فينكم يا بتوع الرقمنة؟!!

استبشرنا خيرًا بحرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على دخول مصر عالم الميكنة والرقمنة، واللحاق بالركب العالمى فى هذا المجال، وتحويل المجتمع المصرى إلى مجتمع رقمى، وأن تكون كل تعاملاته المادية بكود رقمى، بعيدًا عن الدفع النقدي بطريقة «الكاش»، التى أصبحت وسيلة بدائية، تعطل مصالح المواطنين، وتفتح مجالًا للفساد، وتمثل خطرًا على صحة المواطن فى ظل انتشار الأوبئة وآخرها «كورونا».
وجاء قانون «الشمول المالى والتحول الرقمى»، ودخل حيز التنفيذ مع بداية شهر مايو من العام 2019، بعد تصديق الرئيس عليه، وبدأت تجربة تحصيل الرسوم الحكومية إلكترونيًا.
وحدد القرار أن ما يزيد على مبلغ 500 جنيه، يتم دفعه بإحدى الوسائل الإلكترونية، وما دون ذلك يتم سداده بوسائل الدفع الأخرى، وما يزيد على ال10 آلاف جنيه يتم سداده من خلال فروع البنوك، وحسب علمى أن وزارة المالية نشرت آلاف الماكينات فى جميع المواقع الحكومية (إدارات المرور، الشهر العقارى، الجامعات، الأحياء، وغيرها من المصالح)، وتم ربط هذه الماكينات بمركز الدفع والتحصيل الإلكترونى بوزارة المالية.
وقد أعطتِ الحكومة نفسها فرصة كافية للتحول الرقمى الكامل مع عام 2030، وهى فترة كافية للانتهاء من إنشاء البنية التحتية الكاملة، وبالطبع خلال تلك الفترة وارد جدًا أن تواجهنا عقبات فى التطبيق، سوف يعمل متخصصو الرقمنة على إصلاحها فورًا، والتعلم من الأخطاء، وعدم تكرارها، إلى أن نصل إلى مرحلة الكمال فى 2030.
لكن العجيب فى عصر الرقمنة أن نفاجأ بمعاقبتنا نحن المواطنين، وتغريمنا أمام الجهات الحكومية، والتهمة: دفع الرسوم المستحقة علينا نقدًا أى «كاش»!!.. وللأسف عندما تسأل، وتلح في البحث عن السبب تجد فى الإجابة العجب العجاب.. ألا وهو تعطل ماكينة الدفع الإلكترونى لدى الجهة الحكومية!!
وقد مررت بتجربة شخصية لدى توجهى لمرور حدائق الأهرام، للفحص، وتجديد رخصة السيارة، فبعد الفحص الفنى، طلبوا منّا التوجه إلى شركة أمان، واكتشفت أنه لزامًا عليك أن تقف فى طوابير أمام (4) شبابيك، حتى تحصل على الإيصال الخاص بهذه الشركة لوضعه فى الملف.. الشباك الأول خاص بتسجيل البيانات، وتحصل من خلاله على رقم تقف به فى طابور الشباك الثانى للدفع.
سألت: كم المبلغ؟ جاء الرد: 760 جنيهًا.. وعلى الفور قدمت الفيزا، فالمبلغ أكثر من 500 جنيه.. فجاء رد الموظف: الدفع كاش حضرتك.. الماكينة عطلانة.. قلت: ماشى.. نعذر.. وارد أن تتعطل ماكينة التحصيل، وبعد الدفع (كاش) حضرتك.. انتظمت فى طابور ثالث -والشمس ناقحة فوق دماغى- لتسجيل إيصال الدفع.. ثم توجهت لشباك رابع لاستلام شنطة تحتوى على بوكس بلاستيك خاص بالإسعافات الأولية، وأربع «صدادات جلد» يتم وضعها للاكصدامين الأمامى والخلفى، والمثلث، رغم أننى أحتفظ بالقديم ولم أفتحه!!
أصابنى الاستغراب من أن تكلفة ما أخذته لا تتعدى ال250 جنيهًا، وقلت فى نفسى: الشركة اسمها «أمان»، إذ ربما ما دفعته يتضمن قيمة التأمين الإجبارى.. لكن كانتِ المفاجأة عندما حصلت على رقم لدفع الضريبة، قيل لى: عليك التوجه لدفع التأمين الإجبارى، وعندما سألت عن الدفع بالفيزا.. جاء الرد: كاش.. قلت: أكيد الضريبة سوف تكون بالفيزا، وكانتِ الصدمة عندما قال الموظف: الدفع كاش.. الماكينة عطلانة!!
لكن كانتِ الصدمة الكبرى عندما حصلت على ورقة بتفاصيل ما دفعته، والتى أشارت إلى أنه تم تغريمى 159 جنيهًا رسوم التحصيل النقدى!!
فهل من العدل والإنصاف تغريم المواطن على خلل سببه الحكومة؟!!!