كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية السبت أن الاضطرابات التي شهدتها تونس والتي قادت في النهاية إلي هروب الرئيس زين العابدين بن علي إلي السعودية تدق ناقوس الخطر في المنطقة وتثير رعب الزعماء العرب من غضب شعوبهم. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" عن الصحيفة قولها في مقال تحت عنوان فرعي "الصدامات الدموية في شوارع تونس تثير مخاوف من أن ينتقل التأثير الي دول أخري" أن "الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها حكومات بلدان عربية أخري كالأردن وليبيا والمغرب، شبيهة بتلك التي أثارت موجة الاحتجاجات في تونس، لذا فان ما حدث في تونس يثير أعصاب المسئولين في دول عربية عدة خوفا من أن تنتقل عدوي الأحداث في تونس إليها". وتابعت الصحيفة أن ما يزيد من مخاوف المسئولين من مواجهتهم مصيرا مشابها لمصير الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لأنه كان ينظر إليه كأحد أكثر "الاستبداديين" سيطرة علي الوضع، إلي درجة أن شعبه كان يسميه "Ben a vie" بدلا من بن علي، وهو تعبير فرنسي يعني "مدي الحياة". وأصدر محمد الغنوشي القائم بأعمال الرئاسة التونسية تعليماته لقوات الجيش التونسي بالتدخل لوقف أعمال الإنفلات الأمني التي شهدتها بعض المدن التونسية بعد أنأُجبر الرئيس زين العابدين بن علي أمس الجمعة علي التنحي ومغادرة البلاد التي حكمها زهاء 23 عاما. جاء ذلك بينما أكد مصدر رسمي سعودي أن زين العابدين بن علي وصل وأسرته إلي مدينة جدة ليل الجمعة السبت، وأصدر الديوان الملكي السعودي بيانا رحب فيه ببن علي وعائلته في المملكة. واكد البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية تقدير حكومة المملكة "للظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي وتأييدها لكل إجراء يعود عليه بالخير". وكان مواطنون تونسيون أفادوا بوقوع أعمال سلب ونهب في بعض المدن وناشدوا الجيش التدخل لحمايتهم من حوادث الانفلات الأمني. وانتشرت قوات الجيش في المناطق الحيوية بالعاصمة التونسية وفرضت سيطرتها علي المطار وأغلقت المجال الجوي للبلاد. وتأتي هذه التطورات بعد يوم شهد أحداثا درامية حيث أُجبر أمس الرئيس التونسي زين العابدين بن علي علي التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بعد شهر من الاحتجاجات العنيفة علي الأوضاع الاقتصادية والتي أدت الي مقتل واصابة العشرات من المدنيين التونسيين. وفي خطاب متلفز أعلن رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي توليه مقاليد السلطة ودعا جميع التونسيين الي الوحدة ووعد باحترام الدستور والقيام باصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تلبي تطلعات التونسيين. وقال الغنوشي البالغ من العمر 69 عاما إنه سيتولي إدارة دفة الحكم في البلاد مؤقتا بسبب "تعذر أداء الرئيس بن علي لمهامه". واضاف: "إذا تعذر علي الرئيس القيام بمهامه، فإنه يوكل إدارة دفة الحكم إلي رئيس الحكومة. ونظرا لذلك، أتولي بداية من الآن ممارسة سلطات رئيس الجمهورية". وأعلن أنه سيلتقي اعتبارا من السبت بممثلي الاحزاب السياسية في تونس لبحث تشكيل حكومة جديدة. من ناحية أخري فقد كشف تقرير صادر عن منظمة “فريدوم هاوس” الأميركية غير الحكومية أمس الأول أن “الحريات تراجعت في العالم للسنة الخامسة علي التوالي في عام 2010. وقال التقرير الحريات تراجعت بشكل كبير في حوالي 25 بلداً فيما تقدمت في 11 بلداً فقط، خاصة في البلدان ذات الأنظمة السلطوية أو التي تشهد معدلات جريمة مرتفعة”. وتمثل هذه الفترة أطول مرحلة تراجع سجلتها هذه المجموعة منذ إصدار تقريرها السنوي الأول قبل نحو 40 عاماً. وجاء في التقرير أن “أنظمة سلطوية زادت من التدابير القمعية دون مقاومة تذكر من جانب العالم الديمقراطي”. وصنفت المنظمة غير الحكومية البلدان ضمن ثلاث فئات هي “حرة” و”حرة جزئيا” و”غير حرة” استناداً إلي القدرة علي ممارسة الحقوق السياسية والمدنية وإلي الأمن الذي يتمتع به السكان. وبلغ عدد البلدان في فئة “حرة” حسب تصنيف منظمة فريدوم هاوس العام الماضي 87 من أصل 194 دولة شملتها الدراسة، أي أقل ببلدين من العام السابق. وقال ديفيد كريمر مدير فريدوم هاوس الذي كان مساعدا لوزيرة الخارجية الأميركية ومكلفا بشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان في إدارة الرئيس السابق جورج بوش إن التقرير يمثل “إنذاراً لكل ديمقراطيات العالم”.