بعد الفوز في الانتخابات الاتحادية التي جرت أمس، تعد المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" أول سيدة تترأس حكومة في أوروبا لمثل هذه الفترة الطويلة، ولكنها قد تضطر إلى تشكيل "ائتلاف كبير" مع منافسيها في فترة ولايتها الثالثة. ووفقا لما جاء في "شينخوا" فإن نتائج رسمية أولية صدرت صباح اليوم، أظهرت أن الائتلاف الحاكم، الذي يضم الحزب الديمقراطي المسيحي بزعامة "ميركل" وحليفه "البافاري" حزب الاتحاد الاشتراكي المسيحي، حصل على 41.5 بالمائة من الأصوات، ولكنه أخفق في الوصول إلى الأغلبية المطلقة المطلوبة لحكم البلاد بدون شريك. وسوف يشكل الحزبان على الأرجح "ائتلافا كبيرا" مع حزب يسار الوسط الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ولكن المحادثات بشأن الائتلاف قد تكون صعبة وتستغرق وقتا طويلا. ولقد عزز الفوز في انتخابات وضع "ميركل" بصفتها الأكثر قوة بين ساسة أوروبا، وبالفعل، قالت "ميركل"، التي بدت عليها السعادة، لمؤيديها في مقر الحزب ببرلين مساء أمس، "إنها نتيجة خارقة، يمكننا الليلة الاحتفال، سوف نبذل كل ما بوسعنا سويا في الأعوام الأربعة المقبلة لجعلها سنوات ناجحة لألمانيا". وقال "أوسكار نيدرماير"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "برلين الحرة"، "ميركل البالغة من العمر 59 عاما، لاتزال أكثر الساسة شعبية في ألمانيا، واتسمت قيادتها لألمانيا بالبراجماتية، وعدم اللجوء إلى رؤى كبيرة أو أيديولوجيا"، وأضاف "نيدرماير" أن مركل ترى السياسة كعملية حل مشكلات، وغالبا ما تنتظر رؤية مواقف الرأي العام قبل الاستجابة لكثير من القضايا. ولفت "نيدرماير" إلى أن "هذا الأسلوب في الحكم على ما يبدو مقبول لدى الرأي العام الألماني، وميركل تبدو ناجحة في رسم صورة أمومية بالأمة، ما يجعلها غير معادية في عيون منافسيها". كما أشار "نيدرماير" إلى أن الإنجاز الرئيسي لإدارة "ميركل" يتمثل في "جعل ألمانيا تبحر سالمة إلى حد كبير رغم أزمة ديون منطقة اليورو، دون خفض في عدد الوظائف ولا رفع الضرائب"، وقال توماس فيشر، الباحث في ((مؤسسة برتلسمان)) البحثية، إن أي ائتلاف كبير يجمع الحزب الديمقراطي الاشتراكي سوف يشهد بعض التحولات السياسية، وبخاصة في القضايا الاجتماعية. ولفت "فيشر" إلى أن هناك عددا من المشكلات على الأجندة المحلية تواجه الإدارة المقبلة، ومن بينها رعاية الأطفال وإصلاح الرعاية الصحية، وخفض الدعم وسياسة الطاقة. والقضية التي سوف تؤجج صراعا سياسيا محليا على وجه الخصوص هي الحد الأدنى القانوني للأجور على مستوى الدولة، إذ يؤكد الحزب الديمقراطي الاشتراكي على عدالة اجتماعية أكبر ويجدد دعوته إلى خطة لتطبيق حد أدني للأجور بواقع 8.4 يورو (11.35 دولار أمريكي) لكل ساعة، كما يريد الحزب رفع ضريبة الدخل على الأثرياء. بيد أن ميركل قالت إن مثل هذه الخطط قد تفرض خطر إفساد الوضع الجيد لاقتصاد البلاد الذي سجل نموا قدره 0.7 بالمائة في الربع الثاني من العام 2013 مقارنة مع الربع السابق، وهو أقوى نمو على مستوى ربع العام منذ الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2012. ويستبعد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي زيادة الضرائب ويدعم فقط حدا أدنى للأجر وفقا لمتطلبات نقابات العمال في مختلف قطاعات الصناعة والمناطق. وفيما يتعلق بمعالجة أزمة ديون منطقة اليورو، دعا الحزب الديمقراطي الاشتراكي إلى مزيد من إجراءات التضامن مع الأعضاء المثقلين بالديون في منطقة اليورو، ومن بينهم اليونان، ومع ذلك، تصر مركل على إجراء إصلاحات هيكلية وخفض النفقات في الدول المتعثرة، وقالت ميركل إنها من مسئوليتها كمستشارة لألمانيا أن تواصل الضغط من أجل القيام بإصلاحات في اليونان.