اكد المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء علي أن أمتنا العربية تواجه العديد من التحديات الخطيرة التي تهدد الأمن القومي العربي وتعطل جهود التنمية والاستقرار لشعوب دول المنطقة وتعمل علي تأجيج الانقسام والتفتت، مشيرا إلي أن تنامي ظاهرة الإرهاب يعد من أبرز تلك التحديات وأكثرها خطورة، والتي تتطلب تضافر الجهود لمواجهة هذا التحدي الخطير. وأكد رئيس الوزراء في كلمته خلال اجتماع اللجنة العليا المصرية التونسية المشتركة التي عقدت بتونس العاصمة برئاسة رئيسي وزراء البلدين - علي أهمية التعاون بين مصر وتونس لمواجهة الارهاب من خلال التنسيق بين الأجهزة الأمنية في البلدين، وأعيد التأكيد علي موقف مصر الداعم لتونس في مواجهة الإرهاب، ودعمنا الكامل للإجراءات التي تتخذها الحكومة التونسية لتحقيق أمن واستقرار البلاد. وفي بداية كلمته باجتماعات اللجنة العليا المصرية التونسية رحب المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بنظيره الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، والوزراء أعضاء اللجنة العليا. وقال رئيس الوزراء 'يطيب لي في البداية أن أعبر لكم وللشعب التونسي الشقيق عن بالغ تقديري وعظيم امتناني لما لاقيناه من كرم الضيافة والحفاوة والترحاب منذ قدومنا إلي وطننا الثاني تونس، كما يسعدني أن أنقل إليكم ومن خلالكم إلي كافة أبناء الشعب التونسي الشقيق تحيات جمهورية مصر العربية رئيساً وحكومةً وشعباً، وتمنياتهم الطيبة بدوام الرقي والتقدم، كما أود أن اغتنم هذه المناسبة لكي أتقدم لكم بخالص التهاني علي ما تحقق لبلدكم الشقيق من استقرار ونجاح للعملية السياسية، بتولي فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئاسة البلاد'. وأضاف المهندس إبراهيم محلب: نحن في مصر حققنا بنجاح أغلب استحقاقات العملية الديمقراطية، وقاربنا علي اكتمال خارطة الطريق بعد إقرار الدستور، و إتمام الانتخابات الرئاسية بتولي فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد في انتخابات رئاسية أجمع الجميع علي نزاهتها، ومصر الآن علي أعتاب الانتخابات البرلمانية لتكتمل الاستحقاقات السياسية بعد نجاح ثورتي الخامس والعشرين من يناير 2011 والثلاثين من يونيو 2013. وأشار إلي أن الأمل معقود أن يشهد البلدان الشقيقان مواصلة البناء وتحقيق عمليات التنمية الشاملة في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أننا نأمل في أن تُكللَ أعمال هذه الدورة للجنة العليا المشتركة بالنجاح بما يسهم في دعم وتوثيق أواصر التعاون والتكامل بين البلدين في كافة المجالات، خاصةً أن هذه اللجنة قد توقفت أعمالها لأكثر من خمس سنوات منذ عقد الدورة الرابعة عشرة بالقاهرة في منتصف عام 2010. وقال المهندس إبراهيم محلب: إن اجتماعاتنا اليوم في تونس تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين نمواً متزايداً في مختلف المجالات خاصةً المجالات الاقتصادية بشقيها التجاري والاستثماري، ومن الواجب علينا السعي الدءوب لدفع عجلة هذه العلاقات المشتركة إلي الأمام، خاصةً أن حجم التبادل التجاري بين بلدينا الشقيقين مازال دون مستوي طموحات شعبينا، لذا فإن إحداث دفعة إيجابية علي المستوي الاقتصادي يتطلب إزالة كافة القيود غير الجمركية لاسيما تراخيص وأذون الاستيراد، وضرورة تطبيق مبدأ الاستيراد التفضيلي بين البلدين، والذي أقرته اللجنة العليا المشتركةفي أكثر من دورة من دورات انعقادها، بالإضافة إلي أهمية العمل علي إنهاء قضية توحيد المواصفات القياسية للسلع المنتجة في البلدين خاصةً السلع المُرشحة للتبادل التجاري بينهما. وأضاف: علي الجانب الآخر، فإن حجم الاستثمارات المصرية في السوق التونسية حتي نهاية عام 2014 بلغ نحو 215 مليون دولار مُوزعة علي عدد من القطاعات السلعية والخدمية في مقدمتها قطاع الاتصالات الذي يستحوذ علي أكثر من 90% من هذه الاستثمارات، بالإضافة إلي قطاع البترول الذي شهد في الفترة الماضية إطلاق مبادرة لإنشاء شركات مشتركة تتولي إنشاء محطات للغاز الطبيعي في كلا البلدين، وجدير بالذكر أن قطاع البترول المصري لديه طموح كبير ورغبة أكيدة في دعم التعاون مع الجانب التونسي في كل ما يتعلق بمد