فوز المانيا والارجنتين علي انجلتراوالمكسيك في دور ال61 لكأس العالم رقم 91 بجنوب أفريقيا يأتي في الإطار المتوقع ومع السياق المنطقي.. بل لعل العكس هو الذي يدخل في حيز المفاجآت والصدمات.. فألمانيا والارجنتين يحتلان الموقعين السادس والسابع في اخر تصنيف عالمي للفيفا بينما تأتي انجلتراوالمكسيك في المركزين الثامن وال 71.. كما ان ألمانيا تأهلت لهذا الدور كأول المجموعة الرابعة برصيد ست نقاط وجققت فوزا قياسيا برباعية نظيفة علي استراليا في أول جولات الدور التمهيدي.. بينما عانت انجلترا كثيرا من نتائجها فتعادلت مع أمريكا والجزائر 1/1 وفازت بشق الأنفس علي سلوفينيا بهدف نظيف وجاء ثاني مجموعتها التي احتلت أمريكا مقدمتها.. أما المقارنة بين مشوار الارجنتين صاحب العلامة الكاملة بتسع نقاط والمكسيك ثاني المجموعة الأولي فهي في صالح أولاد مارادونا من جميع الوجوه فلولا الكبوة التي واجهت فرنسا لما كان للمكسيكيون تواجد في هذا الدور علي الرغم من اجتهادهم وطموحهم وتعادلهم مع جنوب أفريقيا وحتي خلال مباراتهم التي خسروها بهدفين من أورجواي. ما نقصده أن فوز الماكينات وراقصي التانجو وتأهلهما لدور الثمانية ليس مفاجأة.. وإنما الفوز الكبير وبهذه النتيجة الغزيرة وبرباعية علي الانجليز وثلاثية علي المكسيك هي المفاجأة وربما كانت ذات اثارا مزلزلة وطبيعة صادقة علي الإنجليز الذين لم يواجهوا مثل هذه الخسارة الفادحة ربما لمسافات وفترات طويلة. وقد أعادت هذه الهزيمة لهم الأصداء المقيتة لهزيمتهم القياسية الثقيلة من المجر بسباعية مقابل هدف في مايو 45 بكأس العالم بسويسرا. كما وسعت الفارق لصالح الألماني في المواجهات المشتركة حيث بلغ فوزهم 31 مرة بينما توقف عدد مرات الفوز للانجليز عند عشر مرات وتعادلا خمس مرات. هزيمة ثقيلة الإنجليز واجهوا هزيمة ثقيلة لم تدر بخلد أحد منهم مسئولا أم لاعبا أو من الجماهير بل لعلهم وأثناء المباراة وبعد أن نجح ماثيو ابسون في تقليص فارق الهدفين لصالح الألمان والذي أحرزهما ميروسلاف كلوزه ولوكاس بودلسكي في الدقيقتين 02 و23.. تعاظم طموحهم في التعادل وحتي الفوز.. ولما لا فقد ارتطمت الكرة القوية التي أطلقها لامبارد بالعارضة ودخلت المرمي لكنها لم تحتسب. وأشار الحكم الأورجواني خورخي باستمرار اللعب.. وقام كابيللو مديرهم الفني بحثهم علي مواصلة السعي وتعويض الهدف الملغي والفوز بالمباراة.. غير ان الانجليز لم يكونوا يستحقون الفوز أو التأهل وكان انتاجهم أقل بكثير من حيث القوة والدقة والخطورة من الألمان الذين تفوقوا في كل شيء للدرجة التي انحصرت جهود كابيللو في تحجيم الخسارة وتقليل الفارق وعدم بلوغ حد الفضائع في النتيجة النهائية.. أسباب هزيمة الإنجليز تعددت وتشعبت ومست كل الخطوط دون استثناء.. فالحارس ديفيد جيمس بالرغم من طوله الفارع غير ان امكاناته محدودة ومهاراته قليلة وكان بديلا لجرين الذي اهتز مع البداية فاحتل جيمس مكانة أساسية