متغيرات داخلية جديدة طرأت على الملف اليمني، تمثلت في انفراط عقد التحالف بين حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، بعد اشتباكات استمرت ليومين دفعت حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلى إعلان انضمامه لمؤيدي العدوان بقيادة السعودية. رسالة صاروخية إلى الإمارات قبل أن ينقشع دخان المواجهات في العاصمة صنعاء، أعلنت القوة الصاروخية التابعة للجيش واللجان الشعبية أنها أطلقت صاروخا مجنحا نوع كروز على هدف استراتيجي في العاصمة الإماراتية، وبحسب مصدر، فإن الصاروخ الأمريكي طراز كروز المجنح، استهدف مفاعل براكة للطاقة النووية في أبوظبي، مؤكدا إصابة الهدف بدقة عالية. وفي الوقت الذي نفت فيه أبوظبي الضربة الصاروخية اليمنية، أكد مراقبون أن الضربة التي جاءت بالتزامن مع فشل انقلاب صالح، رسالة للإمارات التي يعتقد أنها وراء تحركات الرئيس السابق بحكم تحالفه معها وإقامة نجله فيها، فيما يرى آخرون أنها تأتي ترجمة عملية لتهديدات زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي، الذي كان توعد باستهداف أبوظبي بعدما كشف عن تجربة صاروخية سابقة استهدفت السعودية. ويؤكد مصدر عسكري في صنعاء، أن ثمة رسالة أخرى تحملها الضربة، مفادها أن جبهة مواجهة العدوان لم تتأثر بانقلاب صالح، وأن السلاح ملك للدولة، بحسب قوله، مضيفا أن الصاروخ المجنح قطع مدى يقارب 1250 كيلومترا من منصة إطلاقه إلى الهدف في أبوظبي. أجواء ملتهبة.. وإيران تدعو إلى التهدئة يومان ساخنان شهدتهما العاصمة صنعاء وبعض المحافظات اليمنية القريبة من العاصمة؛ إثر انقلاب مسلح نفذه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، على اتفاق الشراكة السياسي مع أنصار الله، والذي حظي بترحيب واسع من قبل تحالف العدوان وحكومة الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي بالرياض. الأحداث الملتهبة في صنعاء نالت اهتماما دوليا وإقليميا، وظهرت رهانات متعددة ومختلفة على نتائج ما يجري، في حين يبدو أن المتغيرات على الأرض نسفت كل الرهانات، وبحسب مصادر محلية بالعاصمة صنعاء، فإن الوضع يذهب سريعا باتجاه الهدوء والاستقرار، بعدما جرت السيطرة على كل المعسكرات والمنشآت التي كانت ميليشيات صالح سيطرت عليها بالعاصمة، وإخماد البؤر التي أشعلوها في بعض المحافظات. ونشرت بعض الوسائل الإعلامية أن ثمة وساطة عمانية طلبت من أنصار الله السماح للرئيس السابق علي عبدالله صالح بالمغادرة عبر حدودها، فيما نفى الناطق باسم الحركة، محمد عبد السلام، وجود أي وساطة، قائلا في تغريدة له على تويتر: "لم نبلغ بأي وساطة من طرف الإخوة العمانيين بخصوص ما يجري في صنعاء من فتنة أشعلتها ميليشيات الخيانة". من جانبه، أصدر صالح بيانا قال فيه إن محتوى تصريحاته السابقة فهمت خطأ، وإنه يقف ضد العدوان، داعيا حزب الله وإيران إلى وساطة لدى أنصار الله لوقف التوترات والتفاهم، كما دعت إيران الطرفين إلى التهدئة "وسد الطريق على الأعداء"، حسبما جاء على لسان الخارجية الإيرانية. تأييد التحالف ينقلب على صالح الأحداث التي شهدتها العاصمة صنعاء منذ المولد النبوي الشريف وحتى اليوم، فتحت شهية تحالف العدوان والموالين لها في إحداث ثغرة بالجبهة الداخلية التي شكلت عائقا أمام تحقيق أي إنجاز في الميدان؛ حيث أظهرت السعودية والإمارات انحيازا رسميا لحزب صالح ضد أنصار الله، منذ أول توتر على خلفية تأمين ميدان السبعين وجامع الصالح المطل عليه، وتعزز ذلك التأييد عبر التعاطي الإعلامي المكثف المساند لصالح والترحيب الذي أعلنه تحالف العدوان بشكل رسمي في بيان مقتضب، أكد عودة حزب المؤتمر وزعيمه إلى ما أسماها "حضن العروبة". وكان الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أعلن انقلابه على الاتفاق السياسي مع جماعة أنصار الله، ودعا لمواجهتها واقتحام المؤسسات وقطع الطرق، كما أعلن مد