خطوط وأنابيب الغاز الطبيعي وتوصيله إلي المنازل والمصانع التونسية وكل ما يتعلق بتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي. وفيما يتعلق بالاستثمارات التونسية في السوق المصرية أكد رئيس الوزراء أن إجمالي حجم هذه الاستثمارات بلغ لنفس العام نحو 35 مليون دولار حيث تعمل في هذه الاستثمارات نحو 247 شركة في عدد من القطاعات أهمها القطاع الصناعي والقطاع السياحي وبعض القطاعات الأخري الزراعية والإنشائية والتمويلية. وشدد محلب علي أنه يجب علينا ألا نغفل التعاون بين مصر وتونس في مجال السياحة، والذي يعتبر من الجوانب الهامة في محفظة التعاون المشترك خاصةً في ظل وجود إمكانيات سياحية هائلة في كل من الدولتين، لذا فإن دعم التعاون المشترك في هذا المجال الحيوي سوف يعود بالنفع علي اقتصاد البلدين من خلال الاستفادة من عوائد السياحة مما يساعد علي خلق فرص عمل ومواجهة البطالة بين شباب البلدين. وقال: إن الظروف الدولية والإقليمية الراهنة تفرض علينا تحديات جسيمة، مما يتطلب منا أعلي مستوي من التشاور والتنسيق بين بلدينا الشقيقين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية، لذا فإن اللجنة العليا المشتركة تعتبر آلية مُثلي لدعم أواصر التعاون بين البلدين، ولكن علي الرغم من المستوي الجيد من العلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين إلا أن طموحنا ورغبتنا في دعم وزيادة هذه العلاقات غير محدود، فنحن نتطلع إلي أن نضع معا نصب أعيننا أولوية إشراك القطاع الخاص الوطني ورجال الأعمال في البلدين وحثهم علي المساهمة في تمويل عمليات التجارة من خلال إنشاء بنك مصري تونسي مشترك وهو قرار اتخذته اللجنة العليا المشتركة منذ عدة سنوات، ونأمل أن يخرج هذا المشروع إلي النور في القريب العاجل، بالإضافة إلي أهمية استغلال توافر الأطر القانونية والتشريعية المُحفزة علي الاستثمار لتمهيد الطريق أمام المستثمرين ورجال الأعمال من البلدين للقيام بدورهم في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فعلي سبيل المثال هناك اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات والتي تهدف إلي تطوير وزيادة حجم الاستثمارات المشتركة، واتفاق منطقة التجارة العربية الحرة المتوسطية المعروف باسم إعلان أغادير، الذي يهدف إلي إقامة منطقة تجارة حرة تضم أهم الدول العربية علي ساحل المتوسط لدعم التعاون بينها في مجالات الاستثمار وتنمية الصادرات المشتركة. وأضاف المهندس إبراهيم محلب: نتطلع إلي يوم تتكامل فيه صناعاتنا المشتركة، من خلال تفعيل المجالس السلعية التي تم تشكيلها بين البلدين في قطاعات مكونات السيارات والصناعات الإلكترونية والكهربائية، من خلال تأسيس الشركات التجارية المشتركة المعنية بتسويق المنتجات المصرية والمنتجات التونسية سواء في البلدين أو في الاسواق الخارجية، خاصة أسواق إفريقيا. وقال محلب: لقد جئنا إلي تونس اليوم بمهام وتكليفات محددة، هي استثمار قوة الدفع التي تشهدها العلاقات بين البلدين، واغتنام الروابط الوثيقة والعلاقات المتميزة وخاصةً التقارب الثقافي بين البلدين، حيث إن ثقافتنا العربية ولغتنا العربية، التي تبذل الجهات المعنية في تونس جهوداً جبارة لترسيخ قواعدها بين أبناء الشعب التونسي الشقيق، تُمثل عوامل مد جسور التواصل وتساهم في تقريب المفاهيم. وفي ختام كلمته قال رئيس الوزراء: أكرر لكم الشكر والامتنان، وأتمني لكم دوام التوفيق والسداد، ولبلدينا الاستقرار والإزدهار آملاً من الله أن تُكلل أعمالنا بالنجاح والتوفيق لما فيه تحقيق آمال وطموحات الشعبين الشقيقين.. كما أود التعبير عن تطلعنا لقيام فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي بزيارة مصر، تلبية للدعوة الموجهة لسيادته من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لبحث علاقات التعاون بين البلدين، كما يسعدني أن أوجه الدعوة لسيادتكم لزيارة وطنكم الثاني مصر في أقرب فرصة، لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والبناء علي نتائج أعمال الدورة الحالية للجنة العليا المصرية التونسية المشتركة، وترجمة ما سيتم الاتفاق عليه خلال أعمالها إلي واقع ملموس يعود بالنفع علي شعبي البلدين.