لم ينس السكندريون ما حدث خلال العام المنصرم بشأن تلوث مياه الشرب، حينما لاحظوا تغير لون ورائحة المياه، لتنهمر الاستفسارات على المسئولين بالاسكندرية، الذين حاولوا (فى البداية) النفي، ثم قدموا مبررات مختلفة ومتضاربة، ونشروا فيديوهات أثناء زياراتهم لمحطات المياه، وتناول المياه من صنبور عادى بالمحطة!! فى مشاهد هزلية جعلت الذعر يسود المدينة لمنافاتها للواقع الذى يثبت نفسه بفتح أقرب صنبور مياه!! ونتج عنها انتشار شائعة تسمم المياه وليس فقط تلوثها، وحينها تنبه المسئولون لخطورة الأمر، وضرورة إعلان الحقائق قبل تفاقم الشائعات خاصة أنها تمس حياة كل مواطن، صدرت البيانات الرسمية، بعضها يؤكد أن السبب يرجع إلى كسر المواسير واجراء إصلاحات وصيانة وغسيل الشبكات، والأخرى تشير لانخفاض منسوب ترعة المحمودية المغذية لمحطات المياه مما أدى إلى تلك التغيرات؛ لكن اتفقت تصريحات كل الجهات على سلامة المياه، وعدم وجود ما يدعو للقلق!! وما أشبه اليوم بالبارحة، فبالإضافة إلى ضعف المياه المزمن الذى اضطر الجميع بمن فيهم سكان الأدوار السفلى للجوء لتركيب مواتير رفع، لوحظت ظاهرة غريبة تتلخص فى حدوث أعراض ما عند استخدام المياه الساخنة اثناء الاستحمام كالشعور بالاختناق، احتقان (الزور)، التهاب الجلد، احمرار ودموع و(حرقان) العيون، تهيج الاغشية المخاطية بالأنف، ضيق التنفس والشعور بالغثيان!! وكالمعتاد تقاعس المسئولون عن التفسير فى تجاهل تام ومتعمد. وحينما تعالت الأصوات عبر السوشيال ميديا، بدأت التبريرات الوهمية التى قد توصف بالبلهاء!! فقد تسابق مسئولو شركة المياه فى إلقاء اللوم على المواطن لأنه يغلق على نفسه الباب اثناء الاستحمام مما يجعله لا يشعر بتسرب الغاز الذى يسبب تلك الأعراض!! وبدأت بعض الصحف والمواقع الالكترونية التى (تهلل) لكل مسئول فى نشر تقارير عن الموتى اثناء الاستحمام بسبب تسرب الغاز!! لكنهم لم ينتبهوا إلى أن البعض لديه سخان الغاز خارج مكان الاستحمام، والبعض يستخدم سخانا كهربائيًا لكنه أيضًا يعانى من نفس الأعراض مما يظهر بوضوح مدى كذب هذا التبرير!! إن الوقائع حاليا تؤكد حدوث أضرار فور استنشاق بخار المياه الساخنة، ومن المعروف ان حرارة المياه تؤدى لتبخر المواد الكيميائية مثل الكلور والكلورامين والأمونيا وغيرها التى تستخدم (بنسب مسموح بها)؛ لتطهير المياه ولم ينتج عنها أى ضرر من قبل، فما الذى حدث؟! التبرير المنطقى يشير إلى زيادة تركيز الكيماويات أو تغير أنواعها مما نتج عنه تلك التأثيرات الجديدة!! وزادت المشكلة مؤخرا بانقطاع المياه خلال الأسبوع الماضى لفترة بلغت 20ساعة ببعض المناطق، لتعود بعدها معكرة وتحمل رائحة كريهة دون أى توضيح من السادة المسئولين!! ويبقى المواطن فى انتظار تفسير جهة مسئولة مع ضرورة إعلان آليات وخطط عاجلة لتدارك الأمر قبل أن تزهق أرواح بريئة لا ذنب لها إلا أنها تعيش فى مدينة يتسم مسئولوها بالصمم والبكم الاختيارى!!