الذهب يواصل الصعود.. موجة ارتفاع جديدة تهز الأسواق اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025    رابط استيفاء النموذج الإلكتروني للمخاطبين بقانون الإيجار القديم    قيادي بحزب مستقبل وطن: قمة شرم الشيخ جسدت دور مصر في إحلال السلام وإنهاء أزمات المنطقة    مستشار الرئيس الفلسطيني: نأمل أن تكون قمة شرم الشيخ انطلاقة سياسية تنهي الصراع    تشكيل ألمانيا الرسمي أمام ايرلندا الشمالية في تصفيات أوروبا لكأس العالم    السيطرة على حريق هائل بمصنع فايبر في سنديون دون وقوع إصابات    حالة الطقس غدا الثلاثاء 13/10/2025 الأرصاد: رطوبة معتدلة وأجواء جافة غدًا    إقبال كبير على تذاكر حفل آمال ماهر فى مهرجان الموسيقى العربية    أحمد أبو هشيمة: ما بين الرئيس وربه هو سر إنجازات مصر وقيادتها للحلم العربي    هل تجب الزكاة على المال أو الذهب الموروث؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    محافظ المنوفية يتابع منظومة التصالح على مخالفات البناء وتقنين أراضي أملاك الدولة    الرئيس الفلسطيني يبحث مع عدد من قادة الدول اتفاق وقف إطلاق النار ومنع ضم الضفة    انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب.. و«شمس الدين الحجاجي» شخصية العام    وزير خارجية النرويج: قمة شرم الشيخ للسلام محطة بالغة الأهمية    هل تنفَّذ وصيّة الميت بمنع شخص من جنازته؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل لبس الأساور للرجال حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    الرئيس السيسي يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع إيطاليا في مختلف المجالات    رونالدو أحدهم.. مبابي يكشف لأول مرة أسباب رفضه ريال مدريد في الصغر    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    في ضربة مدوية.. استقالة أمين عام "حماة الوطن" بالمنيا لاستبعاده من ترشيحات الحزب لانتخابات النواب    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي للطبيبات    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    المشدد 3 سنوات لعصابة تتزعمها سيدة بتهمة سرقة موظف بالإكراه فى مدينة نصر    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    بيطري الإسماعيلية يشرف على ذبح 1646 رأس ماشية و2 مليون طائر    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من أبوجا النيجيرية لبحث التعاون    وزير الري: مصر كانت وما زالت منبرًا للتعاون والعمل العربي والإسلامي المشترك    إلهام شاهين لاليوم السابع عن قمة شرم الشيخ: تحيا مصر عظيمة دايما    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    التوربينات تعمل بشكل محدود، خبير يكشف تأثير زلازل إثيوبيا ال7 على سد النهضة    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    وزير الشباب والرياضة يلتقي إنفانتينو على هامش حضوره مؤتمر السلام بشرم الشيخ    محافظ الوادي الجديد يشارك فى مؤتمر الابتكار العالمى للأغذية الزراعية بالصين    تكريم أفضل طلاب الجامعات الملتحقين ببرنامج التدريب الصيفي بوزارة الرى    خالد جلال ضيف بودكاست كلام فى السينما مع عصام زكريا الليلة على الوثائقية    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    استبعاد لياو من المشاركة مع البرتغال ضد المجر فى تصفيات كأس العالم    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    رئيس الوزراء يُتابع جهود تنفيذ الإجراءات الخاصة بخفض الانبعاثات والتحول الأخضر المُستدام    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    ماكرون: سنلعب دورا في مستقبل قطاع غزة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    «أسير» و«دورا».. عروض متنوعة تستقبل جمهور مهرجان نقابة المهن التمثيلية    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    ضبط 4500 بطاقة تموينية قبل استخدامها في عمليات صرف وهمي بالجيزة    ضبط 9 متهمين وتشكيل عصابي تخصصوا في سرقات السيارات والدراجات والبطاريات بالقاهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    استبعاد فيران توريس من معسكر منتخب إسبانيا قبل مواجهة بلغاريا    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    انتظام اللجان الخاصة بالكشف الطبي لمرشحي انتخابات مجلس النواب بالأقصر    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    راحة فورية.. 7 مشروبات تذيب البلغم وتطرده من الصدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحولات عنيفة: الأزمة المتصاعدة بين الحركات الطلابية والسلطة في مصر
نشر في البديل يوم 15 - 12 - 2013

منذ عقود وتعبر ثنائية الحركة الطلابية والعمل السياسي عن علاقة إشكالية في الحالة المصرية، فالمعادلة معقدة بين طرفين (الطلاب والسلطة). يسعي الطلاب إلى الحصول على المزيد من الحريات السياسية داخل الجامعة، بينما ترغب السلطة الحاكمة في تأطير العمل السياسي للحركة الطلابية، وتحديد الحيز المتاح لذلك العمل السياسي، وهذا النموذج كان أكثر حضورًا إبان عهدي السادات ومبارك، بيد أن المأزق الحقيقي في تلك المعادلة أن الحركة الطلابية لا يمكن التعامل معها بمنطق انعزالي عن التحولات التي يمر بها المجتمع المصري؛ إذ إن الحراك السياسي للطلاب انعكاس لمتغيرات الواقع السياسي.
