عندما تتولي حكومة الجنزوري مسئولية إنقاذ الوطن وتؤدي القسم لأداء هذه المهمة.. وتبدأ عملها في ظروف صعبة للغاية في أخطر مرحلة يمر بها الوطن.. بعد ان ضجت الفوضي والاضطراب.. وتعرضت البلاد للانهيار وتطلبت الإنقاذ.. ثم يتحمل الدكتور كمال الجنزوري هذه المسئولية بجسارة هو وأعضاء حكومته، علي حين عزف عن حملها كثيرون.. وآثروا الحديث في هواء الفضائيات.. أو الوقوف بالميادين يطلقون الهتافات والشعارات. أو يستمرون في التظاهر أو قطع الطرقات. بعدها ظهر علينا رئيس الحكومة في مؤتمر صحفي ظهر الأحد الماضي، ليعلن علي الرأي العام الحقائق بالارقام حتي لو كانت قاسية ويحدد الخطي لمواجهة الانقاذ حتي لو كانت صعبة، ووسط هذا التحدي لانقاذ الوطن يؤكد أولوية إعادة الامن.. وأمان الوطن وهيبة الدولة.. لتبدأ عجلة الانتاج والاقتصاد.. ويضع بذلك انقاذ الوطن في عقل الحكومة وضميرها.. وعلي قمة المسئولية احتياجات المواطنين الضرورية والاجتماعية العاجلة لابناء مصر البسطاء.. والذي يري هذا المشهد يتذكر الماضي القريب »شاهد علي التاريخ« يذكرنا بحكومة الجنزوري عام 6991 في 4 يناير تحديدا اي منذ خمسة عشر عاما.. عندما كان الدكتور الجنزوري رئيسا للوزراء ووزيرا للتخطيط.. وكانت الوزارات القائمة وقتها من الوزارات العتيقة التي تضطلع بمسئولية المواطنين البسطاء.. مثل وزارة التموين والتجارة الداخلية.. ووزارة التأمينات والشئون الإجتماعية.. ووزارة الحكم المحلي.. ووزارة الصناعة.. ووزارة الاقتصاد.. وقطاع الأعمال.. وغيرها من الوزارات الأخري. ويذكرنا ذلك ايضا بما تعهد به في أول اجتماع له امام البرلمان بعد تشكيل الحكومة عام 6991 ليعلن مسئولية الحكومة عن مصالحة المواطنين.. في شعار رفعه بشجاعة الاعتراف »بمصالحة المواطن« الذي شد الانتباه وأراح الناس، وكأنه يؤكد ان الحكومة قد ظلمت الناس واغضبتهم طويلا، وعليها ان تقوم بمصالحتهم، لكن ما لبث أن شاع الخلاف.. ودبت المعوقات ولم يتمكن من تحقيق ما تعهد به لاسباب لا دخل للوزارة بها. وكانت الأسباب أقوي منها، وكان ذلك معلوما للرأي العام، لكننا نتذكر صدور قرارات عديدة تتجه صوب العدالة الاجتماعية ورعاية مصالح الناس.. ليعود اهتمامها ومسئوليتها بقضايا البسطاء.. وبدء الطريق امام العدالة الاجتماعية والتنمية فأصدر قرارات بتشكيل لجنة لفض شكاوي المستثمرين وانشاء مكاتب لخدمتهم.. وحظر التصرف في الأراضي المملوكة للدولة أو البناء في المساحات الخضراء.. وتيسير الحصول علي الخدمات الجماهيرية.. وتشكيل لجنة دائمة لنقل وتنمية التكنولوجيا، والحفاظ علي رونق نهر النيل، وانشاء مناطق صناعية في بعض المحافظات.. لتشجيع دائرة الاستثمار ودفع عجلة الاقتصاد ومراعاة البعد الاجتماعي بين المواطنين وكان ذلك كله منذ خمسة عشر عاما!!. ويذكرنا التاريخ القريب كذلك، أنه بعد إقالته هو ووزارته وإعادة تشكيل وزارات أخري، أنه عام 5002 أعلن عن تشكيل جديد للوزارة.. تحمل فكا وتركيبا لبعض الوزارات الشعبية التي تهتم بمصالح الناس وحاجات البسطاء من المواطنين.. كما تضمنت وزراء لم يسمع عنهم أحد.. وكان من أخطر الوزارات واقدمها التي تم فكها والغاؤها.. وزارة التموين والتجارة الداخلية.. رغم وجودها في التاريخ منذ وزارة اسماعيل صدقي عام 6491..وكذا وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية التي وجدت منذ قديم.. قبل صدور قانون الضمان الاجتماعي عام 0591 ووزارة التنمية المحلية التي تهتم بشئون المحليات حيث تم ضمها الي وزارة التخطيط.. والغاء وزارة الشباب والرياضة، بعدها تم تحديد الوزراء المعنيين بتنفيذ التشريعات القائمة.. ونقل أو ضم العاملين بكل الوزارات التي تم الغاؤها أو حلها الي وزارت أخري، وظلت كذلك ولم تصدر قرارات بتحديد اختصاصاتها الا بعد تشكيلها.. وها هي تعود الينا تلك الوزارات التي تهتم بمصالح البسطاء والتي تم الغاؤها لتعود الينا ثانية بعد خمسة عشر عاما مع إعادة تشكيل حكومة الجنزوري عام 1102. كما يذكرنا التاريخ كذلك بطلب مناقشة تحت قبة مجلس الشوري بمجرد تشكيل الوزارة في يناير 6002 طلبنا فيه الافصاح عن سياسة الحكومة بعد التشكيل الجديد.. والاسباب الداعية الي اختفاء بعض الوزارات والضم والفك والتركيب ولمصلحة من؟ وكان وقتها ضجيج وإعلان عن مساعدة الطبقات الأكثر احتياجا!! ومع ذلك لم ير طلب المناقشة النور، وقد نشرته الصحف وقتئذ بإعتباره علي ملكاً للرأي العام!!. وها هو التاريخ يعيد نفسه.. ولو بعد حين، فاهتمام الجنزوري وحكومته عام 6991 بمصالحة المواطنين.. والاعتراف صراحة بغضبهم وظلمهم منذ خمسة عشر عاما، والعمل علي احياء الطبقة المتوسطة التي تصنع التاريخ وإعادة الوزارات القديمة في التشكيل الجديد.. والإعلان عن تحقيق الامان في المجتمع. واهتمامه بتعليم المواطنين الصيد أولي من اعطائهم »سمكة«. وقد كان شعاره عام 6991 واهتمامه بالعلوم والتكنولوجيا حيث كان أول قراراته عام 6991 انشاء مكتب خدمة المواطنين ولجنة الابحاث العلمية.. ليعود التاريخ الي تشكيل حكومة الجنزوري بعد خمسة عشر عاما في ظروف اشد صعوبة لانقاذ الوطن وتحقيق الامن للبلاد.. ومناشدة الجميع للوقوف صفا واحدا بعيدا عن الجدل السياسي الصاخب،. والمناقشات السفسطائية. بعد ان احاط الرأي العام بالحقائق المؤلمة.. ليواجه هو وحكومته المواقف الصعبة بجسارة وبغير تردد.. وهي لحظة تاريخية تتطلب تعاونا شعبيا من اصحاب الاصوات العالية، ومن الغالبية الصامتة أو الخائفة.. بعد ان ظهرت بوادر العودة الي هيبة الدولة والدعوة الي الانتاج والتنمية لانقاذ الوطن.. ومصالحة المواطنين!!