منذ بضعة أيام عادت الفنانة المصرية هالة القوصي لمحل إقامتها وعملها بأمستردام، بعد متابعة ختام أحدث معارضها "رحلة في حجرة معيشتي"، الذي استضافه جاليري "مشربية" بالقاهرة، في الفترة ما بين 9 مايو إلى 4 يونيو، كنتاج فترة من العمل اليومي المتصل لمدة خمسة أشهر قامت هالة خلالها بالتصوير في شوارع القاهرة، وصدور كتابها "دائرة سين" من القطع المتوسط. هالة القوصي حاصلة على شهادة الماجيستير في الصورة والاتصال من كلية جولدسميث جامعة لندن وعادت لتدرس الفوتغرافيا في الجامعة الأمريكية التي حصلت منها على بكالوريوس إدارة الأعمال، وكان للبديل هذا الحوار معها.. * قرأت عن معرضك الأخير، وفهمت أنه بكل ما يشمله من قطع فنية يظل المكان هو جامعة ومنظمة بل ومن دون مساحة معينة قد يتغير المقصود، حدثيني عن الأماكن داخل أعمال هالة القوصي وداخل ذاكرتها؟ - ذاكرتي شكَّلتها أماكن بالخصوص من أيام طفولتي الأولى، الأماكن تجمع ألوان وأشكال وروائح وأصوات، أنا أسافر للخارج منذ أكتر من 25 سنة، والبعد والقرب المستمر يقوي إحساسي بالذاكرة وكيفية عملها، وبقدر ما أرتبط بمكان بمعين بقدر ما أراقب ذاكرتي وأحلل عملها، وكيف تعين الإنسان على البعد والفقد، وعلى المستوى العام في كيان مجتمعي في إحساسه بذاته ومكانته وتاريخه. وفي عملي مكان العرض مهم كالمعروض تماما، وحين أعرض أعمالي بالخارج أحرص على تأكيد الإحساس بالمكان، فأستخدم ستائر لأوصل الانطباع بأن المعروض طبيعته رحّالة، أي سينتقل إلى مكان آخر لأنه "مش من هنا". *فكرة حديثة هي التي يكتب فيها الفنان التشكيلي أو الفوتوغرافيا عن أعماله، ربما سبقنا إليها بعض فناني الغرب، ولكن هل تشعرين أنك بهذه الكتابة والتي تشكل نوعًا من أنواع البوح، تقرِّب المساحة بينك وبين المتلقي؟ - فكرة الكتابة عن شغلي لم أذهب إليها عن قصد، ولكني بدأت أكتب بشكل عفوي، وهذا ما صار عليه الكتاب، كنت أكتب عن نفسي، وعملي جزء كبير ومهم من حياتي، ومن الممكن أن يعتبر البعض هذا النوع من الكتابة متخصصة، لكن في رأيي أني طالما أحافظ على مستوى عالٍ من الأمانة مع النفس فهذا النوع من الكتابة ضروري. * كان غريبا غلاف كتابك "دائرة سين"، حتى قطعه المتوسط وتغليفة بغلاف خارجي أشبه بعلبة صغيرة لا تريدين لها أن تهمل، هذه نقاط تحتاج منك إلى بعض الشرح. - ربما كان شكل الكتاب وإخراجه مرتبط بفكرة التنقل والترحال التي أتحدث عنها فيه، وتجعلني طول الوقت مضطرة لأن أستغنى عن أشياء عزيزة علي لأنتقل من مكان لمكان، ولأن مضمون الكتاب فيه كتير من الذكريات التي تذهب معي إلى أي مكان. * هل تغير جمهورك بعد الثورة المصرية، أو شعرت بأن هناك وجوه تأتي لأول مرة لتتعرف على هذا النوع الراقي من الفن؟ - عن جمهوري، لا أستطيع أن أقول إن هناك تغييرًا على المستوى الشخصي، ولكن أستطيع أن أقول إن هناك تغيرًا على المستوى العام، والذي سيؤثر على كل شيء بالتدريج، لكنه سيأخذ بعض الوقت غير قصير، فالحراك يذيب الحواجز والموانع العمرية والطبقية والثقافية، ويعبر بالناس من منطقة لأخرى بسهولة، فأنا بعد الثورة أخرجت وأنتجت أغنيتين للتليفزيون، وهو شيء لم أفكر فيه قبل الثورة. * كيف ترين انتفاضة المثقفين بهذا الإصرار والمقاومة بالفن على شوارع الزمالك في عقر دار وزارة الثقافة التي المغيبة عن عمد منذ حين؟ وما هو السيناريو الذي تقرأينه؟ - بالنسبة لما يحدث في وزارة الثقافة كل ما أستطيع قوله "إن الحركة بركة"، وأن النقد صحي، والدفاع عن منظومة قيمية معينة شيء محمود، لكن الموضوع أكثر تعقيدا من أن يختزل في أنه اعتصام ضد أخونة الثقافة، هي نقطة بداية وليست بالضرورة في مكانها الصحيح، لكن الظروف اضطرت الناس لأن تبدأ من هنا، الأهم بالنسبة ما هي الخطوات المقترحة لإعادة هيكلة الوزارة وتعزيز دورها ودور المثقفين المجتمعي والسيطرة على مواردها وحمايتها من سوء الإدارة والفساد؟ * هل ستأتين إلى القاهرة في اليوم الموعود 30 /6؟ - سيفوتني 30/6 لأن ابني في المدرسة، ولكن لن ينتهي في يوم، وسأعود في أول يونيو بإذن الله.