وفي هذا الصدد شكلت ثورة يناير 2011 تحولات جوهرية على صعيد الحركة الطلابية، فقد شارك طلبة الجامعات بكثافة في أحداث الثورة، وما تبعها من أحداث، ومثلوا رقمًا هامًّا في المشهد السياسي، ومع سقوط جماعة الإخوان المسلمين في 30 يونيو 2013 بدت الحركة الطلابية أكثر تأثرًا بما يجري؛ إذ إن منحى التظاهرات داخل الجامعات متصاعد في خضم مطالب متنوعة ترفعها الحركة الطلابية بصورة تطرح تساؤلا أساسيًّا حول إمكانية دفع تلك التطورات نحو نشوء حركة طلابية موحدة تتجاوز الخلافات الأيديولوجية بين أطيافها، وتضغط على السلطة الحاكمة لتحقيق مطالبها بما تنطوي عليه من تباينات.
الحركة الطلابية وسياق ما بعد 30 يونيو
قد يستدعي تحليل الحركة الطلابية في الوقت الراهن التعاطي مع ثلاثة أبعاد رئيسية؛ البعد الأول يعبر عن الظروف السياسية التي تمر بها الدولة المصرية في الآونة الأخيرة، وانعكاساتها على الحركة الطلابية في الجامعات، ويرتبط البعد الثاني بموقف السلطة الحاكمة، وتقديرها لحدود الدور السياسي للطلاب، فيما ينصرف البعد الثالث إلى الحركة الطلابية في حد ذاتها، والمطالب التي ترفعها في وجه السلطة الحاكمة.
أولا الواقع السياسي: يتسم الواقع السياسي المصري في الفترة اللاحقة على 30 يونيو 2013 بحالة من السيولة الشديدة، وتزايد حدة الاستقطاب المجتمعي بين مؤيد لخارطة الطريق التي أعلنت عنها القوات المسلحة في الثالث من يوليو، ومعارض لها، ناهيك عن خوض طرفي الأزمة -سواء من السلطة الحاكمة والداعمين لها، أو من جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها- حالة أشبه ما تكون بصراع وجود في خضم مباراة صفرية يأبى فيها أي طرف تقديم أي تنازلات يمكن البناء عليها لتحقيق الاستقرار الغائب عن الدولة.
وبالتزامن مع الاستقطاب السائد في المجتمع تنامت مؤشرات العنف في الشارع المصري، فقد أوضح تقرير أصدره المركز التنموي الدولي عن العنف والإرهاب السياسي في مصر خلال شهر أكتوبر 2013 أن المجتمع شهد 1072 حالة عنف وإرهاب سياسي (تراوحت بين الاشتباكات الجماعية، والتصدي للمظاهرات، وفضها، فضلا عن الهجمات الإرهابية المسلحة، واستهداف الأفراد والممتلكات) منذ بداية شهر أغسطس وحتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، حيث يحتل شهر أغسطس المرتبة الأولى في تلك الأحداث بنسبة 52%، يليه شهر أكتوبر بنسبة 27%، ثم شهر سبتمبر بنسبة 21%.
