لا أهوي المجاملة في الإبداع ولا أحب التملق.. فالاثنان يؤديان إلي الغرور ويقتلان الموهبة.. لكن عندما يتعلق الأمر بتنظيم مهرجان مسرحي علي درجة الامتياز فهنا نعطي كل ذي حق حقه.. في المركز الثقافي الفرنسي بالمنيرة هناك سيدة تعشق المسرح وتحب التميز ووحدها تنظم مهرجانا سنويا اعتبره المهرجان الأكثر انضباطا في كل شئ.. مواعيد بدء العروض.. إغلاق الموبايلات.. تجهيز خشبة المسرح.. حسم وحزم وصدق.. تستطيع أن تضبط ساعتك علي مواعيد لطيفة فهمي.. أمس فقط انتهت عروض المهرجان العاشر للشباب المبدع بالمركز والذي حرصت لطيفة علي استمراره وهي صاحبة فكرته.. تشغل نفسها بالتفاصيل الدقيقة جدا حتي يخرج المهرجان بصورة مثالية.. عقب كل عرض ندوة باللغتين العربية والفرنسية أشهد أنني لم أشاهد ندوة عندها تنتهي بمشكلة كما نري في مهرجانات حكومية كثيرة.. موعد الندوة مقدس كما موعد العرض.. تتحرك لطيفة بين الصفوف ولا تؤخر عرضا في انتظار شخصية ما.. اندهش من صرامة قسمات وجهها الطفولي وحدتها وحنانها اللامحدود مع الفرق المشاركة في المهرجان.. وتندهش أكثر حينما تعيد نفس العرض في نفس اليوم لتعطي الفرصة لأكبر عدد من الناس للمشاهدة فهناك عدد كبير من الشباب يحرص علي الحضور يوميا من بينهم طلبة في أقسام المسرح بالجامعات وخريجون وجمهور يعشق فن المسرح وربما هو المهرجان المسرحي المحلي الوحيد الذي يحضره أجانب . المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة هو الأكثر نشاطا تقريبا طوال العام وهو الأكثر اهتماما بالمسرح لأن هذه السيدة من أهل المسرح وتتعاون مع وزارة الثقافة في تنظيم ورشة تدريبية تحت إشراف المخرج الفرنسي فانسان أكروبون.. هذا العام خطت لطيفة فهمي خطوة هامة باختيار المخرجة عفت نصار( تيار المسرح المستقل) والمخرج الشاب هاني عفيفي أحد أبرز الشباب في المسرح المصري والفرنسي فانسان كأعضاء للجنة التحكيم . أهمية مهرجان الشباب المبدع انه لا رقابة علي الأفكار ولا حجر علي الحريات ولا مصادرة علي رأي وهذا يتم منذ 10 سنوات ولم يكن وليد اليوم.. شاركت مرتين عضوا في لجنة تحكيم هذا المهرجان.. المرة الأولي مع الناقد الراحل أحمد عبد الحميد والكاتب والناقد الراحل نبيل بدران والثانية مع الفنان د. علاء قوقة والمخرج الكبير فهمي الخولي.. عندما أقارن بين المهرجانات التي تقام في مصر أتحيز علي الفور لهذا المهرجان وللطيفة فهمي فهي مكسب حقيقي للمركز الفرنسي وأتعجب من هروب مثل هذه الكفاءات من قطاعات وإدارات وزارة الثقافة المصرية.. وأتأمل هذا الجيش من الموظفين في بعض مهرجاناتنا المسرحية الذي يفوق عدد الفرق المشاركة بينما هذه السيدة وحدها تقوم بكل شئ في هذا المهرجان !
برامج المسرح وعروضه دائما في ذيل القائمة علي شاشة التليفزيون المصري لدرجة ان الجيل الجديد لا يعرف من المسرح سوي عروض »العيال كبرت« و»مدرسة المشاغبين« و»ريا وسكينة« واتحدي إذا سألت أي شخص عن ممثل مسرحي يعرفه الآن فلن يجيب ولذلك سعدت بتصريحات المخرج عصام الامير رئيس التليفزيون المصري لما قاله عن تطوير برامج المسرح وعرضها في أوقات متميزة وكذلك البروتوكول الذي ينوي توقيعه مع مسرح الدولة لتصوير عروضه وبثها اسبوعيا.