المشهد القائم في مصر الآن وما يحمله من خطوات إستباقية وأخري خيالية يقودها حالمون لفظتهم الحياة السياسية والإجتماعية علي حد السواء ، وذلك المزيج الغريب الذي كاد أن يندثر لولا أن للوطن حدود ، ومكونات المزيج خارج حدود الوطن الآن ! .. كل هذا يذكرني بآخر قصيدة للشاعر الكبير الراحل " محمود درويش " " لاعب النرد " ، والتي قام فيها برثاء الذات بكلماتٍ موجعة إستشرق فيها موته ، حتي أنك تكاد تشتم رائحة كل النهايات بين حروف قصيدته ، ولعله كان لاعب النرد الوحيد الذي تواضع وقلل من شأن نفسه ، في حين أن غيره في زماننا لا شأن لهم ، ويتلاعبون بنرد الأوطان علي كل طاولات الإباحة والمباحة ، بكل تبجح دون أدني إنتماء يوقظ لديهم ولو قليلاً من الوعي الفكري والشعور بمعاناة الوطن وحربه المستمره ضد الإرهاب . ومن جديد .. عادت لتطل علينا بعد أكثر من عامٍ ونصف من الخرس النفسي واللفظي ، أصوات هشة لا تتعدي كونها همس مصطنع تنادي بإسقاط العسكر داخل إحدي الجامعات المصرية ، تبعتها مشاهد أخري فردية في عرض الطرقات ، في حراك هزيل ظنوه مُثمر بينما تصدي له أفراد من عامة الشعب ، فلا هي صرخات مدويه وحتماً ليست بموجات ثورية ، في تسلسل بدأ من تويتة " حزين عليكي يا بلدي " ، ثم الحديث عن الإختفاء القسري وحقوق الإنسان ، وصولاً لدعوات بالتظاهر في 25 يناير المقبل ، في رمية نردٍ أخيرة تشبة تلك التي حدثنا عنها درويش مع الفارق ، لأنها رمية إنتحارية علي طاولة مصر المصير . لن ترقي لكونها محاولة من لاعب سئ وأساء لكل قوانين اللعبة ، سيُسقط النرد في الهواء ، ولن يمس غير الهواء ، وسيقتله نفس الهواء ، سيجد طوفان من كفوف الشرفاء تدفعه بعيداً عن أرض مصر ، وغالباً لن يجد أخري تحتويه بعد الآن ! فأهلاً بك يا رامي النرد ، وبيننا وبينك شتاء يناير ، ودائماً قوانين أي لعبة تختلف مع برودة الشتاء ، وخسارتك لن تأتيك دفعة واحدة ، فأولاً ستموت برداً وأنت فارغ من دفء الوطن ، ثانياً ستموت رعباً من أبناء هذا الوطن .. فويل لك من طاولة مصر المصير !!