لأسر الشهداء والمصابين الحق في ان يصابوا بجنون. فهم - ونحن معهم - يعيشون في تناقض مثير.. فالأبناء، زهرة شباب البلد، سقطوا شهداء ومصابين.. هذه حقيقة مؤكدة، اعترف بها المجتمع وجميع السلطات. حياهم بتعظيم سلام اللواء محسن الفنجري، ممثلا للمجلس الاعلي للقوات المسلحة، الذي تحمل مسئولية ادارة البلاد منذ يوم 82 يناير وتوالي الاعتراف بعد احداث ماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء، حتي تشكيل الهيئة القومية لرعاية أسر الشهداء والمصابين. هؤلاء الشهداء والمصابون، لم يكونوا ضحايا حادث قطار أو طائرة أو هزة أرضية.. وانما قتلوا واصيبوا اثناء ثورة يناير، وما تلاها من مظاهرات واعتصامات سلمية.. واجهتها القوات التابعة لاجهزة السلطة، متمثلة في قوات الأمن المركزي أو قوات الجيش بزي عسكري أو مدني.. هذه ايضا حقيقة مؤكدة، معترف بها بكل وسائل الاعتراف. ومع ذلك، عندما تقدم أولياء الشهداء والمصابين، ومحاموهم، ومعهم النيابة العامة للقضاء، مطالبين بالقصاص العادل، فوجئوا، وفوجئنا معهم، بالمحاكم تخلي سبيل الضباط المتهمين في السويس، وتبرئهم في السيدة زينب.. والأرجح ان يتكرر ذلك في كل المحاكمات.. بل ها هو دفاع مبارك والعادلي ومساعديه، المتهمين بالتحريض واصدار الاوامر والمسئولية السياسية عن مواجهة المتظاهرين السلميين بالعنف والقتل غير المبرر، والمنافي للقانون.. ها هو يستغل الشماعة التي علقت عليها الداخلية والمجلس العسكري مسئولية قتل الشهداء، باسم الطرف الثالث.. اللهو الخفي، الاسم الساخر لذلك المجهول الذي قتل بالرصاص الحي حوالي ألف شاب، واصاب بالخرطوش وغيره آلافا آخرين.. لينتهي الامر كله الي ان جميع الجهات الامنية - التي في حوزتها السلاح، والتي تصدت للثوار - ليست هي التي اصدرت الأوامر، وليست هي التي قتلت وأصابت.. وبما ان الذي فعل كل ذلك غير معلوم.. فالجريمة تقيد ضد مجهول. فعلا.. لأسر الشهداء والمصابين كل الحق في ان يصابوا بالجنون، وهم يدفنون الابناء الاعزاء، ويمسكون بأيدي المصابين الاعزاء.. ولا يعاقب احد. وكأن قتلاهم بلا قتلة! يزيد لوعتهم سؤال حائر: لماذا هذا القاتل المجهول وقف دائما الي جانب قوات الأمن وسلطات الحكم.. ويسدد رصاصاته وخرطوشه الي صدور وبطون وأعين الشباب الثائر علي وجه التحديد؟! ويثور الاهالي علي الاحكام، ويواجهون القضاة بغضب. بينما القضاء لا ذنب له، لانه يطبق القانون الجنائي العادي، الذي يجرم فلانا بالتحديد، عن قتل فلان بالتحديد. ويفخر بأن يبريء مائة متهم بريء، ولا الحكم علي واحد منهم ظلما، وهو قانون لا يتعامل مع حالة ثورة.. تتحرك فيها جموع الثوار.. وتواجههم جموع قوات الامن. فلا يعرف بالتحديد من القاتل ومن قتل.. وهي جرائم تحكمها قوانين المحكمة الجنائية الدولية لانها جرائم جماعية وإبادة جماعية، مشكلة أسر الشهداء والمصابين، وشباب الثورة - ونحن معهم - ان السلطة التي تتولي المسئولية في ظل الثورة، تطبق قوانين ما قبل الثورة، التي لا تصلح لمقتضيات الثورة! الاحتفال بعيد الشرطة ورغم كل ذلك، ارجو ونحن نستعد للاحتفال بالعيد الاول لثورة 52 يناير العظيمة، ان نحتفل بعيد الشرطة، وآمل من شباب الثورة ان يتساموا علي الآلام الرهيبة التي اصابتهم، واصابت الشعب كله، من تسخير النظام الساقط لهذا الجهاز المدني في خدمته، ضد معارضيه. ان عيد الشرطة يرتبط بذكري معركة من أعز معاركنا الوطنية عام 2591 عندما تصدي رجال البوليس بقيادة ضباطهم الوطنيين العظام : مصطفي رفعت وصلاح دسوقي وصلاح ذو الفقار وعبدالكريم درويش وسعد الدين وهبة وغيرهم في كل مدن القناة، وخاصة في الاسماعيلية.. بالعصي وبنادق لي انفيلد العتيقة لجيش الاحتلال البريطاني المسلح بالدبابات والمدافع الثقيلة وتحدي قائدهم اليوزباشي مصطفي رفعت للقائد البريطاني بقولته الشهيرة : لن نسلم.. ولن تأخذونا إلا جثثا هامدة. لتكن مناسبة لتحية اللواءين مصطفي رفعت وصلاح دسوقي اطال الله عمريهما.. وشهداء معركة القناة من الضباط وصف الضباط والجنود البواسل.. ونحيي شهداء الشرطة الذين قدموا أرواحهم فداء للثورة وللشعب، في المعارك ضد البلطجية وقطاع الطرق الذين رباهم النظام الساقط، لافساد الثورة وترويع المواطنين لنحي اللواء الشهيد محمد البطران الذي دفع حياته وهو يحاول منع جريمة فتح السجون، وإطلاق المجرمين ضد الشعب والثورة. ولنطالب في ذات الوقت بقانون ثوري يقتص من كل من واجه الثوار وجماهير الثورة بالحديد والنار.. لتكون الشرطة فعلا في خدمة الشعب.