قال الدكتور إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية - أن دار الإفتاء المصرية ليست بمعزل عن هموم الشعب المصري وأن الفتاوي الصادرة عنها تعد ترجمة حقيقية للحراك الذي يحدث في المجتمع المصري بكافة شرائحه مؤكداً أن الفترة القادمة ستشهد وضع الآليات الفَعَّالة والضوابط العلميّة لمواجهة من يتصدرون للفتوي من غير المتخصصين المؤهلين، والذين عادة ما تثير فتاواهم البلبلة في المجتمع الإسلامي، وشدد مستشار مفتي الجمهورية خلال لقاء مفتوح مع الطلاب الأجانب بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أنَّ سبيل الخروج من حالة البلبلة الناجمة عن فتاوي غير المتأهلين هو الرجوع إلي الشروط التي حددها الشرع فيمن يتصدي للفتوي، ومن أهمها: العلم الشرعي، وهو ما يعبَّر عنه في واقعنا المعاصر ب'التخصص'، و شدد أن التخصص يعني أن يكون من يتعرض للإفتاء قد دَرَس الفقه والأصول وقواعد الفقه دراسة مستفيضة، مع مشاركته في باقي علوم الشريعة وممارسته لكتب العلم وقدرته علي استخلاص المعلومة منها وأوضح د.نجم أن إدراك الواقع يعد أحد العناصر الأساسية التي يقوم بها المفتي للإدلاء بالفتوي سواء الواقع السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي فلا بد أن يكون مدركاً لهذا الأمر وإلا فلا يصح له أن يفتي دون إدراك ومعرفة دقيقة بالواقع وأضاف مستشار المفتي أن من أهم الأشياء التي يمكن أن نحصن بها الفتوي هو أن نعرف أن الفتوي ليست مجرد معارف وإنما صناعة ومهنة مشيراً أن ذلك يقتضي أن يتوفر فيمن يقوم بها التعلم والتدريب والتربية لأن أهل المهنة هم الذين يضعون معايير هذه المهنة وكل مهنة لها خصائصها التي تتميز بها عن غيرها من المهن ولها المهارات التي لابد أن تتوفر فيمن يقومون بها. وحول سؤال يتعلق بانتشار ظاهرة التطرف الديني الذي دفع بالبعض إلي انتهاج العنف بعد تكفير المجتمع أكد مستشار المفتي أن هناك جذوراً اقتصادية واجتماعية وثقافية للتطرف الديني الذي يتشكل في ظل الفقر والبطالة وفي الأحياء العشوائية، وهي بيئة لا توفر ضرورات الحياة لمن يعيش فيها، ولا توفر له التعليم الكافي أو النسق الأخلاقي المناسب، مما يسهل اصطياده وتلقينه أفكاراً خطيرة تنسب إلي الدين، والدين منها براء مثل تكفير المجتمع وتبرير العنف، موضحاً أن الدراسات العلمية أكدت أن التنمية الشاملة هي المدخل الحقيقي لتصفية الفكر المتطرف، وأن توفير فرص العمل وضرورات الحياة تهيئ المجتمع للقدرة علي محاصرة الفكر المتطرف. واستطرد نجم أن هذه المعالجة الاقتصادية والاجتماعية تظل قاصرة عن احتواء الظاهرة ما لم يكملها جهد ثقافي لنشر الوعي الديني للشباب والفئات المهمشة وتغذية وجدانهم بالقيم الدينية الصحيحة. وأكد نجم أن وسائل الإعلام تلعب دوراً لا يستهان به في هذا الصدد لتعريف الناس بما يعيشه المجتمع من مشكلات وأسبابها، وكيفية علاجها، وتقديم المثل والقدوة الحسنة للناس، وشرح الدين علي نحو صحيح يساعد الناس علي السلوك القويم مضيفاً أننا لا يجب أن ننسي دور المدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة في القيام بدور أساسي في التربية والتنشئة بهذه القيم وبالفهم المستنير للدين. وقال د.نجم أنه يجب أيضاً أن نطبق القانون بكل حزم ونوفر في نفس الوقت المعاملة الإنسانية ونحفظ للمتهم حقوقه فلا يتعرض للتعذيب أو المساس بكرامته الإنسانية، نوفر له المحاكمة العادلة والعاجلة في نفس الوقت واختتم نجم بالتأكيد علي أنه يجب علينا أن نساند جهود رجال الأمن في تصديهم لأي خروج علي القانون خاصة في هذه الفترة الفارقة من تاريخ وطننا العزيز.