تمتلك محافظة أسوان الكثير من المقومات السياحية التي تضعها في مصاف الأماكن الجديرة بالزيارة والمشاهدة من قبل جميع القاصدين والباحثين عن السياحة، ويساعدها علي ذلك طيبة أهلها الذين يعمل أكثر من 21٪ منهم بالسياحة، وصفاء جوها الذي يخلو تمامًا من التلوث الهوائي. والمشكلة في السياحة أنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالناحية الأمنية، ومنذ غاب الأمن وكثرت الاحتجاجات والاعتصامات وقطعت الطرق، عادت السياحة إلي نقطة الصفر، وأصبح المسافر يسأل القطار.. 'ياوابور قوللي رايح علي فين' لأنه لا يعرف إلي أين ستنتهي الرحلة، ولم نعد نسمع صوت ماكينات أو صافرات البواخر السياحية لخلوها من السائحين، حتي نهر النيل تبدو مياهه حزينة وهي تري الفنادق العائمة متراصة بدون زبائن، والمراكب بأشرعتها البيضاء كأنها استسلمت للواقع المؤلم. غير أن الأسبوع الماضي شهد حركة سياحية ملموسة حيث بلغت نسبة الإشغالات حوالي 02٪، بسبب انخفاض درجة الحرارة في أوربا ودول شمال إفريقيا مثل: تونس والجزائر والمغرب وقد وقفت هذه الظروف حائلا دون جذب المزيد من السائحين نظرًا للغياب الأمني وغلق الهويس والاعتصامات والاحتجاجات. يقول عبد الناصر صابر 'نقيب المرشدين السياحيين بأسوان': من الأفضل عمل دعاية خارج مصر دون مجاملات ومحسوبيات وأن تراعي مصلحة الوطن. ويقول حمدي عبد العزيز 'نائب مدير أحد الفنادق بأسوان' إن هناك انخفاضًا في عدد السائحين منذ الانفلات الأمني حيث بلغت نسبة الاشغالات من 02 إلي 03٪ مقارنة بالسنوات الماضية في مثل هذا الوقت من السنة حيث تصل النسبة إلي 001٪ وذلك بالرغم من أننا نقدم تخفيضًا قدره 02٪ للأجانب وصل إلي 05٪ مع السياحة الداخلية خلال أجازة نصف العام، وأضاف: 'معظم السائحين الذين يزورون مصر من أستراليا وكندا وأعداد قليلة جدًا من الفرنسيين ونتمني عودة السياحة ككل في أقرب وأسرع وقت ممكن'. ويقول أشرف بشري 'مرشد سياحي': السياحة في أسوان لا تختلف عن وضع السياحة في المحافظات الأخري فمعظم السياحة 08٪ منها سياحة شرقية وترفيهية و02٪ تتجه للسياحة الثقافية بين الأقصروأسوانوالقاهرة. أسوان تعتبر أقل حظًا من القاهرةوالأقصر اللتين تتمتعان بقبول سياحي نظرًا لاستقبالهما طائرات الشارتر التي تعتمد علي زيارة اليوم الواحد، وإذا استطعنا توجيه الطيران القادم من مرسي علم إلي الأقصر علي أن ينتهي في أسوان وأبوسمبل فإن هذا سيسهم في زيادة عدد السائحين وبالتالي الليالي السياحية. وطالب 'بشري' الشركات السياحية بإعطاء وقت للسائح كجولة حرة حتي يتسني له شراء ما يحتاجه حيث إن أصحاب البازارات لديهم أسر ومسئوليات ويريدون أن يعيشوا عيشة كريمة، وعلل مشكلة توجه معظم السائحين إلي بازارت الخزان مما يحرم المناطق الأخري من عملية الشراء بأن المرشدين السياحيين مرتبطون ببرنامج معين منذ قدوم السائح حتي مغادرته، وسبب اختيار بازارات الخزان أولاً هو تعاقد الشركة، ثانيا ضمان حسن التعامل مع الزبون - إلي جانب جودة الخامة المقدمة. ولا ننسي أن أصحاب البازارات يعانون منذ عام 8002 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية - ومن ثم أحداث ما بعد الثورة، وأكثر الناس الذين يتضررون هم أصحاب السوق السياحي القديم. ويقول عبادي محمد أحمد 'حاصل علي ليسانس دراسات إسلامية وصاحب بازار': أعمل في هذا البازار منذ 12 عامًا، ونعاني ندرة الزبون منذ 3 سنوات خاصة بعد الثورة.. فلم تعد هناك سياحة خارجية أو داخلية والسبب يرجع إلي الانفلات الأمني وعدم وجود الوعي لدي معظم المواطنين. وأضاف: أنا في حيرة بسبب عدم استطاعتي تسديد ديون البضاعة المتراكمة في البازار إلي جانب التزاماتي تجاه أولادي وأهلي. عبد الغني محمود حسين '66 سنة' موجود في هذا المحل منذ 04 عامًا يقول: لدي 91 من الأبناء: 01 ذكور و9 بنات وكلهم يجلسون في البيت بدون أي وظائف أين العدل؟ حتي مصدر الرزق الوحيد متوقف، فهل نمد أيدينا لنقول أعطونا؟! لا والله حتي ولو أكلناها بالتراب نحن صعايدة لدينا عزة نفس، لكن كل الذي نطلبه هو مساعدة الحكومة أبنائي وغيرهم ومساعدتنا نحن، فيجب أن تلغي فاتورة الكهرباء وعدم دفع الضرائب لأننا خسرنا الكثير منذ قيام الثورة، نحن نطلب من الله الستر والصحة. مصطفي عبد الستار محمد '72 سنة' يقول: تخرجت منذ عام مرشدًا سياحيا إسبانيًا ولكني لم أحصل علي كارنيه نقابة المرشدين السياحيين حتي هذه اللحظة بسبب عدم وجود الواسطة، ولذلك أعمل في هذا البازار الواقع في سوق سعد زغلول السياحي الذي يكتظ بالباعة الجائلين الذين يقومون بتغيير العملة وبيع ورق بردي؛ مستغلين عدم التواجد الأمني. وأردف زميله في البازار عبد الناصر حسين '03 سنة': منذ قيام الثورة لم نشاهد قارئ العداد الكهربي وهذا يزيد من صعوبة تسديد أي مبالغ مالية في هذا الوقت بسبب عزوف السائحين وبالتالي توقف عمليتي الشراء والبيع، ونطالب الحكومة بتوفير وظائف لنا لأن السياحة أصبحت غير مضمونة. بينما تقول إيمان محمد محمد '73 سنة': أعمل في البازار بجانب شقيقتي الصغري من أجل العيش بكرامة، ولكن منذ انقطاع السياحة نواجه مصاعب كبيرة في الإنفاق لأننا لم نعد نملك إلا الدعاء لله تعالي أن يوحد صفوفنا ونتكاتف ونتعاون علي العمل الطيب والكلمة الصادقة حتي تعود السياحة ويعود الخير إلي ربوع مصر. سيد إبراهيم خليل '75 سنة': أعمل نقاشًا علي النحاس منذ 53 عامًا، وأفضل فترة عملت فيها ما بين عام 8991 حتي 7002 حيث كان الإقبال علي شراء تلك المنتجات عاليا جدًا، أما الآن فأصبح الوضع لا يسر بسبب عدم وجود الزبون الأجنبي أو المصري، والان أقوم بعمل تشكيلات علي الحوائط في المنازل والمحلات والشركات من أجل لقمة العيش التي لا تعرف إلا الجهد والعرق. ويقول عبد الله جلال: أعمل علي هذا الحنطور منذ 51 سنة وبسبب عدم حضور السائحين إلي أسوان لم أشتر اللحمة لأولادي إلا 5 مرات خلال السنة الماضية، وحتي الحصان أصبح يأكل نصف بطن لأنني أصبحت لا أملك النقود التي كانت تساعدني علي تلبية احتياجات البيت والأولاد، وهذا الحنطور هو مصدر رزقي الوحيد ولا يصلح أن أعمل به في مجال آخر، تظاهرنا أمام المحافظة من أجل تعويضنا عن الخسارة التي حلت بنا ولم يستجب أحد، لكن ماذا أفعل أنا وزملائي والديون تحاصرنا من كل مكان؟ حمادة محمد علي 'سائق': قمت بشراء هذه السيارة منذ عام ونصف العام بالتقسيط وقمت بترخيصها سياحة، ومنذ الثورة انخفضت أعداد السائحين في مصر عامة وأسوان خاصة وهذا سبب لي مشكلات كثيرة: أولاً من ناحية تسديد أقساط السيارة إلي جانب إيجار الشقة وفاتورة الكهرباء والمياه والتليفون. ويضيف: أطالب كل المصريين المحبين للوطن بالعودة إلي أحضانه فلا داعي لقطع الطرق والاعتصامات والاحتجاجات ويجب النظر لمصلحة مصر التي هي فوق كل اعتبار حتي تعود عجلة الإنتاج إلي الدوران.