هى المرة الأولى التى نحتفل بها بانتصار حرب أكتوبر المجيدة 1973م، وقد غادرنا هذا «الفتى الذهبي» الذى أراد له القدر أن يكون أحد أهم أسباب ذلك الانتصار العظيم الذى أعاد لنا الكرامة الوطنية من براثن العدو الصهيونى المتعجرف، بفكرته العبقرية القائمة على استخدام مضخات المياه لتدمير الساتر الترابى لخط بارليف الحصين تمهيدًا للعبور العظيم.. إنه اللواء باقى زكى يوسف الذى يستحق منا جميعًا أن نتذكره فى الذكرى الخامسة والأربعين لنصر أكتوبر. فى عام 1931م، كان ميلاد باقى زكى يوسف ياقوت، وفى عام 1954م تخرج فى كلية الهندسة بجامعة عين شمس (قسم ميكانيكا)، والتحق بالقوات المسلحة فى العام نفسه حيث تدرج فى القوات المسلحة بجميع الرتب والمواقع حتى حصل على رتبة لواء أركان حرب. وتروى صفحات التاريخ أنه إبان معركة مصر الكبرى.. شعبًا وجيشًا.. فى حرب الاستنزاف العظيمة لإزالة آثار العدوان بعد نكسة 1967م، كان التفكير العسكرى المصرى مشغولًا بكيفية عبور قناة السويس لتوجيه ضربة مباغتة للعدو الصهيوني، وكان العائق الأكبر فى سبيل تحقيق ذلك الهدف الساتر الترابى الضخم لخط بارليف الذى ادعى الصهاينة أنه لا يمكن تخطيه إلا ب»القنبلة الذرية»!!. وهنا تفتق ذهن الضابط - مهندس.. باقى زكى يوسف.. عن حل غاب عن الجميع، ألا وهو تجريف رملة خط بارليف، وبنفس الأسلوب الذى تم استخدامه سابقًا فى مشروع السد العالى عام 1964م، إذ تقوم الفكرة التى عرضها الضابط الشاب على استخدام المياه لتجريف جبال الرمال، فباستخدام قوة دفع المياه ينهار أشد الجبال ويتحول إلى حبات رمال تغرق فى قاع النهر ليتم سحبها مرة أخرى وشفطها فى أنابيب خاصة لاستغلالها فى أعمال بناء جسم السد العالي، وهنا قال باقى زكى لقيادة الجيش الثالث - وذلك فى أحد اجتماعاتها عام 1969م- : « لكى نفتح ثغرات فى الساتر الترابي، علينا أن نوجه مدافع مياه مضغوطة إلى جسم الساتر لتجرى رماله إلى قاع القناة». ونالت الفكرة استحسان قائد الجيش الثالث، فطلب من الضابط الشاب إعداد تقرير فنى عن فكرته وكيفية تنفيذها، وقد نال هذا التقرير إعجاب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى أمر بدراستها وتجربتها. وبالفعل، قام باقى زكى يوسف بتصميم مدفع مائى فائق القوة لقذف المياه بإمكانه أن يحطم ويزيل أى ساتر رملى أو ترابى فى زمن قياسى قصير وبأقل تكلفة ممكنة مع ندرة الخسائر البشرية.. وهكذا مهد الراحل الكبير باقى زكى يوسف (توفى فى 23 يونيو 2018م) الطريق للعبور العظيم، وكان لزامًا علينا أن نتذكره فى يوم الفرح.