'وتر مشدود أتعبه النشاز '، تعبث به أنامل الهواه تارة، وأصحاب الأهواء تارة أخري، ولا أجد أدق من هذا التعبير لأصف به حال الوطن الآن، فمصرنا الآبية عزيزة الزمان، قيثارة هي وترها مشدود ويهذي تحت أنامل العصيان، تلك الأنامل الكريهه التي باتت مخالبها واضحة لكل العيان، لها لحن مطاطي، يرفع الرايه لكل القضايا، ويتسع لكل المعاني، يُغرقك حتي الموت، ويعود ليٍُنعيك بأحر الأغاني. وتطل علينا كل يوم لتمطرنا بغيمات بؤس تصرح دوماً، بأن هناك شئ ناقص، فرح ناقص، وطن ناقص، ووتر للوطن مشدود تحت أنامل العصيان، في صمت يأن، ومن صهيل الأماني في صمت يعاني. فيا سادة الألحان الغريبة، رفقاً بقيثارة الوطن، وكفوا عن النشاز، أزيحوا أناملكم الرثه عن الوتر المشدود، كفاه ما ذاقه إلي الآن، من كل خيبات الزمان. يا من تقفون في منتصف كل شئ، لا أنتم نهار، ولا أنتم ظلام، أنتم كالضباب، يسري في غفلة، ويخفي أكثر مما يظهره. يا من تفرضون علينا واقع آخر من نسج خيالكم المأجور، وعلي قمة الصياح الثائر كالديوك ترقدون علي أحلام الوطن، تكتمون أنفاس الحياة من قبل أن تولد، وتصادرون تفاصيل الحلم من مهدها، وتزأر ديوك الصياح كأسد في عرينه، يثور في حرارة موجعه لا تشبه كل شئ لامع أحاطه، وتأثر لا يحاكي تناقض مواقفه. ونعود للوتر المشدود، وتر تترنح ألحانه بين طرفين أحدهما جزء منه، والآخر يستمع من بعيد ويطرب لنشازه، وربما يتراقص فرحاً كلما إرتفعت حدة النشاز. يا من تعبثون بأقدار الأوطان، ولا تستشعرون أدني مسئولية تجاهه، تأكلونه وتشربونه وتتنفسونه، وبلا مبالاة ببضع كلمات في هوان تطعنونه، لك الله يا وتر، لنا الله يا وطن.