تحل اليوم ذكري ميلاد الاديب العالمي نجيب محفوظ، تلك الأيقونة المصرية الثرية، ابن الحارة الشعبية بمنطقة الجمالية، وصانع الحكايات الإنسانية، حيث إن وقع الحارة في قلبه أثراه وأثر فيه، فصار أبطال روايته، هم أشخاص الشوارع البسيطة، يحمل عنهم أوجاعهم، ويحاول تضميدها بأحرفه التي أبدعت في وصف الحالات الإنسانية المصرية. حملت كل رواية من روايات محفوظ، شخصيات عدة تدور من حولها أحداث البلاد، وآلام الواقع، وماكان محض صدفة أن يتم تسميته ب ملك الأدب الواقعي، حيث غزل من الحكايات الإنسانية، أزمنه وتداعيات لابد من دراستها والولوج فيها. وُلد الروائي المصري الكبير نجيب محفوظ في حي الحسين بالقاهرة عام 1911، وهو ابن الموظف 'عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا' الذي لم يكن يقرأ في حياته غير القرآن الكريم وحديث عيسي بن هشام لأن كاتبه 'المويلحي' كان صديقاً له. وقد كان نجيب أصغر أشقاءه، وكان الفرق بينه وبين أقرب أشقاءه عشرة سنوات، وهو الأمر الذي الذي جعله وحيدا وميثولوجيا 'متأثر بما يحكيه القدماء'. وفي عام 1930 التحق بجامعة القاهرة وحصل علي ليسانس الفلسفة، شرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، لكنه عدل قراره وركز علي الأدب. بعد ذلك عمل سكرتيرا برلمانياً في وزارة الأوقاف '1938 - 1945'، ثم مدير لمؤسسة القرض الحسن في الوزارة حتي 1954، ثم مديرا لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلي وزارة الثقافة وعمل مديرا للرقابة علي المصنفات الفنية. وفي 1960 عمل مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون، وآخر منصبٍ حكومي شغله كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما '1966 - 1971'، وتقاعد بعده ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام. وقد بدأ نجيب الكتابة في منتصف الثلاثينيات وكانت تنشر قصصه في مجلة الرسالة عام 1939، حيث كانت روايته الأولي تحمل اسم 'عبث الأقدار'، وفي عام 1945 تحول نجيب محفوظ إلي الكتابات الواقعية برواية 'القاهرة الجديدة، خان الخليلي، زقاق المدق'، وفي 21 سبتمبر 1 950 بدأ نشر رواية أولاد حارتنا مسلسلة في جريدة الأهرام، ثم توقف النشر في 25 ديسمبر من العام نفسه بسبب اعتراضات هيئات دينية علي 'تطاوله علي الذات الإلهية'، ولم تُنشر الرواية كاملة في مصر في تلك الفترة، واقتضي الأمر 8 سنوات أخري حتي تظهر كاملة في طبعة دار الآداب اللبنانية التي طبعت في بيروت عام 1967. وأعيد نشر 'أولاد حارتنا' في مصر عام 2006 عن طريق دار الشروق، وبعد ثورة 1952 تزوج نجيب محفوظ في فترة توقفه عن الكتابة من السيدة 'عطيةالله إبراهيم'. وفي أكتوبر 1995 طُعن نجيب محفوظ في عنقه علي يد شاب كان يريد اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل، والتي لم يكن ينوي طبعها في مصر إلا بعد الحصول علي تصريح من الأزهر بنشرها، إلا أنها طبعت في لبنان وهربت منها بعض النسخ إلي مصر، ولم يتوفي نجيب محفوظ إثر تلك المحاولة، وفيما بعد أُعدم الشابين المشتركين في محاولة الاغتيال رغم صفحه عنهما. ونتيجة إسهاماته البارزة حصل نجيب محفوظ علي جائزة نوبل للآداب وهي أعلي جائزة عالمية في ذلك المجال، ويعد نجيب العربي الوحيد الحائز عليها عام 1988. وفي أغسطس 2006 توفي نجيب إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوما من دخوله مستشفي الشرطة في حي العجوزة. وكان قبلها قد دخل المستشفي في شهر يوليو من نفس العام لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع.