عندما يتحدث أحد عن محاكمة مرسي بتهمة الخيانة أو التخابر مع دولة أجنبية تجد من يتحفظ، وينفي، ويستنكر.. وعندما تقول إن جماعة الإخوان غير وطنية تنفذ أجندة أمريكية، تجد من يحتج، ويتهمك بأنك مُغرض تسعي لتحقيق مكاسب سياسية!!، ويطالبك بأن تستبعد كلمة الخيانة من قاموسك، لأننا كما يعتقد هؤلاء بصدد صراع سياسي علي السلطة!!. والمدافعون عن الإخوان في تقديري نوعان.. الأول: المتواطئون أو أصحاب المصلحة من وجود مرسي في الحكم أمثال الجماعة الإسلامية، وبعض السلفيين أو من يسمون أنفسهم بالجهاديين، أو بالأحري أمثال عاصم عبد الماجد ومن هم علي شاكلته، ممن تحولوا بفعل وجود الإخوان في السلطة من مجرد إرهابيين متقاعدين إلي رجال دولة وسياسيين، أو من مجرد دراويش إلي ضيوف علي القصر الجمهوري ورواد للفضائيات. المتواطئون ومن بينهم من باعوا أنفسهم لمن يدفع أكثر قطر وغيرها راحوا دون خجل يدافعون عن الإخوان ويبررون أفعال الخيانة ويشاركون فيها ويقنعون البسطاء بها، تحت مسميات الدفاع عن الشريعة والشرعية وغيرها، رغم أنهم كانوا من أشد أعداء الإخوان.. لكنها المصالح عندما تتصالح. هؤلاء المتواطئون اختاروا طريقهم مبكرًا ويحاربون الآن معركتهم الأخيرة، الخاسرة، وسيلقون مصيرهم الذي يليق بهم، إن آجلا أو عاجلا. النوع الثاني من المدافعين عن الإخوان هم المخدوعون أو من لا يريدون أن يصدقوا حتي الآن أنهم تعرضوا لأكبر عملية نصب في حياتهم، ومن بينهم بعض أعضاء الجماعة ممن وقعوا فريسة الكلمات الناعمة والأهداف الرنانة.. هؤلاء مازالت تخدعهم الكلمات البراقة عن الشرعية، والديمقراطية، وأول رئيس مدني منتخب، والقضاء علي دولة الفساد، وغيرها من العبارات الجذابة. هؤلاء هم من يخرجون إلي الشوارع ويعرضون أنفسهم للموت متصورين أنهم يدافعون عن الإسلام لكنهم يدافعون في حقيقة الأمر عن جماعة غير وطنية تنفذ أجندة غربية، وتدفع الأمة العربية باتجاه مشروع أمريكي صهيوني يهدف إلي تقسيم الوطن وجرِّه إلي صراعات مذهبية وطائفية. هؤلاء لن نيأس من حثهم علي التفكير ومراجعة مواقفهم، حتي يعرفوا أين يقفون وفي سبيل أي شيء يضحون.. فالطريق إلي جهنم مفروش بالنوايا الحسنة!!. وأنا هنا أضع أمام هؤلاء المخدوعين، بيانين صادرين عن التنظيم الدولي للإخوان أو ما يسمونه ب'التحالف الوطني لدعم الشرعية'، البيان الأول أصدرته الجماعة يوم الخميس 23 أكتوبر بعد جولة قام بها الإخوان في جنيف، والثاني صدر الخميس الماضي بعد جولة أخري في بروكسل. يقول بيان جنيف إن 'الوفد المصري للدبلوماسية الشعبية المناهضة للانقلاب'!!' التقي بممثلي المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وعدد من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية في مجال حقوق الإنسان ومنظمات السلم وحل النزاعات، وبعض البعثات الدبلوماسية في الأممالمتحدة، بالإضافة إلي عقد لقاءات مع بعض الشخصيات العامة، لشرح الأوضاع الخطيرة التي تعيشها مصر علي شتي المستويات'!!. وأضاف البيان: 'أوضحنا لهم حقيقة الانقلاب العسكري الذي تجلي في الإطاحة بكل مؤسسات الدولة المنتخبة والدستور المستفتي عليه شعبيًا واختطاف الرئيس المنتخب وفريقه الرئاسي، والانتهاكات الجسيمة والمستمرة لحقوق الإنسان التي شملت وأد كل أنواع الحقوق والحريات مثل مجازر الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة العدوية والنهضة ورمسيس والمنصورة وغيرها من الانتهاكات التي ترقي لجرائم ضد الإنسانية'!!. وأكد البيان أنه 'يجري توثيق وحصر جميع هذه الانتهاكات تمهيدًا لتقديمها لجميع آليات الحماية الوطنية والإقليمية والدولية مثل اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، إلي جانب المدعي العام لدي المحكمة الجنائية الدولية'!!. وأشار البيان إلي أن الوفد 'طالب بالإفراج الفوري عن جميع المسجونين لأسباب سياسية، والرفع الفوري لحالة الطوارئ، وإلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات الصادرة منذ عزل مرسي، وتشكيل لجنة تقصي حقائق من المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة، ودعوة بعض المقررين الخاصين بالأممالمتحدة لزيارة مصر للوقوف علي حالات الانتهاكات، والعودة