خصصت صحيفة "مغرب إمرجنت" الجزائرية مقال رأي حول الوضع الاقتصادي في مصر بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع محمد مرسي تحت عنوان " الإصلاحات لا تولد من الشرعية ولكن من الأزمة". وتساءلت الصحيفة الصادرة باللغة الفرنسية هل شرعية الحكم تسمح للرئيس باتخاذ قرارات غير متقق عليها شعبيا حيال الإصلاحات الاقتصادية؟ لا، فالقرارات تنبع من الأزمة ومحاولة إيجاد حل لها، وليس لمجرد أن الرئيس يمتلك الشرعية في حكم البلاد. وأوضحت الصحيفة أن من يتابع مسار الأحداث في مصر، يجد أن أكثر المستفيدين من تطور الأمور هم متخذو القرار الاقتصادي، وليس الجيش، مشيرة إلى أن هناك اعتقادا منتشرا لدى رجال الاقتصاد أنه لا يمكن تنفيذ سياسة اقتصادية ناجحة وإصلاحية في ظل نقص الشجاعة السياسية الناتجة عن غياب الشرعية، فالحكومة المنتخبة من الشعب قد تضطر إلى تنفيذ إجراءات إصلاحية غير شعبية، ولكنها تنقذ البلاد ويوافق عليها الشعب، لكن الحالة المصرية أظهرت أن هذا الاعتقاد ليس شموليا وغير كامل التصديق. وبينت الصحيفة أنه قبل سقوط مبارك والاقتصاد المصري كان يسير على خطى جيدة، حيث وصل معدل النمو في الفترة بين 2005- 2010 إلى 6% في المتوسط، كما شهدت الزراعة تحديثا كبيرا نتج عن ذلك وصول المنتجات المصرية إلى الأسواق الأوروبية، كما بدأ يظهر رجال أعمال مصريون كبار حققوا نجاحا عالميا أمثال عائلة ساويرس وأحمد عز، يضاف إلى ذلك أن مصر كانت مرشحة للانضمام إلى مجموعة البلدان الناشئة "سيفت" والتي تضم " كولومبيا، مصر، إندونيسيا، فيتنام، تركيا، جنوب إفريقيا ". وتتابع "مغرب إمرجنت" أنه رغم ذلك، فقد كانت هناك شوكة كبيرة في الاقتصاد المصري، حيث إن الحكومة سقطت في فخ الإعانات، وجعلت كل شيء مدعوما حتى المحروقات، لدرجة أن مصر جعلت أسعار مواد الطاقة الأرخص في العالم رغم كونها دولة مستوردة للوقود وليست مصدرة. وأضافت الصحيفة أن هذه السياسة القائمة على الدعم كان يغذيها الدخل السياحي الذي أنعش خزنات البنك المركزي بالعملات الأجنبية، وحقق توازنا في المدفوعات، ولكن مع الأزمة الاقتصادية العالمية وانخفاض عدد السياح الوافدين ذابت احتياطيات النقد الأجنبي في مصر مثل الثلج، ولمواجهة هذه الصعوبات لم يكن في يد الحكومة المصرية خيار سوى استدعاء صندوق النقد الدولي الذي وافق على مساعدتها شريطة التخلي بشكل تدريجي عن سياسة الدعم، وخاصة دعم موارد الطاقة، فليس من المعقول أن يدفع صندوق النقد أموالا حتى تبذرها الحكومة على الدعم. ولفتت الصحيفة إلى أنه منذ ذلك الحين وبدأت الأوضاع في مصر تدخل ورطة حقيقية، حيث بدأت الحكومة تقلل من استيرادها من الوقود بالإضافة إلى الانقطاع المتكرر للكهرباء بسبب نقص المحروقات، يضاف إلى ذلك الفوضى والغضب المتنامي تجاه بعض قضايا الفساد، أدى إلى اندلاع ثورة ضد الرئيس مبارك. وتابعت الصحيفة أنه بمجيء رئيس الإخوان المسلمين محمد مرسي كرر نفس الخطأ، حيث رفع الدعم تدريجيا والانقطاع المتكرر للكهرباء وكذلك رفع الأسعار، وبالرغم من ذلك ليس السبب الوحيد لسقوطه، لكنه كان سببا مهما في ذلك، فجزء كبير من الشعب لم يعد يتحمل سياسة الرئيس مرسي لأنه اتخذ قرارات ضد رغبات الشعب كمحاولة منه للإنقاذ البلاد. وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يمكن أن يتم تحقيق إصلاح في ظل هذا التخبط من قبل الحكومة حول النظام الاقتصادي التي ينبغي عليها أن تتبعه، وفي ظل عدم جراءتها لقول الحقيقة للشعب بأن هناك انهيارا اقتصاديا، فحكومة مرسي لم تتجرأ لإخبار الشعب بهذا الانهيار، ولو فعلت لكان الشعب قد قبل التنازل عن بعض حقوقه الاقتصادية في انتظار تحسن اقتصادي مستقبلي. واختتمت الصحيفة بقولها: كما كان من الممكن أن يتوقفوا عن المطالبة بحقوقهم لبعض الوقت، لعلمهم كم الضعف الذي يعانيه الاقتصاد، وهذا ما سيدفع الحكومة لاتخاذ قرارات إصلاحية يسخط منها الشعب، ولكن سيظل صامتا حيالها، أنها الأزمة التي تفرض كيفية التعامل معها والقدرة على اتخاذ إجراءات إصلاحية قوية.