أكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا يجوز للأفراد تطبيق القصاص أو الأخذ بالثأر بأنفسهم بعيداً عن القانون ومؤسسات الدولة المعنية، ومن يقوم بذلك فقد أجرم في حق الدولة والمجتمع ووقع في فعل محرم بإجماع العلماء. وأكدت الدار أن دعوات بعض الأفراد والجماعات للقصاص أو الأخذ بالثأر من أشخاص بعينهم، والتي رصدها مرصد دار الإفتاء لمواجهة التكفير، هو فعل محرم باتفاق أهل العلم، حيث رتب الشرع الشريف لولي الأمر- المتمثل في الدولة الحديثة في المؤسسات القانونية والتنفيذية - جملة من الاختصاصات والصلاحيات والتدابير، ليستطيع أن يقوم بما أنيط به من المهام الخطيرة والمسؤوليات الجسيمة. وجعل كذلك تطاول غيره إلي سلبه شيئًا من هذه الاختصاصات والصلاحيات أو مزاحمته فيها من جملة المحظورات الشرعية التي يجب أن يُضرَب علي يد صاحبها، حتي لا تشيع الفوضي، وكي يستقر النظام العام، ويتحقق الأمنُ المجتمعي المطلوب. وعددت دار الإفتاء أقوال أهل العلم في ذلك، حيث قال الإمام ابن مفلح في كتابه الفروع 'تحرم إقامة حَدٍّ إلا لإمام أو نائبه'. وقال الإمام القرطبي في تفسيره 'لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص وغير ذلك، لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص، ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعًا أن يجتمعوا علي القصاص، فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود'. وشددت الدار علي أن إقامة العقوبات في العصر الحاضر في ظل دولة المؤسسات إنما تناط بجهة محددة تسند إليها وهي ما يسمي بالسلطة المختصة، وهي المنوط بها تنفيذ من حكمت فيه السلطة القضائية، ولذلك فإن قيام آحاد الناس الآن بتطبيق العقوبات بأنفسهم علي أشخاص بعينهم إنما هو عدوان علي وظيفة الدولة وسلطاتها المختلفة وهو ما يقود المجتمع إلي الفوضي وإلي الخلل في نظامه العام، فضلا عن تشويه صورة الإسلام، والكر علي مقصد الدعوة الإسلامية بالبطلان أمام العالمين.