يده للتحالف الذي تقوده السعودية، الأمر الذي رفع مستوى الأمل لدى تحالف العدوان فأصدر بيانا مرحبا، كما سببت كلمة صالح التليفزيونية وانضمامه للتحالف السعودي صدمة في أوساط مؤيدي حزب المؤتمر الرافضين للعدوان السعودي، الأمر الذي تسبب في شرخ بصفوف الحزب وقياداته والمقاتلين، ما سارع في سقوط الكثير من ثكناته ومواقعه بيد القوات الأمنية. من جهته، ظهر زعيم أنصار الله في خطابين متتالين السبت الماضي، موجها عتابا توبيخيا لشريكه صالح، واعتبر إعلان انظمامه للعدوان خيانة للشعب والشهداء، وناشد الشعب اليمني الوقوف في وجه الفتنة، وأشاد بالقوات الأمنية وبمن أسماهم الشرفاء في حزب المؤتمر على الاستمرار في دعم الجبهات. واتهم الناطق باسم "أنصار الله"، محمد عبد السلام، الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بقيادة «انقلاب على الدولة والشراكة»، واصفا الأحداث التي تجري في البلاد بأنها انكشاف لخداعه في الوقوف بوجه العدوان، ودليل واضح أنه يقف مع العدوان، مشيرا إلى وجود مشروع تعول عليه الإمارات مع بعض القيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام؛ بهدف تحقيق ما عجز عنه التحالف ميدانيا على مدى ثلاثة أعوام. تلاشي قوات صالح يرى مراقبون أن السبت الماضي، كان يوما مفصليا في الأحداث الجارية؛ حيث شهدت العاصمة صنعاء وبعض المحافظات اشتباكات خاطفة رافقتها حرب إعلامية مكثفة وشاركت فيها طائرات التحالف وقنواته الإعلامية التي كانت تنشر سيطرة ميليشيات صالح على صنعاءوالمحافظات، ضمن حرب نفسية، ما لبثت أن خفتت وتلاشت بعدما تكشفت الأمور على الواقع خلافا لما نشر. توضح خريطة المواجهات التي هدأت وتيرتها اليوم بشكل شبه كامل، أن ميليشيات صالح لم تسيطر على أي معسكر أو مرفق، لكنها انطلقت في الأساس من مناطق ومعسكرات كانت تسيطر عليها منذ سنوات قبل الحرب واستخدمتها للهجوم على أنصار الله والقوات الأمنية هذه الأيام، وفي المقابل، فإن قوات الأمن التي تصدت لهجمات ومشاغبات ميليشيات صالح، لم تستعد مواقع خسرتها، بل سيطرت على مواقع ومعسكرات كانت خارج سيطرة الدولة منذ زمن. ووفقاً لرواية تفصيلية عن مصادر ميدانية أمنية، فإن المعارك أسفرت عن سيطرة القوات الأمنية المسنودة من قبائل سنحان على معسكر "ريمة حميد" القاعدة العسكرية الأكبر التي كان يحتفظ صالح بالسيطرة عليها منذ كان رئيساً، ما مكن القوات الأمنية التابعة لأنصار الله السيطرة السهلة على "معسكر الملصي" الذي أنشأه نجل شقيق صالح، المدعو طارق صالح لتدريب مجندين جدد يقول أنصار الله إنه كان يعدهم للانقلاب. مصادر أخرى أكدت أن مجاميع عسكرية موالية لصالح كانت أعلنت تمردها على السلطات التي يقودها أنصار الله في معسكر السواد جنوبي العاصمة، غير أن التمرد انتهى سريعا وتمت السيطرة على كامل المعسكر، كما سقط معسكر آخر جنوب العاصمة "اللواء الرابع مشاه" بالكامل بقبضة القوات الأمنية وأنصار الله، إضافة إلى تأمين مجمع 48 الطبي العسكري في نفس المكان. وعلى مستوى العاصمة، تمكنت القوات الأمنية من تأمين الأحياء التي كانت معقلا لصالح وميليشياته في الحي السياسي بالكامل خلال الساعات الأولى من مساء أمس، الأمر الذي اعتبر بمثابة الضربة الأبرز؛ كونه الحي الذي يملك فيه صالح عمارات ونفوذا واسعا، واستخدم لتنفيذ عمليان قنص على أنصارالله والقوات الأمنية وبعض المواطنين، ولم يأت صباح الأحد، إلا وأطبقت قوات الأمن ومجاميع من أنصار الله سيطرتها على كامل العاصمة صنعاء بما فيها مقرات الحزب وقناته الفضائية وصحيفته وفلل وعمارات مملوكة لصالح وعائلته في أكثر من مكان. ومن جانبه، أعلن الرئيس صالح الصماد، مساء السبت الماضي، عن إفشال المخطط واحتواء الموقف ووأد جذور الفتنة، في إشارة لقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، التي تقهقرت بشكل كبير وسلم المئات من عناصرها أنفسهم للقوات الأمنية.