وتكمن المعضلة في تلك المعطيات فيما خلفته من تداعيات على الحركة الطلابية، فمن ناحية لم يلبث الاستقطاب السياسي أن امتد للفضاء الجامعي ليزيد من حدة الانقسامات داخليًّا، ومن ناحية أخرى تداخلت أعراض العنف التي تشهدها الدولة مع المشهد القائم داخل الجامعات لتقع هناك أحداث عنف. فعلى سبيل المثال أشار تقرير المركز التنموي الدولي عن العنف إلى أن الاشتباكات التي حدثت بين الطلاب المناصرين للإخوان وغيرهم من الطلاب المعارضين لهم بلغت 49 اشتباكًا خلال شهر أكتوبر الماضي.
ثانياالسلطة الحاكمة: كثيرًا ما تقدم سياسات السلطة الحاكمة مدخلا لفهم مواقف الحركة الطلابية؛ إذ إن السلطة الحاكمة لديها أطر فكرية مغايرة لتلك التي يؤيدها قطاع عريض من الفئات التي تشكل الحركة الطلابية، فالحكومة تمتلك مفردات خاصة بها، مثل التأكيد على هيبة الدولة، وهو المفهوم الذي ينسحب على كافة مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات التعليمية، بصرف النظر عن الرؤى السياسية للطلاب، لا سيما مع التقديرات الرسمية التي ترى أن الطلاب المؤيدين لجماعة الإخوان يمكن أن يمثلوا تهديدًا للسلطة الحاكمة من خلال تظاهراتهم المستمرة التي لم تعد مقتصرة على الجامعات، ولكنها امتدت لفضاءات أخرى كانت من قبيل المحظورات، مثل دخول ميدان التحرير.
وكشفت الأُطر الفكرية للسلطة الحاكمة عن اقتناع راسخ بالمقاربة الأمنية في التعامل مع قضايا هي سياسية بالأساس تتطلب مقاربة أكثر رشادة، وهكذا أسفرت هذه المؤشرات عن إرهاصات توتر في العلاقة مع الحركة الطلابية بدأت مع الحديث عن منح الضبطية القضائية للأمن بالجامعات، واستمرت مع قرار الحكومة بوجود قوات الشرطة بجانب عدد من الجامعات، فضلا عن التعامل الأمني مع المظاهرات الطلابية بصورة دفعت العلاقة بين الطرفين إلى التصعيد.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أحداث جامعة القاهرة يوم 28 نوفمبر الماضي للتدليل على التأزم في العلاقة بين الحركة الطلابية والسلطة الحاكمة، فقد تعاملت السلطة مع تظاهرات الطلاب بالجامعة من منظور أمني، وأدت الأحداث إلى مقتل طالب بكلية الهندسة. من جانبها صعّدت الحركة الطلابية من نبرة انتقادها للحكومة، وتمت المطالبة بالتحقيق فيما جرى، ومحاكمة المسئولين، كما صدر بيان باسم جامعة القاهرة موقع من قبل رئيس الجامعة تضمن "إدانة قيام أجهزة الأمن بالاعتداء على جامعة القاهرة، وإطلاق قنابل الغاز والخرطوش داخل الجامعة وكلية الهندسة، مما أدى إلى مقتل الطالب بكلية الهندسة، وإصابة طلاب آخرين".
ثالثا الحركة الطلابية: الاسترجاع التاريخي لمواقف الحركة الطلابية يعبر عن درجة من التماهي بين الحركة والقضايا الوطنية التي كانت تشغل المجتمع المصري بأسره، وهذا النموذج كان حاضرًا إبان فترة الاحتلال البريطاني لمصر، وخلال الفترة التي أعقبت هزيمة يونيو 1967، ومن ثم كانت للحركة الطلابية أجندة وحدوية تتقاطع في الكثير من مفرداتها مع الأجندة المجتمعية، وحتى في أثناء الضغوط التي كان يفرضها نظام مبارك على الحركة الطلابية كانت تمتلك موقفًا سياسيًّا وأجندة شبه موحدة تلخصت في المطالبة بإخراج الأمن من الجامعات، وإطلاق الحريات السياسية عبر تعديل اللائحة الطلابية، وإيقاف التدخل في الانتخابات الطلابية.
