كان نهر النيل، ولا يزال، يشكل أهمية كبيرة في اقتصاد مصر بصفة خاصة، واقتصاد الدول التي يمر بها بعد خروجه من منابعه بوجه عام. وكانت ممارسة الإنسان للزراعة وابتكاره للعديد من الأدوات التي كان يستخدمها في فلاحة أرضه وريها، والتي لا يزال الكثير منها مستخدما حتى الآن، بدايتها علي ضفاف نهر النيل، إذ تتوفّر التربة الخصبة المكونة من الطمي الذي تتركه المياه بعد فيضانه، وعليها تمت إقامة المدن، ونشأت الحضارات القديمة في مصر، التي لولا النيل لما قامت بها حضارة بسبب جفاف مناخها، حيث يحمل النيل حوالي 110 ملايين طن من الطمي سنويا، يأتي معظمها من الهضبة الإثيوبية، ولكميات الطمي هذه أثر كبير على دول حوض نهر النيل بأكملها، حيث تتجدد خصوبة التربة على ضفتيْ النهر .. فعلى سبيل المثال فقد خزان سنار 50% من سعته التخزينية بحلول عام 1975. وبسبب الطمي يتعذر إغلاق أبواب الخزانات في فترة الفيضان لتقليل الترسبات وتجنب ردم البحيرات بفعل الطمي. وترجع تسمية النيل بهذا الاسم نسبة إلى المصطلح اليوناني نيلوس بمعني "وادي النهر" كما يطلق عليه في اليونانية أيضا اسم "إيجيبتوس" وهي أحد أصول المصطلحات الأوروبية لاسم "مصر "..ويقال أيضا: إن كلمة "النيل" كلمة نوبية بمعني "المنهل" أو مكان الشرب ،وقد تفنن المصريون القدماء في الاستفادة من مياه النهر، إذ كانت تحفر الحفر الكبيرة موازية لمجرى النهر، وعند فيضان النهر تمتلئ هذه الحفر بالماء للاستفادة منها، خاصة أن فيضان نهر النيل يكون في فصل الصيف، وذلك بفعل الأمطار الصيفية ،وفي العصر الروماني تم إنشاء مقياسين للنيل في أسوان، واللذين أقيما في جزيرة إلفنتين والتي كانت من أقوى الحصون على حدود مصر الجنوبية، وتقع حاليا مقابل فندق "كتاراكت".. وكان أحد هذين المقياسين في معبد خنوم والآخر في معبد ساتيت ..وكان الأول على شكل حوض مربع، بينما كان الثاني ذا طراز معماري تقليدي، حيث كان على شكل بيت ذي سلم منحدر إلى النهر،مع فتحات في الجدار للقياس، وقد أقيما بهدف قراءة مستوى المياه في نهر النيل، ومعرفة مستوى الفيضان. ويظهر علي كل مقياس تدريج لقياس فيضان النيل باللغات اليونانية والديموقيطية والعربية ..وكانت تلك المقاييس مستعملة إلى وقت قريب، وكانت لتلك المقاييس أهمية قصوى في حياة المصريين القدماء، حيث كانت جميع جوانب حياة المصريين القدامى تقريبا تعتمد على نهر النيل ،فإذا ارتفع منسوب مياهه بصورة كبيرة تغرق المنشآت والزراعات ،وإذا انخفض منسوب مياهه يحدث جفاف ..وكلاهما كان يعني كارثة، فكان مقياس مياه النيل مهما جدا لقراءة مستوى المياه والتنبؤ به، ومن ثم معرفة مصير البلاد: هل سيحدث إغراق أم جفاف؟ أم ستكون كمية مياه الفيضان مناسبة ولا تحدث كارثة؟.. ومن ثم اتخاذ الإجراءات التي من شأنها التعامل مع تلك المواقف كما أن كمية مياه الفيضان كانت هي الأساس في تحديد الضرائب الواجب على المزارعين والفلاحين سدادها . وعلاوة علي ذلك فإن للنيل قيمة أخرى كبيرة في مجال صيد الأسماك ،وفي مجال النقل النهري إذ أن توافر الأحياء الدقيقة في مياه النهر ساعد على تكاثر الأسماك وخاصة أسماك البلطي والبياض وقراميط النيل، لذلك فإن صيد الأسماك كان من الحرف الرئيسية التي عمل بها، ولا يزال يعمل بها سكان الدول التي يمر بها نهر النيل كما أن وجود النهر قد ساعد علي ربط شمال البلاد بجنوبها؛ مما سهل عملية نقل البضائع والسلع والمحاصيل وأيضا تنقل الأفراد بين الوجهين البحريّ والقبليّ ولهذه الأسباب مجتمعة قدسه الفراعنة وخصصوا له إلها هو "حابي" إله الخصوبة، وخصصوا له عيدا بمناسبة قدوم فيضانه يحتفلون به في شهر أغسطس من كل عام تزامنا مع بداية السنة المائية وهو عيد وفاء النيل.