فور إعلان نتيجة الثانوية العامة ،سارع كثير من أولياء الأمور إلى البحث عن مكان فى جامعة خاصة ،وحتى لايضيع جهد من اجتهد ولم يوفق فى الالتحاق بكلية من كليات القمة ،وحتى يعزز موقف من لم يحصل على مجموع معقول، الحكايات التى يمكن أن تروي فى هذا الموضوع كثيرة وغريبة ويتم ابتكار المزيد منها عاما بعد عام. فالتسجيل الذى كان يتم فيما سبق فور إعلان نتائج الثانوية العامة ،يتم الآن والطالب مازال فى الثانوية العامة ولم ينته من الامتحانات، ومن دون أن يعرف حتى المجموع الذى يحصل عليه ،ناهيك عن المبالغ التى تدفع مقابل هذا التسجيل ، وبالتالي فإن الطالب الذى قام بالتسجيل فى كلية الهندسة ولم يحصل على الحد الأدني للقبول فيها، يرفض طلبه ناهيك عن ضياع المبلغ الذى تم دفعه. هناك اعداد غفيرة تلتحق سنويا بالجامعات الخاصة،وهذه الأعداد تقوم بالتسجيل فى الكليات المتاحة لهم وفقا للمجموع ،عن طريق ملء استمارة معدة لذلك مقابل ألف جنيه على أقل تقدير، وكأنه عربون حجز مكان، ولنا أن نتخيل إجمالي دخل هذه الجامعات من هذا البند فقط ،وإذا افترضنا أن أحد الطلاب غيّر رغبته أو قُبل فى كليات حكومية ،فإن هذه المبالغ لاترد بالتأكيد، كما أن المصروفات التى يتم دفعها قبل بدء الدراسة بفترة ،لايتم استردادها بأي حال إلا بعد خصم ربعها. يكابد أولياء الأمور من متوسطي الدخل المعاناة فى رحلة البحث عن كلية ، وكأنه لايكفي ماعانوه طوال السنة الدراسية بالثانوية عليها ،وماأنفقوه على الدروس الخصوصية، لتستمر رحلة المعاناة بحثا عن ضمان تخصص يؤهل أبناءهم لسوق العمل. وإذا ألقينا نظرة على مصروفات الجامعات الخاصة لوجدنا أرقاما تعتبر فلكية لغالبية الشعب المصري ،فإحدى الجامعات أعلنت عن قائمة المصروفات الدراسية عن العام: كلية إدارة الأعمال،الاقتصاد والعلوم السياسية: 109,200 ألف جنيه كلية الإعلام: 114,200 ألف جنيه كلية طب الأسنان: 180,000 ألف جنيه كلية الهندسة: 124,200ألف جنيه كلية علوم الحاسب: 97,200 ألف جنيه كلية الصيدلة: 105,000 آلاف جنيه كليةالطاقةوالبيئة: 124,200 ألفجنيه وإذا ألقينا نظرة على هذه المصروفات لوجدنا أن الطالب فى كلية طب الأسنان على سبيل المثال ما سينفق عليه قد يصل الى مليون جنيه،وهو مبلغ خرافي بالنسبة للغالبية العظمي من أبناء الشعب ،وأن الميسورين فقط هم من يستطيعون الإنفاق بهذه الطريقة، وبهذا المنطق يستطيع من يملك المال الحصول على فرصة فى التعليم ودخول إحدى كليات القمة سواء فى المجموعة الطبية او الهندسية فى حين يحرم من هذه الفرصة زميله الذى حصل على مجموع يزيد على ال95% ولايملك أهله المال الكافي لدفع المصروفات. هذا العام حصلت زيادة فى أعداد الطلاب الحاصلين على أكثر من 95% وبالتالي ارتفع الحد الأدني للقبول فى المرحلة الأولي لطلاب القسم العلمى شعبة العلوم الى 97.2%،وهذا يعني ان من حصل على أقل من ذلك لن يستطيع بأي حال اللحاق بإحدي كليات المجموعة الطبية فى الجامعات الحكومية ،وهذا الحال مثل نماذج كثيرة من أبناء الأسر المصرية المستورة التى لاتملك مالا يكفي للحاق بهذا المارثون ،وماعليها الا القبول بالأمر الواقع والاستسلام لحالة الإحباط والعجز التي تعرض لها ابنهم الحاصل على 97% ..واذا استمر الوضع على هذا المنوال ستتلاشي فكرة تكافؤ الفرص فى التعليم وتصبح فى خبر كان.