مع تولي المرحوم الشيخ زايد مقاليد حكم أبوظبي في 6 أغسطس 1966 إنطلق للعمل علي بناء وتنمية الإمارة في مختلف المجالات ببرامج طموحة في شتي مناحي الحياه وكان الإنسان المتعلم هوالدعامة التي يجب الإعتماد عليها.. ويؤكد ذلك بقوله: 'إننا أيقنا من البداية أن الإنسان هو أساس كل عملية حضارية وهو محور كل تقدم حقيقي'. وبناء عليه عمل علي إستقدام كافة الكفاءات من جميع أنحاء العالم للمساهمة في منظومة البناء والتطور، ، بقناعة أن الإنسان هو محور كل تقدم حقيقي.. وكان من بين هؤلاء أحد أقطاب الإخوان وهو الشيخ الدكتور / عز الدين إبراهيم مصطفي 'ولد عام 1928 وتوفي عام 2010' ووهو من المجاهدين الذين تربوا وعملوا مع الإمام حسن البنا - وكان من أبرز الدعاة الي الله، حصل علي الجنسية، وعمل مستشارا ثقافيا للمرحوم الشيخ زايد، ومسئولا عن أعماله الخيرية في العالم - ومن خلال مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية قام بدعم مراكز حفظ القرآن بالتعاون مع مجمع الفقه الإسلامي في جدة، وإعداد موسوعة إسلامية كبيرة بمسمي معلمة القواعد، وله أكثر من 23 كتابا تعليميا وأبحاث كثيرة تتصف بالتنوع، كما أسهم في ترجمة الأحاديث النبوية الشريفة وقد إرتبط بالقضية الفلسطينية منذ وقوع النكبة، فدافع عن الإرض وبيت المقدس بعدة كتابات ومحاضرات علمية للتصدي لمحاولات تهويد القدس الشريف ومقدساته وتثبيت هويته العربية وقد وضع الشيخ زايد كافة الإمكانيات تحت يد الدكتور عز الدين ابراهيم.. وأري أن هذه كانت البدايات الأولي لوجود الإخوان المسلمين في الإمارات، ، ويشير الباحث السعودي عبد الله بن بجاد العتيبي في دراسة له بعنوان 'الإخوان المسلمين والإمارات' - صادرة عن مركز المسبار للدراسات والبحوث - إلي أن بدايات تأسيس تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، يرجع إلي نهاية الستينات أو منتصف السبعينات، مدللا علي ذلك بقول 'الإخواني السابق 'علي عشماوي وهو يخاطب سيد قطب ومن المرجح أن هذا الحديث جري في عام 1965 م: ' والإخوان في إمارات الخليج اختاروا الأخ 'عز الدين إبراهيم' مسؤولا '، ويضيف عنه' هو أحد الإخوان الذين هربوا من مصر عام 1954 إلي ليبيا.. ثم اتجه بعد ذلك إلي الخليج، في حال الملف عاش مدة طويلة هناك وإنتخبه الاخوان مسئوولا ' ويتحدث الدكتور عبد الله النفيسي في دراسته 'الإخوان المسلمون التجربة والخطأ'، عن حج الهضيبي عام 1973 فيقول: 'وفيه عقد أول اجتماع موسع للإخوان.. ونظرا لأن معظم الإخوان في الخارج قد هاجروا إلي منطقة الخليج والجزيرة العربية، فقد تركز عمل لجنة العضوية في تلك المناطق: فتشكلت لجنة الكويت، ولجنة قطر، ولجنة الإمارات '. ويشير النفيسي إلي وظيفة إخوان الخليج في نظر التنظيم الدولي، قائلا: 'إن أقطار الخليج والجزيرة ممثلة بثقل يفوق أهميتها بكثير، فحاجة التنظيم الدولي للإخوان للمال يتم تلبيته من خلال ذلك، فمندوبو السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت يتم دائما توظيفهم في عملية جباية الأموال للتنظيم الدولي للإخوان ' وفي هذا العام نفسه 1973.. يؤكد الأستاذ سالم النعيمي كاتب وباحث إماراتي في حديث لمجلة 'المجلة' أن البدايات الأولي لوجود الإخوان المسلمين في الإمارات تعود إلي هذا التاريخ حين هاجر إلي الإمارات عدد من المدرسين والأساتذة المصريين 'الإخوان' الباحثين عن العمل في دولة الإمارات، ويؤكد النعيمي أنه ' في تلك الفترة لم تكن مشاريعهم ورؤاهم واضحة أو معروفة، ولم يكن المواطن الإماراتي يعي من هم جماعة الإخوان المسلمين. أما الباحث السعودي منصور النقيدان فيتلمس البداية الأولي لوجود الإخوان المسلمين في الإمارات في دراسة له بعنوان 'الإخوان المسلمون في الإمارات.. التمدد والانحسار 'نشرها مركز المسبار، مستشهدا بحديث للدكتور محمد الركن أستاذ القانون الدولي السابق، وهو من القيادات البارزة بين الإخوان الإماراتيين الذي قال بأن عودة بعض الطلبة الإماراتيين في أواخر الستينات من دراستهم