في المرات التالية.. ودفاع الإنجليزي تشري هش ليس له عمق ويفتقر للصلابة والتماسك ونجح كلوزه في الهدف الأول من اختراق وتجاوز جون تيري وماثيو السون.. أما وسطه ورغم الجهود المكثفة التي يبذلها جيرارد والتسديدات القوية للامبارد غير ان هذا لا يكفي لأن ميلز أو غيره ليسوا علي نفس المستوي.. ونأتي للهجوم وهو بيت القصيد.. غاب واين روني وإن كان حاضرا بجسمه لأن ذهنه ذهب بعيدا فجاءت تحركاته بطيئة ومهاراته قليلة وتسديداته ضعيفة وبدلا من أن يتولي تكملة الهجمات وانهائها بالطريقة السعيدة في لشباك قام بدور صانع الألعاب وأخذ يتراجع للخلف ويهدي زملائه كرات غير متقنة صعبة.. ولم يكن هسكي أو فيليبس علي المستوي.. وبالمقابل كانت الماكينات في ذروة دورانها وقمة انتاجها.. ويكفي للاستدلال علي ذلك ان كابتن التيم فيليب لام هو تاني أفضل اللاعبين تمريرا بدقة بنسبة 68٪ في الدور الأول.. وأن كلوزه فاقت سرعته بالرغم من تقدمه في العمر كل مدافعي انجلترا.. أما مولر فقد احرز هدفين من تمريرتين عرضيتين من الموهوب مسعود اوزيل وبأقل مجهود يذكر.. الماكينات استحقت الفوز والانجليز استحقوا الهزيمة وذلك باعتراف الكابتن ستيفين جيرارد عندما أكد عقب المباراة ان الهدف الذي ألغاه خورخي ليس هو السبب الوحيد خلف الهزيمة حتي وإن كان له بعض التأثير في النهاية.. فالألمان في رأي جيرارد كانوا الأفضل والإنجليز كانوا الأسوأ حتي وإن كانت الهزيمة هي الأثقل ولا تتفق مع طبيعة الأحوال. تيفيز يتألق الهدف الثاني الذي أحرزه المهاجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز المحترف بنادي مانشيستر سيتي الإنجليزي في مرمي المكسيك والذي جاء بعد الهدفين الأول والثاني لبلاده في الدقيقتين 62 و33 انضم به إلي قائمة أجمل الأهداف في البطولة حتي الآن.. جاء الهدف بتسديدة صاروخية انطلقت من حوالي 03 ياردة وجاءت متوسطة الارتفاع مستقيمة الاتجاه وسكنت داخل القائم الأيسر لمرمي الحارس أوسكار بييريز.. وربما جاء تألق تيفيز اللافت للنظر تعويضا للارجنتين ومارادونا عن صيام لونيل ميسي أفضل وأمهر لاعبيه عن التهديف وذلك للرقابة اللصيقة المفروضة عليه ولقلة التوفيق التي تلازمه مع انه يسهم اسهاما فعالا في تفوق بلاده في كل مبارياتها السابقة.. فوز الأرجنتين جاء مستحقا ويتوافق مع سجل الانتصارات التي بلغت 21 علي المكسيك والتي ليس لها سوي أربعة مكاسب فقط عليها.. لكن هذا الفوز لا يترجم حالة التألق التي كانت عليها بداية المكسيك للمباراة حيث ارتطمت كرة ساليسدو بالعارضة وتصدي روميرو الحارس الأرجنتيني لغيرها وذهبت محاولات اندريس جوارد بعيدا عن المرمي بينما نجح خافيير هيرناندير في تقليص الفارق واحرز هدفا في الدقيقة 17.. المباراة تعتبر استمرارا للنجاح الأرجنتيني لقيادة مارادونا والذي لم يصادف عقبة كئود كالتي قد يصادفها في اللقاء المقبل مع الماكينات الألمانية والذي وصفه البعض علي أنه نهائي مبكر.