لا يعرف الكثيرون تفاصيل أول دعوة الي الثورة يوم 41 يناير ولا كيف تطورت هذه الدعوة من مجرد وقفة صامتة الي ثورة، وكيف حدثت، وليس هناك أنسب من اليوم واللحظة التي انطلقت فيها الدعوة الي الثورة لأول مرة عبر صفحة »كلنا خالد سعيد« لنحكي لكم التفاصيل وما حدث وراء الكواليس ولم ينشر حتي الآن وقبل أن يقرأ أي منا هذه السطور فيجب أن نؤكد أن هذه الثورة لم تكن الا ثورة شعب شارك فيها الجميع ولم يكن لأحد فيها قيادة أو فضل ولو أردنا أن نرجع الفضل لكان حريا بنا أن ننسبه الي شهداء هذه الثورة ومصابيها أكثر من ضحوا من أجل أن يستعيد المصريون كرامتهم. في السادس والعشرين من ديسمبر 0102 اقترح عبد الرحمن منصور (الأدمن الثاني للصفحة والذي يقضي الان خدمته العسكرية بالجيش منذ 71 يناير 1102 وتنتهي في مارس 2102) أن تقوم الصفحة بالدعوة الي فعاليات ووقفة صامتة يوم 52 يناير لأنه عيد الشرطة. عبد الرحمن بدأ في التفكير وقتها في اقتراحات لتكريم الضباط الشرفاء والتنكيل وفضح الضباط الذين يقومون بانتهاك حقوق الانسان بجانب ما كانت الصفحة تقوم به من وقفات صامتة في مثل هذه المناسبات، وحينما طلبت منه التريث لأنه سيكون يوم ثلاثاء أخبرني أنه أجازة رسمية. وفي الثلاثين من ديسمبر ذكرت يوم 52 يناير لأول مرة علي الصفحة: »يوم 52 يناير هو يوم عيد الشرطة أجازة رسمية.. أعتقد أنهم خلال سنة عملوا حاجات كتير تستحق الاحتفال بيهم علي طريقتنا الخاصة.. ايه رأيكم« كان هذه عادة الصفحة في طرح أي فكرة جديدة، أن يتم سؤال الاعضاء عن رأيهم وبناء علي ردود الأفعال نتحرك. لاقت الفكرة ترحيبا من الكثير من الأعضاء علي الصفحة وبدأوا في اقتراح أفكار لذلك، ولم يكن هذا مثيرا للتعجب فالصفحة أنشئت بالأساس لفضح انتهاكات جهاز الشرطة والمطالبة بإصلاحه وتغيير نظمه ومحاسبة كل المخطئين. كانت الثورة التونسية قد بدأت قبل ذلك بأيام، لم يكن أحد يراها كثورة بعد، ولكنها كانت مظاهرات قامت بالأساس بعد أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه بسبب سوء المعاملة التي لاقاها من إحدي الشرطيات في مدينته الصغيرة، مع اشتعال المظاهرات وانتشارها في الكثير من المدن، أخبرني عبد الرحمن أنه يريد تغطية ما يحدث في تونس، ولكن كان لي رأي آخر، فلا أحد يعرف ما سيحدث في تونس، وكنت أخشي من إحباط أعضاء الصفحة خاصة وأننا في مصر كانت الأخبار كلها محبطة ابتداء بمقتل خالد رحمه الله وانتهاء بتزوير انتخابات مجلس الشعب. طلبت منه التروي والانتظار حتي نري ما سيحدث هناك ونكتب عنه لاحقا كنموذج لانتفاضة الشعوب ضد حاكمها الظالم. لم يلبث أن يمر يوم حتي حدثت أحداث كنيسة القديسين، وانشغلنا في تغطية الأحداث والكتابة عنها علي الصفحة، وبعد أسبوع استشهد السيد بلال رحمه الله من التعذيب علي يد ضباط أمن الدولة. وقتها لم أكن أتابع الأخبار في تونس بشكل مكثف بينما كان عبد الرحمن شديد الاهتمام والمتابعة لما يحدث في تونس، كان الجميع يريد أن يعرف ماذا ستؤول إليه الأحداث. انشغال الصفحة بالأحداث المتعاقبة جعلنا لا نولي اهتماما كبيرا للدعوة التي قمنا بها منذ 03 ديسمبر وأنشأنا لها حدثا أسميناه وقتها: »52 يناير: الاحتفال بعيد