"لم تترك الدولة العاصمة القديمة تحترق بأهلها، وتندثر ظلما وقهرا وفقرا ومرضا" كما تروج قوي الشر، وأصحاب النفوس السيئة لكلمات كان قد كتبها الروائي أحمد خالد توفيق، باحثين عن تضليل المجتمع عبر أداة "السوشيال ميديا" التي يتلقي منها المواطن الأخبار والأنباء، فاستخدموا تلك المقولة كوسيلة للضرب في البلد قبل النظام السياسي كعقاب له علي بناء العاصمة الجديدة، كأن القاهرة لم تنفجر من الزحام السكاني. ضاربين بكل التطوير الذي يحدث في شتي ربوع مصر عرض الحائط، كأن أعينهم لاتري سوي القبح لذلك يبحثون عنه ويلهثون وراءه، وآخر هذا التطوير كان تطوير "ميدان التحرير" الذي كان شاهدا علي العديد من الأحداث السياسية الهامة عبر تاريخ هذا البلد. ويرمز الميدان إلي حرية الشعوب وصمودها، حين شهد عدة مواجهات بين المحتجين والقوات الأمنيه، بداية من أحداث ثورة 1919 التي كانت ضد تغلغل الإحتلال الإنجليزي في شئون البلاد، مرورا بتظاهرات عام 1935 ضد الإحتلال أيضا، إلي تظاهرات عام 1977 ضد الرئيس السادات وعرفت بثورة الخبز، وأصبح ميدان التحرير هو حديث العالم وأيقونة النضال والحرية في أحداث ثورة يناير 2011 التي تخلصنا فيها من نظام أفسد الحياة السياسية بصفة خاصة، والإجتماعية بصفة عامة، منعا للتوريت في بلد يحكمها النظام الجمهوري، وحيث تصور الجميع بعدها أن الثورة قد حققت أهدافها، بالرغم من أنها حققت مطلبا واحدا منها فقط وهو سقوط مبارك، لتنحرف عن مسارها وتركبها جماعة إرهابية، أرادت تحويل البلد من دولة يحكمها الدستور والقانون إلي دولة يحكمها العنف والإرهاب. ولم نلبث سوي عام واحد حتي صححنا المسار بثورة 30 يونيو من قلب هذا الميدان. وفي عام 1865 تم تأسيس ميدان التحرير في عهد الخديوي آسماعيل. وسمي الميدان في بدايتة بميدان "الإسماعيلية" نسبة له. فقد كان مغرما بالعاصمة الفرنسية "باريس"، وأراد تخطيط القاهره علي غرارها، وإنشاء ميدان يشبه الشانزلزيه، ثم تغير الإسم إلي ميدان التحرير نسبة إلي دعوة التحرر من الإستعمار في ثورة "1919"، ثم ترسخ الإسم في ثورة 23 يوليو عام 1952. وفي إطار خطة الدولة حاليا لتطوير ميدان التحرير الذي يعد شريان الحياة للقاهرة، نظرا لما يمتلكه من موقع جغرافي متميز، متفرعا منه أشهر شوراع القاهرة، سعت الدولة خلال ماتم تنفيذه من أعمال إلى إبراز ماتمتلكه مصر العريقة من كنوز فريدة، والوصول بالميدان إلي أبهي صوره، لجعله مزارا جديدا ضمن المزارات السياحية في مدينة القاهرة. وشهد الميدان عددا من أعمال التطوير، أهمها رفع كفاءة الحديقة والنافورة المقامة بمقدمة المتحف المصري، وإعادة ترميم مسلة الملك "رمسيس الثاني" والتي تم نقلها من منطقة "صان الحجر" بمحافظة الشرقية لميدان التحرير، ويبلغ إرتفاعها حوالي 19 مترا، ووزنها 90 طنا، وهي منحوتة من حجر الجرانيت الوردي، وتصور الملك "رمسيس الثاني" واقفا أمام أحد المعبودات، وأيضا الإنتهاء من أعمال تركيب "الكباش الأربعة" الفرعونية علي القواعد المخصصة لها بجوار مسلة الملك "رمسيس الثاني"، لإضفاء طابع الحضارة الفرعونية علي الميدان، وإزالة التشوهات البصرية، ولا سيما الإعلانات التي كانت تعلو واجهات جميع العمارات ودهنها وترميمها بما يتناسب مع القيمة التاريخية للقاهرة الخديوية، وتوفير أعداد مناسبة من الجلسات والكراسي في جميع أنحاء الميدان، ورصف ممرات المشاة والأرصفة بالخرسانة الممشطة ليتناسب مع حجم الحركة به، وإنشاء منحدرات علي الأرصفة لتسهيل حركة ذوي الإحتياجات الخاصة، وتخصيص مساحات سيتم إستخدامها كمناطق لإنتظار الدراجات ضمن المشروع التجريبي لإستخدام الدراجات بوسط القاهرة. وأخيرا تصميم نافورة بثلاثة مستويات في قلب الميدان حول المسلة لتكون بمثابة عنصر إحتفالي يضفي مظهرا جماليا علي الميدان قريبا سيتم إفتتاح ميدان التحرير بثوبه الجديد في عصر رجل لايريد أن يقال له "تمام سوي بكمال التمام"