مرة أخرى تظهر أزمة خسائر الهيئة الوطنية للإعلام "ماسبيرو"، والتي تقدر بنحو ب 6 مليارات جنيه، بعد عجز جميع الجهات الرسمية عن وقف إهدار المال العام بها، وذلك عقب قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم 567 لسنة 2017، والذي نشر في الجريدة الرسمية منذ يومين، وتضمن ربط الحساب الختامي لموازنة الهيئة الوطنية للإعلام عن العام المالي الماضي. ويقضى القرار بتعديل اعتمادات موازنة الهيئة بمبلغ 974.2 مليون جنيه؛ لمواجهة الزيادة في الأجور، كذلك مواجهة الزيادة التي شهدتها باقي التكاليف والمصروفات بقيمة ما يقرب من مليار جنيه، وزيادة اعتمادات خسائر العام بمبلغ 785.6 مليون جنيه. أزمة القرار هي اعتراف الدولة بأن خسائر قطاع واحد في الحكومة، وهو ماسبيرو، بلغت نحو 6 مليارات جنيه، ومع ذلك تعاملت الدولة مع الخسائر على أنها أمر واقع، ولم تتعامل مع مشاكل القطاع، التي تسببت في هذه الخسائر، حتى بعد تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، والتي كان الجميع يأمل منها أن تضع رؤية لوقف إهدار المال العام والاستفادة من نحو 40 ألف موظف في هذا المبنى، ولكن حتى الآن خيبت الهيئة أي أمل في إصلاح القطاع. فيما جاءت الأزمة الأكبر في تصريحات الرئيس السيسي، قبل أيام من اعتماد خسائر ماسبيرو، والتي تحدث فيها خلال مؤتمر شباب العالم الذي عقد بمدينة شرم الشيخ منذ عدة أيام، عن تدشين قناة إخبارية حكومية عالمية جديدة، بعيدًا عن ماسبيرو، الأمر الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام، حيث كان يجب علي الدولة الاستفادة من عشرات القنوات الموجودة في "ماسبيرو" بدل ضخ ملايين الجنيهات في قناة جديدة. لجنة الإعلام بمجلس النواب، هي الأخرى، أعلنت رفضها لتعامل الحكومة مع ملف خسائر ماسبيرو، حيث أكد وكيل اللجنة النائب نادر مصطفى أن هذا الملف لا يمكن السكوت عنه، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة، مشيرًا إلى أنه لا بد من التعامل مع الخسائر، ووضع حلول ومقترحات؛ للحد من الخسائر، وليس لاعتمادها وضخ المزيد من المال العام لإهداره. وتابع مصطفى، أن لجنة الإعلام تعمل حاليًّا على دراسة عدة مقترحات، تهدف للاستفادة من قطاع ماسبيرو، دون المساس بالعاملين فيه، ووقف كم الخسائر المستمر للقطاع، مشيرًا إلى أن أبرز هذه المقترحات هو غلق بعض القنوات وتطوير أخرى. على الجانب الآخر قال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن أزمة خسائر ماسبيرو صداع في رأس الجميع، ومع ذلك لا توجد إرادة سياسية للتعامل معها بشكل جذري، وكل مسؤول صاحب قرار في هذه الأزمة يعتمد على الحلول المسكنة وتجاهل وضع خطة إصلاح شاملة؛ لوقف هذه الخسائر، حيث توجد عشرات المقترحات والخطط لإصلاح القطاع، ولكن لم يتم الاستفادة بها. وتابع صفوت أن الهيئة الوطنية للإعلام، والتي تم إسناد مهمة إصلاح هذا القطاع لها، لم تقم بشيء يذكر حتى الآن، رغم مرور عدة أشهر على توليها مهام منصبها، مشيرًا إلى أن الدولة لو كانت جادة في إصلاح هذه المنظومة، عليها هيكلة هذا القطاع الهام والحيوي بشكل جذري، ووضع رؤية جديدة؛ للاستفادة من الموظفين والعاملين والأدوات والمعدات الموجودة في هذا المبنى التاريخي، وتسويق القنوات والاستعانة بالشباب والوجوه الجديدة وتدريب العالمين فيها، وغيرها من الخطوات الجادة إذا توافرت الإرادة السياسية.