الشرطة« كان مهما أن نذكر الناس باقتراب هذا اليوم: »عايزين أفكار لعيد الشرطة يوم 52 يناير: لأن الناس دي بتتعب في إهانة وتعذيب وأحيانا قتل المواطنين المصريين فمينفعش يعدي يوم عيدهم من غير ما نفهمهم إننا مش هننسي. يا ريت أي حد عنده فكرة يطرحها ويا ريت أفكار تكون غريبة ومختلفة ويا رب يقدرنا نرد لهم جزء من جمايلهم علينا«. جاءت اللحظة الحاسمة بالنسبة لي في 31 يناير، كان ذلك اليوم تاريخيا فقد شهد خطاب بن علي الثاني، تغيرت لهجته واتضح ضعفه وهو يقول كلمته الشهيرة: »فهمتكم« قمت وقتها بعمل استطلاع علي الصفحة لسؤال أعضائها عن رأيهم في متابعة أحداث تونس وتغطيتها بشكل مكثف فوافق أكثر من 07٪ من الأعضاء علي ذلك وبدأت في الكتابة مشيدا بما يحدث في تونس طلبت من الجميع تغيير صورهم الشخصية الي صورة تونس تأييدا لعملهم البطولي وتذكيرا لمن هم في مصر أنهم ليسوا ببعيد عن أحداث تونس وفي الرابع عشر غادر بن علي فذهب عبد الرحمن منصور محتفلا مع بعض زملائه الي السفارة التونسية وكتب دعوة علي الصفحة للمصريين بالذهاب لهناك والاحتفال بدأت في قراءة التعليقات علي الصفحة والتي كانت تطالبنا بالدعوة الي ثورة!. الفكرة كانت مجنونة، ولكن ما حدث في تونس ألهم الجميع بأننا قادرون لو اتحدنا، وهنا كتبت لأول مرة دعوة للتظاهر في 52 يناير وليس فقط وقفات صامتة: »النهاردة يوم 51... يوم 52 يناير هو عيد الشرطة يوم إجازة رسمية.. لو نزلنا 001 ألف واحد في القاهرة محدش هيقف قصادنا.. يا تري نقدر« كانت عقارب الساعة وقتها تشير الي الثانية عشرة والنصف صباح يوم 51 يناير في الإمارات، ولم أنتبه وقتها أن الساعة لا تزال العاشرة والنصف في مصر، وكانت أول دعوة للنزول بأعداد مكثفة من علي الصفحة يوم 41 يناير في الساعة العاشرة والنصف بعد ان كتبت الدعوة بدأت في قراءة التعليقات، لم يكن عبد الرحمن متواجدا بعد وبمجرد دخوله سألته نفس السؤال، أبدي كل منا الشك في إمكانية حدوث ذلك وأخبرته أنني كنت أتمني أن مصر كان بها معارضة أو تيارات سياسية قوية هي التي تخرج منها هذه الدعوة وليست صفحة علي الانترنت خاصة وأنه سيغادر الي الجيش يوم 71 يناير، فأخبرني أن مصر ليس بها معارضة حقيقية. فكان هذا قدر الله أن تخرج الدعوة الأولي من صفحة غير تابعة لتيار أو حزب أو حركة سياسية ليتبناها الجميع. لم تمر ساعة حتي عدت الي صفحة الحدث الذي قمت بإنشائه في نهاية ديسمبر بناء علي اقتراح عبد الرحمن للاحتفال بعيد الشرطة، قررت أن أقوم بتعديل اسم الحدث بدلا من إنشاء واحد جديد. كان الحدث القديم اسمه »الاحتفال بعيد الشرطة المصرية 52 يناير« فقمت بتعديل عنوانه الي »52 يناير: ثورة علي التعذيب والفقر والفساد والبطالة« وحدث تحول كبير فالصفحة أصبحت من تلك اللحظة تحشد للنزول يوم 52 والقيام بثورة شعبية ومن ذلك التاريخ بدأت الملحمة التي شارك فيها عشرات الآلاف من مستخدمي الإنترنت المصريين والصفحات الكبيرة والحركات الشبابية والقوي المعارضة للحشد ليوم 52 يناير ليشهد الجميع أول ثورة حدد ميعاد ومكان انطلاقها! رحم الله شهداءنا ويسر الله لنا المقدرة علي مواصلة العمل من أجل تحقيق أهداف هذه الثورة. نقلا عن صفحة 25 يناير علي الفيس بوك.