الكاملة لمؤسسات الدولة الديمقراطية المنتخبة'!!. وأكد البيان أن مهمة الوفد 'توضيح الصورة وتقديم ملفات بالانتهاكات، وليس طلب وساطة، ومحاكمة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وكل من تورط في جرائم ضد الإنسانية، أمام المحكمة الجنائية الدولية'!!. البيان الثاني الذي أصدره الإخوان بعد زيارة بروكسل، لم يختلف كثيرًا في مضمونه عن بيان جنيف، وإن كان أضاف إلي المؤسسات الدولية التي زارها الإخوان مؤسسات أوربية أخري مقرها في بروكسل وهي: 'المفوضية الأوربية والبرلمان الأوربي والخارجية الأوربية'. قال بيان بروكسل: 'طالب الوفد رسميًا بوقف أي تعاون عسكري مع مصر وعدم إرسال أو بيع أي أدوات قد تستخدم في قمع الشعب المصري أو تكرس للاستبداد لحين عودة المسار الديمقراطي'!!، مشيرًا إلي ما أقدمت عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما أوقفت المساعدات العسكرية لمصر. أخي المتعاطف مع الإخوان.. يا من تستفزك كلمة 'خيانة'، وتعتبرها مبالغة من خصوم الجماعة، وتري أن محاكمتهم أمام القضاء بهذه التهمة مجرد تلفيق وادعاءات، أدعوك لقراءة البيانين مرة ثانية، لكن قبل أن تعاود القراءة فكر في البيانات التي كانت تصدرها المعارضة العراقية في أوربا في أوائل التسعينيات وكان يروجها أحمد الجلبي وأمثاله. ولماذا نذهب بعيدًا؟.. اقرأ البيانين وتذكَّر منصة 'رابعة العدوية'، عندما كان يهتف 'ملائكة الإخوان!!': الله أكبر ولله الحمد وهم يعلنون أن بارجتين أمريكيتين في طريقهما للمياه الإقليمية المصرية لضرب الجيش المصري. اقرأ البيانين وتذكَّر 'ملائكة الإخوان!!' الذين راحوا بعد 30 يونية يستعدون الولاياتالمتحدةالأمريكية علي الجيش المصري ويحرضون إسرائيل والاتحاد الأوربي علي عدم الاعتراف بعزل مرسي!!. اقرأ.. لكن قبل أن تقرأ، تذكر كلمات عصام الحداد ويوسف القرضاوي ومن هم علي شاكلتهما ممن راحوا يخاطبون الدول الأجنبية ويدعون إلي التدخل الأمريكي ويطلبون مساعدة حلف الناتو.. ويقولون إن 'الجيش الانقلابي الكافر والشرطة الفاجرة سوف تلقي مزيدًا من الضربات الموجعة.. وعندما تأتي طائرات حلف الناتو وتدخل مصر سوف يركع الجيش المصري للإخوان وحينها لن ترحمهم الجماعة'. اقرأ.. لكن قبل أن تقرأ، تذكَّر جيدًا ماذا قال الإخوان عن معارضيهم الذين التقوا بوزيرة خارجية الاتحاد الأوربي 'كاترين آشتون' قبيل ثورة 30 يونية بأيام، وكيف كانت الاتهامات بالخيانة جاهزة، رغم أن اللقاءات تمت تحت سمع وبصر ورعاية حكومة هشام قنديل وبمباركة منها. وإذا كان لديك بعض الوقت فاقرأ عن نشأة وتاريخ هذه الجماعة، قبل أن تعيد قراءة البيانات التي تصدرها اليوم في الخارج، لعلك تفهم أنك تخرج وتضحي بحياتك دفاعًا عن جماعة غير وطنية، لا تري إلا مصالحها الضيقة وتسعي لتحقيقها ولو باستخدام الدين أو علي حساب استقلال الوطن. أعرف قبل غيري أن الخيانة تهمة كبيرة، وكبيرة جدًا.. لا ينبغي أن تكون من التهم الجاهزة، يتهم بها بعضنا البعض. لكن.. هل لأنها تهمة كبيرة وخطيرة.. نغض الطرف عنها ونستبعدها من حساباتنا؟!!.. وإذا كانت هناك بالفعل جرائم خيانة يرتكبها قيادات التنظيم الدولي للإخوان، فلماذا لا نسمي الأشياء بأسمائها؟!!.. ولماذا لا يلقون جزاءهم؟!!. هل الإخوان أقصد النخبة الحاكمة في التنظيم وطنيون وأطهار و'زي النسمة'، لأنهم يبتسمون ابتسامتهم الشهيرة التي يوزعونها في مكتب الإرشاد علي أعضاء الجماعة مع البيعة؟!!.. 'ابتسامة البلتاجي والعريان وصفوت أثناء القبض عليهم'.. وهل الخائن لا يبتسم ويبدو متجهمًا طوال الوقت، يرفع حاجبًا ويخفض آخر؟!!. هل الإخوان شرفاء وأبرياء لأنهم يتحدثون عن الإسلام وتطبيق الشريعة ويزعمون أن لديهم مشروعًا للنهضة، 'نهضة مصر'، ويوزعون الزيت والسكر علي الفقراء، ويقولون 'الإسلام هو الحل' أو 'نحمل الخير لمصر'؟!!.. وهل الخائن يتحدث عن الكفر ولعب الميسر وشرب الخمر، ويوزع البانجو علي الفقراء، ويقول 'الإلحاد هو الحل' أو 'نحمل الشر لمصر'؟!!. إذا كنت تعتقد أن الابتسامات أو ترديد الكلمات الناعمة التي تغازل المشاعر وتتحدث عن الخير وحب الوطن تنفي تهمة الخيانة عن صاحبها.. فعليك أن تراجع نفسك قبل فوات الأوان.