الحركة الطلابية ومتغيرات ما بعد 30 يونيو
بعد الثلاثين من يونيو 2013 اتضح أن هناك ثمة متغيرات على صعيد الحركة الطلابية من الممكن اختزالها في النقاط التالية:
- تمثل الفئات الملتحقة بالجامعات شريحة ممتدة أفقيًّا في كافة شرائح المجتمع، وبالتالي فهي تدخل الجامعة وهي محملة بقضايا المجتمع برؤى مختلفة، يضاف إلى ذلك ثورة التوقعات التي خلفتها ثورة يناير لدى الشباب، وهكذا بدا أن الشباب الذين يشكلون الحركة الطلابية يمتلكون مرجعية فكرية تختلف كثيرًا عمن يتولون مقاليد السلطة، ويعتبرون الإجراءات التي تتخذها السلطة بمثابة قيود مفروضة عليهم.
- يوضح استقراء خريطة التيارات داخل الحركة الطلابية اختلافات جوهرية، وفي هذا الإطار يمكن الاعتماد على الموقف من خارطة الطريق التي أعلنت عنها القوات المسلحة في 3 يوليو الماضي كمعيار للتمييز بين مكونات الحركة الطلابية في الفترة الراهنة، حيث يوجد تيار مؤيد لخارطة الطريق (يتضمن قطاعًا من الطلاب غير المنتمين سياسيًّا لأي حزب، أو تيار سياسي، وقطاعًا من الطلاب المنتمين لأحزاب تشكل عناصر رئيسية في تحالف الثلاثين من يونيو)، ويدافع عن دور القوات المسلحة، ورموز المؤسسة، وخاصة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وينطلق هذا التيار من قناعة بأن ما حدث في 30 يونيو 2013 كان ثورة على غرار ثورة يناير 2011.
بينما يوجد تيار آخر يتكون بالأساس من الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين والمؤيدين للجماعة؛ حيث يتبنى هذا التيار موقفًا معارضًا لخارطة الطريق، واعتبار ما حدث في 30 يونيو و3 يوليو 2013 "انقلابا" للإطاحة بالرئيس المنتخب، لذلك أسس هذا التيار رابطة عُرفت باسم "طلاب ضد الانقلاب".
وسرعان ما تبين وجود تيار ثالث داخل الحركة الطلابية (النسبة الغالبة في التيار هم فئات منتمية لبعض الحركات مثل حركة 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين، وحركة أحرار) يرفع شعارات رافضة لجماعة الإخوان، وكذلك لدور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، ويؤكد هذا التيار على ضرورة استبعاد الدور الأمني من الجامعات، وإطلاق الحريات السياسية للطلاب، ويعارض قانون التظاهر الذي أصدرته الحكومة.
- شهدت الشهور الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في الحراك الطلابي، وارتفاع منحى التظاهرات؛ حيث ذكر تقرير أصدره المركز التنموي الدولي بعنوان "مؤشر المؤسسات التعليمية" أن الحالات الاحتجاجية (تشمل مسارات مختلفة من أهمها التظاهرات والوقفات الاحتجاجية والمسيرات) داخل الجامعات بلغت 461 حالة منذ مطلع العام الدراسي حتى نهاية شهر أكتوبر، حيث كانت الحالات في شهر سبتمبر 146 حالة، وارتفعت في شهر أكتوبر لتصل إلى 315 حالة، ومن ناحية التوزيع الجغرافي فقد وقعت تلك الاحتجاجات في 25 جامعة، وتصدرت جامعة القاهرة مشهد الاحتجاج الجامعي ب64 احتجاجًا حتى نهاية شهر أكتوبر، وجاءت جامعة الأزهر في المرتبة الثانية ب58 احتجاجًا، والجدير بالذكر أن النسبة الأكبر من المظاهر الاحتجاجية ارتبطت بثنائية السياسة والعنف، فهي من ناحية كانت في الغالب مرتبطة بمطالب سياسية، ومن ناحية أخرى لم تغب عنها وقائع عنف.
