أكد الرئيس اللبناني ميشال عون، حرصه علي سرعة تشكيل الحكومة الجديدة وأنه لم يطالب ب "الثُلث الوزاري المعطل".. معتبرا أن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري يستهدف فرض تشكيلة حكومية تخل بالتوازنات الطائفية والدستورية. وشن الرئيس اللبناني - في حديث لصحيفة (الجمهورية) اللبنانية في عددها الصادر اليوم/الاثنين/ هجوما حادا علي "الحريري" مشيرا إلي إصرار الأخير علي تسمية الوزراء المسيحيين داخل الحكومة الجديدة، من دون الجلوس والتشاور مع النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر الذي يمتلك أكبر كتلة نيابية مسيحية في البرلمان، وفي ظل إعلان الأحزاب المسيحية الأخري (حزبا القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية) عدم المشاركة في الحكومة. ودعا عون رئيس الوزراء المكلف للمبادرة إلي "الاعتذار الشجاع" عن عدم تشكيل الحكومة الجديدة، إذا يقم بوضع طرح حكومي واقعي وفق مقتضيات الدستور، قائلا: "علي الرغم من كل التعقيدات إلا أنني لم أفقد الأمل في إمكان تشكيل حكومة برئاسة الحريري شرط أن يعود إلي احترام بديهيات التأليف". واعتبر الرئيس اللبناني أن الزيارات الخارجية التي أجراها مؤخرا رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، والتقي خلالها عددا من رؤساء وزعماء وقادة الدول "لم تُفض إلي أي نتيجة إيجابية لمصلحة لبنان، بل لعل بعضها مريب" علي حد تعبيره. وقال عون: "الحريري وضع التكليف برئاسة الحكومة في جيبه وراح يتنقل من دولة إلي أخري، ببرودة أعصاب ومن دون تقدير لأهمية الوقت المهدور ولحراجة الظرف الدقيق الذي لا يسمح بترف السياحة الخارجية.. هناك نحو أربعة ملايين لبناني هم الآن رهائن مزاج رئيس الوزراء المكلف". وردا علي سؤال وجود انطباع أنه (الرئيس اللبناني) يسعي إلي إحراج رئيس الوزراء المكلف وإجباره علي الاعتذار عن عدم التأليف الحكومي، قال عون: "العكس صحيح، والحريري هو من يحاول أن يحرجني ليُخرجني عن قواعد التشكيل السليمة، إلا أنني لن أرضخ لذلك". وأضاف: "ليس من حق الحريري أن يستغل حرصي الشديد علي تأليف الحكومة في أسرع وقت، لكي يفرض عليّ تركيبة مناسبة له وليس للبلد، للمرة الألف أؤكد أنني لا أريد الثُلث المعطل، واتهام الحريري لي بأنني أسعي إليه هو باطل، إذ هل يعقل أن يعطل رئيس الجمهورية نفسه وعهده، ولو كان كل الوزراء في الحكومة من حصتي ما كنت لألجأ إلي التعطيل". وأشار إلي أنه لا يجد مبررا لإصرار الحريري علي تشكيل حكومة من 18 وزيرا وعدم توسيع الحكومة لتضم 20 أو 22 أو 24 وزيرا، معتبرا أن هذا الأمر يدعو إلي "الاستغراب والارتياب".. لافتا إلي استعداده للانفتاح علي أي مبادرة حل تنطلق من مبدأ زيادة عدد الوزراء، لضمان التقيد بمعياري الاختصاص (الخبرة) والتوازن في الحكومة. واتهم عون - الحريري ب "عدم احترام الأصول في توزيع الحقائب الوزارية علي الطوائف".. مشيرا إلي أنه من المعروف أن هناك حقائب سيادية وخدمية وعادية، وأنها لطالما كانت تُوزع بطريقة دقيقة تراعي التوازنات، معتبرا أن رئيس الوزراء المكلف لم يراع هذا المبدأ، الأمر الذي دعاه (عون) إلي اقتراح "جدول منهجي" في إطار التعاون مع الحريري وليس بغرض مصادرة صلاحياته. ولمّح عون بصورة غير مباشرة إلي أن الأسماء التي اختارها الحريري في تشكيلته الوزارية، غير قادرة علي إدارة الوضع في ظل الأزمات الضخمة التي يمر بها لبنان، قائلا: "هل الأسماء التي يريد فرضها هي حقا لتحمل المسئولية ومواجهة التحديات الضخمة؟ إنني أترك الحكم للبنانيين". وأشار الرئيس اللبناني إلي أنه "مؤتمن استثنائيا" علي اختيار الوزراء المسيحيين في الحكومة، في ضوء أن القوي المسيحية الأساسية غير مشاركة في مفاوضات التشكيل، وأن هذا الأمر يجعله يتحمل مسئولية ضمان صحة تمثل الطوائف المسيحية. وأضاف: "لا يحق للحريري أن ينتقي أسماء الوزراء المسيحيين، حتي لو كان بعضها واردا في المسودة التي كنت قد وضعتها وضمّت ما يقارب 70 اسما من جميع الطوائف، واختيار جميع الوزراء المسيحيين يعود لي، وأنا الذي أقرر أي أسماء سأعتمد من اللائحة التي وضعتها للاستئناس أو من خارجها، وليس الحريري من ينوب عني في هذه المهمة". وتابع قائلا: "الحريري يبرر ما يفعله بحرص علي تشكيل حكومة اختصاصيين (خبراء) فيما هو شخصيا لا علاقة له بالاختصاص، أي أنه كرئيس وزراء مكلف يفتقر إلي المعيار الذي يشترطه في الوزراء، ومع ذلك تغاضينا عن هذا الخلل لتسهيل التشكيل".