إن عملية التغيير السائدة في العالم العربي والتي انطلقت شراراتها الأولي في المغرب العربي بهذه البلدة الصغيرة تونس والتي تحركت وانتقلت بقوة إلي قلب الوطن العربي - مصر العظيمة - فإن ما يحدث في هذا البلد الكبير لن يمر مرور الكرام بل لابد أن يترك واقعا متغيرا في عموم العالم العربي. وهو ما تجلي ذلك بوضوح أثناء الثورة وتوقف جميع المحطات الفضائية العالمية امام الحدث الأكبر المتمثل في الثورة المصرية مما دعا الشعب الأمريكي إلي الاستفسار عن مدي أهمية هذه الدولة التي كست أخبارها جميع المحطات الاخبارية وغطت أخبارها علي جميع أخبار دول العالم حتي الأحداث الأمريكية كانت تأتي كخبر ثانٍ. وهذا ما تبين بوضوح في الحالة الجامدة لمصر مبارك قبل الثورة وتراجع دورها الإقليمي والدولي. وهو ما أصاب عموم الجسم العربي بالوهن وانعدام الاتزان من مشرقه إلي مغربه كما كان واضحا وجليا. وبقراءة متأنية لنظام حكم مبارك تبين تراكم الغضب الشعبي من سياساته سواء السياسات الداخلية، اقتصادية واجتماعية وسياسية وكذلك السياسات الخارجية التابعة لتعليمات القطب الأوحد وهو ما انعكس بالتردي علي المجتمع كله إلا من فئة المقربين من السلطة مما أدي إلي تداعيات سلبية علي قوة الدولة العربية الكبري ودورها علي المستوي الإقليمي والعربي والأفريقي وكذلك العالم الخارجي. إن أحداث 52 يناير 1102 لم تكن وليدة الصدفة بل كانت نتيجة تراكمات ثلاثين عاماً من التداعيات.. اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وخارجياً.. وإن ما حدث كان وشيك الحدوث سواء كان في ذلك الوقت أو بعده لأنه كانت له مقدمات كثيرة وكان آخرها أحداث المحلة الكبري التي لولا استنفار الجهاز الأمني بها لكانت هي بداية الثورة لو قدر لها الانتشار في ذلك الوقت علي جميع المستويات وفي ربوع الجمهورية إلا إنها كانت بروفة للثورة العظيمة. وهو ما كان ينبئ بحدوث هذا التغيير إن آجلاً أو عاجلاً. لأن الأمور في مصر كانت قد وصلت إلي الحاجة الماسة إلي تغيير جذري وشامل في بنية نظام الحكم في مصر وهو ما تجلي ذلك بوضوح في آخر جمعية وحركة شبابية تأسست وتزعمها د. البرادعي تحت مسمي الجمعية الوطنية للتغيير وما سبقها من حركات تحت مسمي كفاية.. وهو ما يدلك بوضوح علي الرغبة في التغيير الشامل وهو ما تم بالمطالبة به بالفعل في الثورة المباركة حيث أنه لم يعد ممكنا أو مجدياً حل المشكلات الخطيرة التي تعصف بمصر الدولة الرائدة والمجتمع بمنهج المسكنات أو التعديل. أن نظام مبارك لو بقي في السلطة أو تولي بعده أحد من داخل هذا النظام سوف تشهد البلاد حالة من عدم الاستقرار وذلك لعدم قدرة المجتمع المصري علي تحمل تداعيات زواج السلطة بالمال مدعمين بجهاز الأمن مع تنحية كل القوي والتيارات السياسية والمجتمع بأكمله عن نظام حكم مبارك. وهو ما أدي إلي خروج المجتمع مباشرة في مليونيات بجميع المحافظات علي قلب رجل واحد مطالبة بإسقاط النظام وهي النتيجة التي توصل إليها الشعب لمحاولة استعادة أرصدة القوة الداخلية والخارجية لهذا البلد الكبير قلب الوطي العربي.