ما تناقلته الأوساط السياسية والإعلامية حول اختفاء الرئيس الروسي تأسس علي عدم ظهوره في أي فعاليات أو لقاءات عامة منذ السادس من الشهر الحالي، وإلغاء زيارته إلي كازاخستان، حيث كان مقرراً أن يلتقي في عاصمتها أستانا مع نظيره الكازاخي، ما دفع العديد من المحللين للاعتقاد بأن بوتين مريض. لكن خبراء روساً يعتقدون أن اختفاء بوتين ليس له علاقة بأي أمراض، وإنما فسروا الغياب بأحد السيناريوهين: الأول هو خطة وضعها وينفذها بوتين نفسه، تستهدف الابتعاد علي بقعة الضوء ورصد الأوضاع والتطورات الجارية، واتخاذ خطوات عملية من دون تسليط الأضواء عليها. ويري أنصار هذا السيناريو أن بوتين الذي تم إعداد في أعتي أجهزة الأمن العالمية، وهو لجنة أمن الدولة السوفيتية 'كا جا با' لا يزال يدير أمور الحكم بعقلية، ولأن الأسلوب الأمني في إدارة الأعمال لا يحقق نجاحاً إلا في الظلام، فقد اضطر بوتين للابتعاد عن الأضواء بحجة مثل إصابته بالمرض. أما السيناريو الثاني فيعتبر أن اختفاء بوتين جاء قسرياً تحت وطأة ضغوط وصراعات داخل السلطة الروسية، سببها دخول الكرملين في مواجهات وصدامات مع الغرب في عدد من الملفات، أبرزها الملف الأوكراني، ما أدي لخسائر كبيرة ليس فقط للدولة الروسية والخزينة الحكومية، وإنما أيضاً لكبار رجال الأعمال الروس، ما دفع بعض مراكز القوي داخل السلطة الروسية بالضغط علي الرئيس لكي يتنحي مؤقتاً علي أمل إيجاد مخارج من الوضع الراهن. وهو ما وصفه العديد من المحللين الروس بانقلاب داخل السلطة، ورغم وجود حالة استياء داخل بعض مراكز القوي وعدد من المؤسسات المالية الروسية من سياسات بوتين الخاصة بتسوية أزمة العلاقات مع أوروبا، لكن الدعم السياسي الذي يحظي به بوتين من المؤسسة العسكرية يثير الشكوك في إمكانية حدوث انقلابات داخل السلطة الروسية خلال هذا العام، خاصة أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية طاحنة. وتدرك مراكز القوي المتصارعة داخل السلطة الروسية أن أي تغييرات جذرية في تركيبة الحكم قد تؤدي لضربات موجعة لنفوذها في الأقاليم. واعتبر العديد من المحللين أن قرار الكرملين الخاص بتأجيل تشكيل حكومة جديدة سببه الأساسي هو محاولة إضفاء سمة الاستقرار علي السلطة، بهدف الحفاظ علي الدعم الشعبي الكبير الذي حققه بوتين بقرار ضم القرم إلي روسيا. فيما يري أنصار سيناريو عزل بوتين أن تراجع الكرملين عن تغيير الحكومة الروسية يعود إلي تراجع نفوذ بوتين وأنصاره، الذين تقلص نفوذهم السياسي بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة. نفي مرض بوتين من جهته نفي المتحدث الصحفي باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، مرض الرئيس الروسي، وأعلن أنه بصحة جيدة بعد أسبوع من اختفائه، وأمام عدسات الكاميرات التقي بوتين مع رئيس المحكمة العليا، الذي أطلعه علي النتائج الأولية لعمل المحكمة العليا الموحدة. لكن تصريحات رئيس المحكمة العليا كشفت أن هذا اللقاء عقد منذ فترة لا تقل عن 3 شهور، وتحديداً بعد 5 شهور من مصادقة الرئيس الروسي علي قرار بتوحيد المحاكم العليا، صدر في أواخر مايو العام الماضي. ومن المفترض أن يستقبل الرئيس الروسي نظيره القرغيزي ألماز بك أتامبايف في بطرسبورغ، لبحث تطوير العلاقات الثنائية علي خلفية انضمام قرغيزيا إلي الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.