد نبذه الإرهاب والتطرف. ويلفت المحللون إلى أن مجلس النواب الحالي المنعقد في طبرق، والذي يعاني هو الآخر من أزمة دستورية، قد تعصف به الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية حال حكمها بعدم دستورية إجراءات التسليم والتسلّم بينه وبين المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق)، قد ضغط على الثني أو طلب منه تقديم استقالته للمجلس مقابل وعده بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك نتيجة الإخفاقات العديدة المحلية والخارجية، وأظهرت الاستقالات الحكومة أمام الرأي العام المحلي والدولي في حالة شلل وعجز، ولا قدرة لها على الاستمرار بثلاثة أو أربعة وزراء فقط. في المقابل، يرى متابعون للشأن السياسي الليبي أن استقالة حكومة تسيير الأعمال ما هي إلا مناورة قام بها الثني، تحديداً بعد عودة "المؤتمر" الذي قد يتقاسم السلطة التشريعية مع مجلس نواب طبرق، بل وتكليفه لعمر الحاسي، من بنغازي بتشكيل حكومة أزمة. ويضيف هؤلاء أن الثني، اتجه لهذه الخطوة بعد أن بدأت حكومته تفقد قدرتها على الحركة والفعل التنفيذي داخليا، وعدم قدرتها على إقناع الرأي العام الدولي، بل إن بعض الدول يراها طرفا من أطراف الصراع السياسي والاقتتال الداخلي.