في مصر والكويت، كان بداية لتشكل تيار للإخوان في الإمارات، 'يحدوهم أمل إنشاء جماعة تمارس أنشطتها وتنشئ مؤسساتها ومحاضنها التربوية في البلاد، لتستقطب الشباب إلي أفكار الجماعة، وتهيئهم ليكونوا كوادر مؤثرة في المجتمع الإماراتي الوليد'، ويضيف النقيدان 'نجحت الجماعة في جهودها، واستطاعت عبر كسب تعاطف ودعم نخبة من رجال الأعمال والوجهاء وعلماء الدين، أن تنشئ إحدي أقدم الجمعيات الأهلية في الإمارات، وهي 'جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي' الامتداد التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين وتلقت الجمعية الوليدة رعاية أبوية ومساهمة رمزية من إخوان الكويت، حيث ساهمت جمعية الإصلاح الكويتية بتأثيث مقرها، واستمر هذا الترابط العضوي بين فرعي الإمارات والكويت، عبر اللقاءات والزيارات وإقامة المخيمات الصيفية في الكويت، وتنظيم الرحلات '. وبتفصيل أكثر يوضح النقيدان أنه في عام 1974 تقدمت مجموعة من رجال الأعمال والوجهاء والمشايخ والدعاة - ومنهم الإخوان القدامي مثل سلطان بن كايد القاسمي، ومحمد بن عبد الله العجلان، وعبد الرحمن البكر وحمد حسن رقيط آل علي، وحسن الدقي، وسعيد عبد الله حارب المهيري - تقدمت هذه المجموعة بطلب إلي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي بإشهار الجمعية، مضيفا 'تولي الشيخ محمد بن خليفة آل مكتوم منصب أول رئيس لمجلس إدارة الجمعية. وتبرع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بإنشاء المقر الرئيسي بدبي، تلاه إنشاء فرعين للجمعية في إمارتي رأس الخيمة والفجيرة، وقد تبرع الشيخ راشد آل مكتوم أيضا بتكاليف إنشائهما، ويقال إن رئيس الدولة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تبرع بأرض لإنشاء فرع للجمعية في أبوظبي نهاية السبعينات، ولكن قرار إنشاء الفرع جمد لاحقا. أما إمارة الشارقة فقد أغلقت الباب في وجه الإخوان، ولم تسمح بافتتاح فرع للجمعية، ربما يعود ذلك إلي غلبة المزاج القومي والعروبي علي مفاصل الثقافة في الإمارة المحافظة في السبعينات، متأثرة بأجواء الخصومة التاريخية بين الناصريين والإخوان في تلك الفترة التي استمرت حتي نهاية الثمانينات. وفي عجمان لم تؤسس جمعية الإصلاح فرعا لها، واكتفي الإخوان بتبعية لجنة الإرشاد والتوجيه الاجتماعي لهم '، وإن كان النقيدان في دراسته يشير إلي دور إخوان الكويت في تأسيس نشاط جماعة الإخوان في الإمارات، إلا أن الكاتب الإماراتي عبد الغفار حسين رئيس جمعية حقوق الإنسان الإماراتية يختلف معه ويرجع الدور إلي إخوان قطر، حيث أوضح في مقال له نشر في صحيفة الخليج الإماراتية أن نشاط الإخوان في الإمارات قد انطلق من مقر البعثة التعليمية القطرية في دبي التي جاءت كمساعدات من قطر للإمارات في عام 1962 وكان للشيخ عبد البديع صقر أحد رموز الإخوان المسلمين المصريين ضلع في تأسيس هذا المكتب واختيار المدرسين والقائمين علي شؤونه، وكان الشيخ عبد البديع يتردد بانتظام علي الإمارات، وأسس فيها مدرسة تابعة له اسمها مدرسة الإيمان في منطقة الراشدية بدبي. ويضيف حسين 'كان الشيخ عبد البديع والشيخ يوسف القرضاوي يقيمان في قطر، ويترددان باستمرار علي الإمارات، وكانت المكتبة العامة التي أسستها البلدية عام 1963 مركزا للمحاضرات، ومن أنشط المحاضرين في قاعة هذه المكتبة التي كانت تستقطب جمهورا غفيرا، كان الشيخ عبد البديع وعدنان سعد الدين أحد رموز إخوان سوريا والشيخ يوسف القرضاوي. وعند قيام دولة الإمارات عام 1971 ظهر بشكل ملحوظ أن هناك فئة قليلة تشبعت بدعوة جماعة الإخوان من أبناء الإمارات، ولا سيما أولئك الطلبة الذين أتيحت لهم فرصة الدراسة في قطر، أو الذين بعثوا للخارج للدراسة ضمن البعثة القطرية، وأصبح هؤلاء من بين الطبقة 'المتعلمة' التي استعانت بهم الدولة في بناء هياكلها الإدارية من وزارات وغيرها، وأهم المؤسسات التي قدر لها بعض الوقت أن تخضع للتوجيهات الأيديولوجية في الإمارات هي مؤسسات التعليم '.