مظاهر الاحتفال بالأعياد الدينية بمصر وبخاصة الاحتفال بعيد الفطر المبارك متعددة ومتنوعة في ثراء مظهرها الاحتفالي لاختلافها من محافظة لأخرى ومن قرية لقرية أخرى بسبب كثرة العادات والتقاليد المختلفة في كل منطقة ورغم ذالك هناك ثوابت لتلك المظاهر في مصر يمارسها ويتوحد من حولها جميع المصريين ومن أهمها صلاة العيد باكرا بالمساجد مع سماع الناس لخطبة العيد وعده يبادل الناس بعضهم بعضا بالعيد ثم يقومون مباشرة بالتوجه لزيارة القبور وبعده يبدأ الجميع في التزاور وصلة الأرحام , ووسط تلك المشاهد الاحتفالية التي لا توجد في بلد إسلامي على هذا النحو من التراحم والتزاور يشكل الأطفال بانوراما جميلة وكأحد أهم المظاهر التي تدخل البهجة والإحساس بجو العيد بسبب ما فيها من صدق المشعر والفرحة والغبطة التي توجد على وجوه الأطفال وظهرهم الجميل بسبب أزيائهم الجديدة والروح الجميلة التي تصاحبهم خلال أيام العيد الثلاث ومدى فرحتهم وسعادتهم بالعيد من خلال ممارسة أفعال جميلة ومنه الخروج باكرا للتكبير بجوار المساجد أزهى الحلي والثياب ثم العودة للمنزل لتناول كعك العيد ثم الخروج مرة أخرى لشراء العاب العيد المخلفة بسبب حصولهم على العيدية التي يقدمها لهم الأهل والأقارب وهى من العادات المصرية القديمة ثم الخروج للتنزه والذهاب إلى الملاهي المتوفرة بأقرب مكان سواء كانت بالمدينة أو القرية وأحيانا ما يصادف أيام العيد إقامة بعض الموالد الخاصة بأولياء الله الصالحين المنتشرين في ربوع مصر وبوجودها تكتمل الفرحة العامرة للأطفال لتوافر كل ما يحبوه ويرجوه من فرجة وشراء وممارسة الألعاب ومشاهدة الكثير من مظاهر الفرجة التي لاتتوافر بهذا الثراء إلا في الموالد ,أو الذهاب للملاهي والشواطئ وركوب النهر وركوب الحنطور بالقاهرة والمدن وغيره من المظاهر الاحتفالية التي يمارسها الأطفال خلال أيام العيد . وكانت محافظة الشرقية من أشهر المحافظات المصرية التي مازالت تحتفظ بعاداتها وتقاليدها ومظاهرها الاحتفالية لاستقبال أهلها بتنوعهم الثقافي والمجتمعي وتعدد اللهجات بها لعوامل تاريخية وجغرافية وبيئية جعلت من المحافظة مكانا متميزا لتنوعها الثقافي والتراثي ومن قرى محافظة الشرقية اخترنا قرية بني قريش مركز منيا القمح لنرصد من خلالها بعضا من مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المارك الموافق لليوم الاثنين الثامن والعشرين من شهر يوليو للعام2016م حيث يستيقظ نساء القرية مبكرا وقبل الرجال وتقوم كل سيدة بالكنس والنظافة أمام منزلها ويتم رش الماء فتصبح شوارع القرية كلها نظيفة في هذا اليوم ثم يستيقظ الرجال ويذهبون إلى المساجد ومعهم أطفالهم لأداء صلاة العيد المصحوبة بالتكبير والتحميد عبر مكبرات الصوت المتوفرة بالمساجد الآن وهم في أحلى الثياب وبعد الصلاة في مساجد القرية الكثيرة يتجهون جماعات لزيارة القبور ويقدمون التهاني لبعضهم البعض لطبيعة المجتمع القرابى بالقرية ثم تقوم النساء أيضا بالذهاب إلى القبور لقراءة الفاتحة مع تقديم الرحمات للأموات وعادة ما تكون من كعك وحلوى وفطرة العيد ومع عودتهم يبدأ الرجال والأولاد في تناول الفطور من الكعك والمكسرات والحلوى التي تملئي بيوتهم ثم تبدأ مراسم التزاور بين العائلات وبين الأصدقاء وهى من أهم عادات وسمات القرية في هذا اليوم , ثم القيام بزيارة وصلة الأرحام ،وخلال تلك الجولات داخل شوارع القرية يصطدم الناس بالأطفال الذين ينتشرون بملابسهم الفاخرة التي تعطى للعيد البهجة المطلوبة فيقوم الناس بتقديم العيدية للأطفال بشكل إجباري خلال أيام العيد وعادة ما تقدم من الأهل وألا قارب والأصدقاء حتى يتمكن الأطفال من شراء ما يلزمهم من العاب العيد المختلفة من المحلات الشهيرة بالقرية ومنها محل البقالة الذي كان يملكه الحاج سليم إبراهيم بموقعه المتميز الذي يتوسط القرية والذي يرجع تاريخه لأكثر من ثمانين عاما مضت ويتوافر بالمحل الذي يديره احمد سليم كل ما يلزم الأطفال من العاب ومأكولات ومشروبات العيد وفى بعض الأحيان يقوم الأطفال بادخارها لأنفسهم ويحفظونها في الحصالات وعادة ما تقدم العيدية من الكبار والعجائز من الرجال والنساء داخل نطاق المجتمع القرابى بالقرية ،وخلال أيام العيد الممتدة لثلاثة أيام يتصادف خلالها وجود الأفراح وليالي الأعراس بالقرية فتكسب العيد طابعا مميزا وتجعل الفرحة عامرة من كل جانب مما يدخل البهجة في كل لحظة من لحظات العيد ، وفي حدود الساعة العاشرة تذهب أطفال القرية بالتدريج إلى قرية مجاورة هي قرية شمبارة الميمونة التي يتواجد بها موالد دينية ومنها مولد سيدي أبو مسافر الذي يقام خلال أيام العيد وتوجد به كل مظاهر الفرجة التي تجذب أطفال القرى المجاورة ، فقديما كانت الأطفال تذهب إلى المولد لمسافة تصل إلى 2كيلو سيرا على الأقدام أو ركوب عربات الكارو ، أما الآن فإنهم يستخدمون التكتك الذي يقوم سائقيه بعمل جولات بشوارع القرية ثم توصيل الأطفال إلى المولد وعادة ما يشترون السردين والفسيخ عند عودتهم لتناوله كبديل عن الأطعمة واللحوم التي أكلوها خلال شهر رمضان ، وفي الساعة الثانية عشرة يقوم مسحراتي رمضان بعمل جولة ويقوم بالإيقاع على الطبلة التي يلتف من حولها الأطفال الموجودين بالقرية وهم في حالة من الفرح ثم يقوم المسحراتي بجمع ما يقدم له من هبات من أهل القرية نظير قيامه بتنبيههم بالسحور طوال ليالي رمضان . إن المظاهر الاحتفالية بالقرية كثيرة ولا حصر لها ، وما يتواجد بالقرية من مظاهر فإنه يتواجد في الكثير من قرى المركز والمحافظة مع بعض الاختلافات النسبية في المظاهر الاحتفالية بين أهل المدن وأهل القرى وأيضا البدو المستقرين في الجهة الشرقية لمحافظة الشرقية لتصبح قرية بني قريش نموذج يعبر عن المظاهر الاحتفالية لعيد الفطر المبارك .