نعود قليلُا للعام 2013 وبعد صدور عدة تقارير مشبوهة، تشير إلى استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيميائية ضد شعبه، في أغسطس 2013، ما أسفر عن سقوط (1400 قتيل) من المدنيين، ووصول لجان تقصي الحقائق من الأممالمتحدة إلى سوريا، وتأكيدها استخدام بشار لهذا النوع من الأسلحة. هدد أوباما آنذاك بضرب سوريا، وعاش العالم بأسره لحظات الانتظار لتدخل عسكري أمريكي جديد في الشرق الأوسط، وهذه المرة في سوريا. تراجع أوباما مع كبار مستشاريه في المكتب البيضاوي في اللحظات الأخيرة عن توجيه ضربات صاروخية لسوريا، بعد أن تمكن من إبرام اتفاق مع روسيا في سبتمبر 2013 يلزم نظام بشار الأسد بالتخلي عن مخزونه من الأسلحة الكيميائية، والانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وهو ما وافق عليه بشار فعليًا بجهود إيرانية، وقام بتسليم نسبة 5 ٪ من مخزونه الكيميائي قبل انتهاء الموعد المحدد في 5 فبراير 2014. تم تسليم نحو (32 طنا) من أسلحة سوريا الكيميائية من الفئة (أ) إلى السلطات الدولية في ميناء اللاذقية السوري وتم تحميلها على السفن وإرسالها إلى عرض البحر لتدميرها. رأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أنه لا تزال هناك (670 طنا) من تلك المواد الكيميائية لم يتم تسليمها بعد رغم قرب انتهاء المهلة المحددة وبعد انتهاء المهلة بثلاثة أشهر أعلن المتحدث باسم الإدارة الأمريكية بأن (92.5 ٪) من الأسلحة والعناصر الكيميائية قد أزيلت من سوريا. وفي يونيو 2014، أعلن روبرت ميكولاك ممثل الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن سوريا قد أخلَّت بسلسلة من الجداول الزمنية، وأشار إلى أنه كان من المفترض أن يتم تدمير منشآت الإنتاج في سوريا في مارس ولكن العملية لم تبدأ بعد ولم تنقل سوريا أيًا من ال 8 ٪ المتبقية نحو ميناء اللاذقية. وبعد أيام قليلة من إعلان ميكولاك قامت سوريا بالفعل في 29 يونيو2014 بارسال آخر جزء من مخزونها الكيميائي المعلن إلى ميناء اللاذقية؛ حيث جرى نقله على متن سفينة دنماركية. وقد صرح جون كيري وزير الخارجية الأمريكية آنذاك قائلًا: «لقد وصلنا إلى نتيجة أخرجنا بها (100 ٪) من الأسلحة الكيمائية المعلنة خارج سوريا. أسلحة الدمار الشامل قد تم اخراجها بالكامل من منطقة الصراع ونحمد الله على ذلك انه تقدم كبير وروسيا ساعدت على اخراج الأسلحة الكيميائية من سوريا». كما أكد باراك أوباما أن سوريا تتخلص من اسلحتها الكيميائية ومن ثمة تدميرها من قبل المجتمع الدولي. هكذا تم تفكيك الترسانة الكيميائية لسوريا عام 2014، وتلك كانت تأكيدات الجانب الأمريكي حول خلو سوريا من الأسلحة الكيميائية، والتي سقط جزء منها بالفعل بحوزة جيش النُصرة وقام تنظيم داعش بالسطو على جزء منها من مخازن السلاح الخاصة بجيش النُصرة. كما أن كافة الصحف الأمريكية التي زعمت استخدام بشار للأسلحة الكيميائية ضد شعبه، هي ذات الصحف التي طالعت قراءها مرارًا، بأدلة تورط تنظيم داعش، بامتلاك أسلحة كيميائية في العراقوسوريا. الأمر ذاته أكدته قيادة العمليات المشتركة في العراق خلال بيان صادر عنها في 19 أكتوبر2015، يؤكد استخدام تنظيم داعش قنابل هاون تحتوي على غاز الكلور السام، شمالي تكريت ضد القوات العراقية. كما كشف مندوب روسيا - فلاديمير سافرونكوف - خلال كلمته بجلسة مجلس الأمن التي عُقدت في أبريل من عام 2017، وبعد القصف الأمريكي على قاعدة الشعيرات، أن تنظيم داعش استخدم السلاح الكيميائي، منذ شهرين ضد المدنيين، في معركة تحرير الموصل. اتهم مندوب روسيا، مجلس الأمن، الكيل بمكيالين، وإنتقد دول الغرب التي صمتت على حادث الموصل، ولم يتحرك ساكنه، وكأنما مواطن العراق درجة ثانية، بينما المواطن السوري مواطن درجة أولى. أما كلمة مندوب سوريا- بشار الجعفري - فقد كشفت النقاب عن التخطيط والإعداد، لهذا العمل العدواني، بعناية فائقة، منذ عدة أشهر، داخل غرف سرية لأجهزة استخبارات تل أبيب، والرياض، والدوحة، وأنقرة، وعمان، وواشنطن، ولندن، وباريس، وهي العواصم التي عملت في السنوات السابقة على تسليح جيش النُصرة بالسلاح الكيميائي، وإلصاق التهمة بالجيش السوري. سرد الجعفري كافة العمليات التي استخدم فيها الإرهابيون السلاح الكيميائي، كما في خان العسل- الغوطة الشرقية - تتمس - سارمين وقومينس. ولفت الجعفري النظر، إلى قيام الحكومة السورية، بإرسال تسعين رسالة إلى مجلس الأمن، حول حيازة الجماعات الإرهابية أسلحة كيميائية، ولم يلتفتوا لها. وأشار الجعفري إلى إحدى هذه الرسائل، التى أكدت على تهريب غاز السارين السام، من ليبيا إلى تركيا، على متن طائرة مدنية، عبر شخص سوري مجرم يُدعى- هيثم القصاص - وتم إيصال (2 لتر) من السارين، إلى الجماعات الإرهابية في سوريا، إذ قال الجعفري لمجلس الأمن : «أعطيناكم الأسماء، والتواريخ، والأحداث، وطريق السير الذي حمل هذه المادة السامة من ليبيا إلى سوريا». أيام قليلة من اجتماع العصابة الدولية بمجلس الأمن، تم إبرام اتفاق مشبوه لتهجير أهالي الفوعة وكفريا بإدلب، إلي ريف حلب. تم شحن مئات الأطفال في باصات، ومع دخولهم الرويشد بريف حلب، حدثت المؤامرة الدنيئة التي لا يقبل بها أي دين سماوي. إذ تم إغراء الأطفال الجائعين بتوزيع أكياس الشيبسي عليهم، وبمجرد هبوطهم من الباصات وتجميعهم في بؤرة واحدة،كانوا على موعد مع الموت، عربة مفخخة تم تفجيرها وسط التجمع. 120 طفلا قتلوا بدمًا بارد، ومئات من المصابين. في ظل تعتيم إعلامي، وصمت دولي، وتواطؤ من العصابة الدولية بمجلس الأمن وضحكات ترامب لآية حجازي. كاتب جيوسياسي