فى وقت تكتظ فيه الساحة الغنائية، والفنية، بكل ماهو «رديء»، وتتهافت «الحناجر العقيمة» على ملء أسماعنا بصخبها، وضوضائها، الذى يصيبنا بالتلوث».. فى هذا الوقت، وبعيدا عن هذا «الانحلال الغنائي»، اختار واحد من هواة «فن الزمن الجميل» أن ينأى بنفسه عن هذا «الانهيار المريع» فى «الفن والطرب»، ويسلك دربا من «الرقي»، ويؤسس «صالونا فنيا وثقافيا» أطلق عليه «صالون المنارة».. ليقدم من خلاله مايبهج النفس، ويرقى بالذوق العام، ويقدم عبر مجموعات من الفنانين «ملحنين ومطربين وعازفين» أغاني، وموسيقي، وألحان الزمن الجميل.. زمن محمد عبدالوهاب، وأم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، ومحمد عبدالمطلب، ورياض السنباطي، ومحمد الموجي، وبليغ حمدي، وغيرهم من «أساطين الطرب والموسيقي». منذ العام 2011 أطلق الدكتور «محمد سعد الدين إبراهيم»، صالون «المنارة الثقافي»، وقد اختار مكتبه فى شارع مكرم عبيد بمدينة نصر، ليطلق منه «رسالته الراقية» ثم مالبث أن نقله إلى «مكتبة مصر للثقافة» بشارع الثورة، خاصة بعد أن تزايدت أعداد زواره، ومريديه، وتحول إلى ملتقى لأصحاب الذوق الرفيع، ممن يجدون ضالتهم فى العودة لطرب الفن الجميل، وهروبا من الحالة المرضية «المزمنة» التى أصابت الطرب المصري، حين اعتلى ساحاته من لايعرفون للفن طريقا، ولاللغناء مذهبا. سنوات مضت، كان الفنان اللواء محمود معوض يقود فيها فرقة العطاء الجميل، حيث اختار د.محمد سعد الدين إبراهيم يوم «الأربعاء» كل أسبوعين «موعدا» للحفل الذى يضم باقة من الموسيقيين والفنانين الذين كان البعض منهم ضمن الفرق الفنية للراحلين «أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وعبدالمطلب» وغيرهم.. وبات من العلامات المميزة أن مؤسس الصالون لايغيب أبدا عن الليلة الجميلة التى يلتئم فيها الحفل، وبجواره السيدة حرمه، فيما كوكبة من الشخصيات البارزة، وزراء سابقون، ومسئولون كبار، حاليون وسابقون، يتصدرون المشهد. ومن جملة مايسعدنا فى «صالون المنارة الثقافي» الذى يحرص على تنظيمه والدعوة إليه بدأب الأستاذ والصديق «مصطفى مطلوب» هذا الحفل الجميل الذى عشنا لحظاته المبهرة مساء الأربعاء الماضي» حيث أتحفنا الفنان الكبير «محمد مصطفي» بعزفه الرائع على «الكمان» بلحن «رسالة من تحت الماء» للفنان «محمد الموجي»، وقدم الفنان «علاء قرمان» غناء وعزفا منفردا على العود ل«أنشودة الفن»، من ألحان موسيقار الأجيال «محمد عبدالوهاب»، وأبدع الفنان «فاروق محمد حسن» فى العزف على «الأوكورديون» فى أغنية «تم البدرى بدري» من ألحان «عبدالعظيم محمد».. وغير ذلك من إبداعات. غير أن مفاجأة كبري، أبهجت الحاضرين، حين بدأ الفنان الكبير «وائل أبوبكر» العزف على «الكمان» لما يقارب الساعة، وسط تصفيق وإعجاب الحضور، ليقدم عديدا من الألحان الجميلة «كل ليلة وكل يوم لبليغ حمدي، القلب يعشق كل جميل لرياض السنباطي، وقلبى ومفتاحه لفريد الأطرش، وياحبيب الروح، وإن كنت ناسى أفكرك لرياض السنباطي، وبتونس بيك لصلاح الشرنوبي». عالم جميل.. يأخذك بعيدا عن «غوغاء الغناء» و«عشوائية اللحن»..عالم من صنع فرد واحد، هو الدكتور «محمد سعد الدين إبراهيم» الذى يستحق تحية خاصة على «ذوقه الراقي» و«صالونه البديع».