رفضت إيران، اليوم الأحد، اقتراحا أوروبيا لعقد اجتماع بمشاركة الولاياتالمتحدة للبحث في سبل إحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن العام 2018، معتبرة أن الوقت "غير مناسب" له في ظل عدم قيام إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بأي خطوة لرفع العقوبات المفروضة علي طهران. وفي خطوة قد تزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق المبرم في فيينا العام 2015، كررت الجمهورية الإسلامية موقفها المطالب بأولوية رفع العقوبات التي أعادت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرضها، معتبرة أن خطوة كهذه لا تحتاج لمفاوضات أو تفاهمات جديدة. ويسبق الموقف الإيراني انطلاق اجتماعات لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتبارا من الاثنين. وتأتي الاجتماعات بعد نحو أسبوع من بدء طهران تقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية. وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في بيان أنه "نظرا الي المواقف الراهنة وخطوات الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية الثلاث (المنضوية في الاتفاق)، تعتبر إيران أن الوقت غير مناسب لعقد اجتماع غير رسمي اقترحه المنسق الأوروبي لخطة العمل الشاملة المشتركة"، الاسم الرسمي للاتفاق المبرم بين إيران والقوي الست الكبري. وأضاف: "لم يحصل أي تغيير في مواقف الولاياتالمتحدة وتصرفها بعد، وإدارة بايدن لم تكتف بعدم التخلي عن سياسة +الضغوط القصوي+ الفاشلة لترامب، بل لم تعلن حتي التزامها احترام مسؤولياتها في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة وقرار مجلس الأمن الدولي 2231" الذي وضع إطار قانونيا للاتفاق. وقرر ترامب الذي اعتمد سياسة "ضغوط قصوي" حيال ايران، في العام 2018 سحب بلاده أحاديا من الاتفاق بين إيرانوالولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا. وأتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة علي طهران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. وأعاد ترامب فرض عقوبات قاسية علي إيران التي ردت بعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، بالتراجع عن تنفيذ الكثير من التزاماتها بموجب الاتفاق. وأبدت إدارة الرئيس بايدن نيتها العودة الي الاتفاق، لكنها اشترطت أن تعود إيران أولا الي احترام التزاماتها. في المقابل، شددت طهران علي أولوية عودة الأطراف الآخرين إلي التزاماتهم، لا سيما رفع العقوبات الأميركية التي أثرت بشكل سلبي علي الاقتصاد الإيراني، مؤكدة أنها ستعود عندها لاحترام كامل التزاماتها. وكتب خطيب زاده في تغريدة بالإنكليزية عبر تويتر بعد البيان، أن موقف بلاده يبقي علي حاله "طالما أن العقوبات لا تزال مفروضة"، مضيفا "المعاقبة ليست نهجا دبلوماسيا. هذا الأمر لا يفلح مع إيران". وفي ظل التجاذب الأمريكي الإيراني، طرح المدير السياسي للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا في فبراير، عقد اجتماع غير رسمي بمشاركة كل أطراف الاتفاق. ولقي ذلك ترحيب واشنطن. لكن إدارة بايدن حذّرت طهران الأربعاء من أن هذا الاقتراح لن يكون مطروحا الي ما لا نهاية. وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إنّ "صبرنا له حدود!"، مشددا علي أن العودة إلي "فرض قيود علي برنامج إيران النووي يمكن التحقّق منها ودائمة" تمثّل "تحدّيًا ملحًّا". وشدد بيان الخارجية الإيرانية الأحد علي أن "تطبيق التزامات كل أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة ليس مسألة للتفاوض الطريق إلي الأمام واضح جدا: علي الولاياتالمتحدة أن تضع حدا لعقوباتها الأحادية وغير القانونية وتعود الي التزامات خطة العمل الشاملة المشتركة". وكرر خطيب زاده موقف بلاده بأنها "سترد علي الخطوة بخطوة، وكما ستعود الي التزامات خطة العمل الشاملة المشتركة في حال رفع العقوبات، سترد علي الخطوات العدائية بالطريقة ذاتها". وأكد أن طهران ستواصل التشاور مع أطراف آخرين في الاتفاق النووي، ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "بصفته منسق خطة العمل الشاملة المشتركة، علي المستويين الثنائي والمتعدد". واتخذت إيران منذ منتصف 2019، خطوات لتعليق تنفيذ الكثير من التزاماتها بموجب الاتفاق، ومن أبرزها قيامها في يناير الماضي برفع مستوي تخصيب اليورانيوم الي 20 بالمئة، وهو الذي كانت تعتمده قبل التوصل الي الاتفاق. واعتبارا من الثلاثاء، بدأت إيران تقليص عمل مفتشي الوكالة الذرية، ومقرها فيينا، استنادا الي قرار من مجلس الشوري (البرلمان) الإيراني، طلب القيام بذلك ما لم يتم رفع العقوبات الأمريكية في مهلة أقصاها 21 فبراير. لكن الطرفين توصلا الي اتفاق موقت علي هامش زيارة قام بها المدير العام للوكالة رافايل غروسي الي طهران. وقال الأخير "سوف يتم تقييد عملنا، لنواجه هذا الأمر. لكنّنا تمكنا من الإبقاء علي الدرجة اللازمة من أعمال المراقبة والتحقق". ومن المتوقع أن يعقد جروسي مؤتمرا صحافيا الاثنين، بعد بدء اجتماعات مجلس محافظي الوكالة. وكانت الدول الأوروبية في الاتفاق أعربت الثلاثاء عن "أسفها العميق" لتقليص عمل المفتشين، داعية إيران الي "وقف كل التدابير التي تقلص الشفافية والرجوع عنها والتعاون الكامل مع الوكالة". كذلك، أبدت واشنطن تخوفها من أن تكون إيران "تتحرك في الاتجاه الخاطئ" من خلال الابتعاد "أكثر" عن القيود علي نشاطاتها النووية. وأوضحت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أن الاتفاق مع الوكالة الدولية سيتيح إبقاء كاميرات المراقبة في بعض المنشآت، لكن طهران ستحتفظ بالتسجيلات وتقدمها الي الوكالة الدولية في حال تم رفع العقوبات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، أو تقوم بتلفها بشكل نهائي في حال لم يحصل ذلك.