قفز إلى ذاكرتى هذا المقطع من الأغنية الشهيرة "وين الملايين.. الدم العربى وين.. الشرف العربى وين.. الجيش العربى وين.. " والتى أبدعت فيها جوليا بطرس وأمل عرفة وغيرهن من فريق العمل. حاولت أن أقارن بين المشهد الراهن وما سبقه، ففى حدود معلوماتى لم أرى جماهير تخرج للشارع لإعلان تضامنها مع الشعب العربى الفلسطينى فى مواجهة العدوان الصهيونى البربرى والوحشى ,سوى فى اليمن وتونس!!. وأنا وغيرى كثيرون تعلموا ومارسوا أن القضية الفلسطينية هى قضية العرب المركزية، وقد مثلت بلاد الشام ومنها فلسطينالمحتلة ضرورة من ضرورات الأمن القومى، وخط الدفاع المهم عن مصر, منها جاءت غزوات الطامعين واندحرت. وعليه, لا يتوجب إختزال القضية الفلسطينية, والشعب الفلسطينى فى حركة "حماس" التى ارتكبت دون جدال الكثير من الخطايا فى حق الشعب الفلسطينى قبل الشعب المصرى وجنود جيشه البواسل. ولا مكان هنا للشماتة, ولكن وجوب التضامن مع شعبنا فى كل فلسطينالمحتلة, ومع كل مقاومته لهذا العدوان الوحشى والبربرى, حيث أتاحت وحدة الصف فى مواجهة الكيان الصهيونى، من كافة الفصائل, المزيد من قدرة شعبنا العربى فى فلسطين, بما قد يتوافر من قدرات قتالية, أرعبت هذا الكيان الغاصب, وفرضت عليه معطيات صعبة وغير مسبوقة. ولا يتوجب فى أى لحظة تجاهل حقيقة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ومن خلفها الكيان الصهيونى, هما العدو المركزى للأمة العربية, وسبب ما لحق بها من ويلات وكوارث, وما زالت الحرب الممتدة معهما "حرب وجود" وليس مجرد حدود. وفى كل المواجهات الحقيقية مع الكيان الصهيونى تتأكد حقيقة أنه ليس كما يحاول البعض من المطبعبن والرجعيين. الجيش الذى لا يقهر. بل على النقيض تتبدى مؤشرات النيل منه وهزيمته فلو صدقت الإرادة ووحدة الموقف والمصير. وبطبيعة الحال, لست مع مواجهة عسكرية قد ينجر لها الجيش المصرى فى ظروف غير مواتية ومعركة تفرض عليه فى غير موعدها, وتخدم مصالح من يتربص بهذا البلد. ولكن ما يشعرني بالخزى والعار هو ردة الفعل العربى عامة, خاصة ما يسمى بجامعة الدول العربية, وكثير من المواقف العربية الرسمية المطالبة بوقف "العنف من الجانبين"!! مساوية فى ذلك "بين الضحية والجلاد " وتمنع شعب أعزل من مواجهة آلة حرب بربرية , تهدم البيوت على سكانها, دون رحمة ولا شفقة أو أدنى مشاعر انسانية. ومع أهمية الموائمة بين ضرورات الأمن الوطنى, وسرعة مناصرة الشعب العربى الفلسطينى فى هذه المحنة, يتوجب تدارس كافة السبل وأشكال الدعم, تحت عنوان عدم التضييق والمشاركة فى الحصار المضروب حوله, فالحقيقة نحن: كل الأمة العربية شركاء مع هذا الشعب العربى فى كل فلسطينالمحتلة, ولسنا وسطاء, ولا يتوجب أن تستمر هذه الصيغة المنافية لوحدة المصير مع عدو مسترك. حتى وإن توهم البعض غير ذلك, والمطلوب تقديم كافة الدعم الطبى ونقل الحالات الحرجة إلى أقرب مراكز للعلاج فى هذا البلد أو ذاك, وسرعة دخول القوافل الطبية والعلاجية وكافة ما يحتاجه أبناء هذا الشعب لدعم صمودهم ومواجهة هذه الهجمة البربرية الشرسة, بلا أى قيود سوى ما يضر الأمن الوطنى. رغم كل الظروف الصعبة, فقد كانت فرصة حقيقية لفرز المواقف وبيان حقيقة نوايا ومنطلقات من يروجون لها ويسعون لتسويق ذلك تحت ستار استغلال أخطاء حماس، فالشعب الفلسطينى أكبر وأهم من فصيل بعينه وبكل ما ارتكب من خطايا وجرائم . وفى التحليل الأخير, فهذه المعركة الدائرة ,كغيرها من المواجهات السابقة عليها, يمكن القول بأنها ليست بمنأى عن محاولات كل القوى المعادية للأمة العربية لكسر إرادة الشعب العربى الفلسطينى توطئة لفرض تسوية "سياسية" مذلة ومهينة تنهى هذه القضية، وكافة الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف, وفى القلب منها: حق العودة لديارهم ومساكنهم, وهو ما تتحمل عصابات الكيان الصهيونى كامل المسئولية القانونية والأخلاقية والسياسية والمادية عما سببته لهذا الشعب من عذابات التشريد داخل الوطن وخارجه. وطالما الكيان الصهيونى مازال يرفع شعار "من النيل للفرات" ستبقى المواجهة مستمرة وتستهدف دولاً عربية أخرى حتى وإن لم ترغب فى مواحهة عسكرية, ولكنها حتماً ستفرض عليها إن أجلاً أو عاجلاً. كل المجد للمقاومة الصابرة والمقاتلة.. كل الخلود للشهداء الأبرار.