وبقدر التنوع في مكونات الحركة الطلابية، بدا أن هناك تنوعًا في أهداف الاحتجاجات الطلابية، التي انطوت على مطالب التيار المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين بالتراجع عن خارطة الطريق، والتمسك بشرعية الرئيس السابق محمد مرسي من وجهة نظرهم، ومن ثم المطالبة بمحاكمة المسئولين عن الأحداث التي وقعت بعد 30 يونيو، وفي مقدمتها أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. فيما كان التيار المؤيد لخارطة الطريق ينظم تظاهرات للتعبير عن رأيه، ودعمه للمؤسسة العسكرية. وبخلاف كلا التيارين كانت هناك مظاهر احتجاجية أخرى رافضة للتدخل الأمني في الجامعات، وقانون التظاهر، فضلا عن المطالبة بمحاسبة المسئولين عن مقتل الطالب بكلية الهندسة بجامعة القاهرة أثناء تظاهرات 28 نوفمبر الماضي، وإطلاق سراح الطلاب الذين ألقي القبض عليهم، وتخفيف العقوبات المفروضة على عدد من الطلاب.
مستقبل الحركة الطلابية بين التوحد والانقسام
ثمة فرضية قائلة بأن وحدة الهدف من الممكن أن تكفل وحدة الحركة، وتجاوز التباينات الأيديولوجية، وهذه الفرضية تبدو حجر عثرة أمام الحركة الطلابية في الوقت الراهن؛ إذ إن تعدد الأهداف يحول دون بزوغ حركة طلابية موحدة فاعلة، وهكذا فمن المرجح ألا يدفع الحراك الحالي نحو بزوغ حركة طلابية موحدة في المستقبل القريب، ولكن يظل هذا السيناريو مرتهنًا بعاملين جوهريين:
أولا) استمرارية حالة الاستقطاب السائدة في المجتمع، وتعامل أطراف الأزمة مع المشهد السياسي بمنطق إقصائي؛ إذ إن جماعة الإخوان المسلمين والقوى المتحالفة معها ترفض ترتيبات 30 يونيو بالمجمل، وتطمح إلى إرجاع الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عزل الرئيس مرسي. وفي المقابل تتمسك السلطة الحاكمة بمواقفها، ولديها اعتقاد بأن تسريع وتيرة خارطة الطريق، وإقرار الدستور الجديد كخطوة أولى؛ سيكون هزيمة حقيقية لجماعة الإخوان ومؤيديها، وتعزيزًا لواقع ما بعد الثلاثين من يونيو، ولا يمكن إغفال أن هذه المعطيات ستؤدي إلى تعاظم الانقسامات داخل الحركة الطلابية.
ثانيًا) تضاؤل قدرة مكونات الحركة الطلابية على إعادة صياغة خطاب وحدوي يتخطى الخلافات الأيديولوجية، وميراث انعدام الثقة الذي ترسخ تدريجيًّا في العلاقة بينهم بعد الخروج من ميدان التحرير يوم 11 فبراير 2011، ووصوله إلى ذروته في 30 يونيو 2013، فمنذ ذلك الوقت ظهرت إشكاليات داخل الحركة الطلابية بدأت من داخل اتحاد طلاب مصر حينما أعلن الاتحاد يوم 31 أغسطس 2013 إسقاط عضوية خمسة من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد من المنتمين لجماعة الإخوان على خلفية إصدارهم بيانًا باسم الاتحاد يؤيد شرعية مرسي دون الرجوع لاتحاد الطلاب.
علاوة على ما سبق فإن تنوع المطالب وعدم الاتفاق على مساحة مشتركة (صحيح أن هناك بعض جوانب التقارب فيما يتعلق برفض التدخل الأمني، وإطلاق الحريات، إلا أنها تظل أقل من جوانب الخلاف) يدفع نحو تعزيز الانقسامات الحادثة، وهذه الحقيقة كانت حاضرة في تظاهرات انسحب منها بعض التيارات حينما اختلفت مع طلاب الإخوان بسبب رفع شعار رابعة، أو المطالبة بعودة الرئيس المعزول ، يضاف إلى ذلك الصدامات التي تتكرر بين تيار الإخوان والتيار المؤيد لخارطة الطريق نتيجة رؤية الطرفين المتغايرة، وموقفهما من قيادات الجيش والداخلية، وبالتالي ترجح هذه الأوضاع من احتمالية تزايد التشرذم داخل الحركة الطلابية.
محمد بسيوني عبد الحليم
المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.