من المؤكد أن »بوعزيزي« هو مفجر الثورة التونسية، وأنه لم يكن منتميا الي حزب النهضة الاسلامية، الذي حصد أغلبية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المنوط بوضع الدستور الجديد لتونس. الطريقة التي عبر بها »بوعزيزي« عن رفضه لواقع الشعب التونسي وثار من خلفه الثوار، طريقة يرفضها حزب النهضة لانها في الشرع الاسلامي كفر، ان يقوم الانسان بقتل نفسه، بأي وسيلة حرقا او شنقا أو رميا بالرصاص.. أو غير ذلك.. مفارقة عجيبة تضعنا امام أسئلة محيرة أيكون البوعزيزي شهيدا للثورة أم أنه كافر فتح للشعب طريق الحرية، وعلي رأسهم جاء الاسلاميون الي سدة أولي، وهم في الطريق الي سدة الحكم. ونفس الشيء تقريبا جاءت الثورة المصرية علي ذات الدرب حيث مات خالد سعيد وتم تزييف طريقة موته علي أيدي نظام مبارك من العملية التي قام بها افراد الشرطة الي التقرير الطبي الذي اصدره خبراء الطب الشرعي يعلنون ان خالد مات بسبب لفافة المخدر التي حاول ابتلاعها لطمس معالم جريمة أوهمونا انه كان يحمل ويتعاطي المخدرات، والذين يعلمون الحقيقة يدركون ان خالد سعيد لم يكن كذلك ولم يمت موتة جاهلية، وأقيم له صفحة علي »الفيس بوك« تحمل عنوان »كلنا خالد سعيد«، ولم يكن لخالد سعيد أدني صلة باي تيار اسلامي أو أي تيار ديني آخر وكذلك لم يكن لمحرر الصفحة »وائل غنيم« أي علاقة من بعيد أو قريب علي منهج خالد، ثم اندلعت الثورة المصرية من هذه الشرارة، وشهدنا كيف كانت بعض التيارات الاسلامية رافضة مبدأ الخروج علي ولي الأمر وبعض منها اجل مشاركته في الثورة لساعات أو بعض أيام، وهاهي تدور بنا الاحداث وتحط رحالها قرب انتخابات برلمانية، نتجت عن استفتاء متعجل قيدت به التيارات الاسلامية حركة الثورة، ووضعت مصر أمام خيار صعب ، كلفها هذا المشوار الطويل المرهق، انعدم فيه الامن وهبط فيه اقتصاد البلاد هبوطا مروعا وانتشرت الفوضي حتي يومنا هذا، وعمت الخلافات فاذا بنا امام صدام بين مؤسسات يفترض انها في منأي عن الصراع والمقاتلة. ان مصر امام منحني صعب وشديد البأس سيؤدي بنا الي طريق مؤكد ان عاجلا أو آجلا ستصبح فيه الشعارات الدينية شيئا طبيعيا ولا غبار عليه للوصول الي سدة الحكم وادارة الحياة السياسية بنفس الشعارات، ولا تقل لي ان مصر غير تونس وان خالد سعيد غير بوعزيزي، انه النسق والنموذج يؤكد نفسه، ويقر ما حذرنا منه منذ الايام الاولي للثورة، فقد اختفي الثوار الحقيقيون، وعاد الشعب المصري الي صمته السابق حين يري الأمور وقد آلت الي غير ما كان يود ويريد، وحين تنحاز قوي الي الوضع المذري الذي كانت عليه البلاد قبل الثورة، وان يبصر الشعب بعد تدليس عليه حقيقة التحالفات التي أبرمها البعض مع البعض وهم جميعا شتي ولا تربط افكارهم أو مبادئهم رابطة او تجمعهم آصرة. وحين انفضت التحالفات تذكر اولو الالباب منهم الخلافات التاريخية وآخرها ما واجه به الزعيم مصطفي النحاس ذات يوم الاستاذ حسن البنا مرشد الاخوان ومؤسسها بأن عليه ان ينسي عمل الدين في السياسة او عمل السياسة بالدين، وكأن النحاس عاد من جديد ليفك التحالف المزعوم وينصرف ليأتي يوم قريب ستشهد فيه مصر كيف يكون الدين في السياسة والسياسة في الدين، ان مصر هي ام التجربة في هذا الشأن وهي مهد حركة الاخوان التي يزيد عمرها علي السبعين عاما، والذي لاشك فيه الآن ان الايام المقبلة سوف تشهد موجة عارمة من الاسلام السياسي، اما ما سوف تحمله الريح بعد ذلك فعلمه عند ربي في كتاب، لا يضل ربي ولا ينسي. المفتي وقناة الحياة لا بأس ان يتم استضافة فضيلة المفتي ليشرح لنا مناسك الحج، ويوجه إلي بعض الاخطاء التي يقع فيها الحجاج وكذلك الذين يفتون بغير علم، لكن الذي آلمني ان تضاف فقرة أخري بعد فاصل استطالت علينا وكاد ان يغيب عنها المذيع الموهوب شريف عامر وان يستحوذ عليها فضيلة المفتي بشكل يثير الريبة، واذا بفضيلته بعقد مقارنة بين الافتاء في عصر الامام محمد عبده والافتاء في عصره لتكون الغلبة والميزة لعصره، ثم يدافع عن فتاواه التي اثارت سخط الناس ومنها رأيه في مسألة وفاة حفيد مبارك ثم رأيناه وهو يذكر سلوك بعض خصومه بانها »قلة أدب« وانه اكثر من كلمة »تعالي ياكذاب« لمن خالفوه في بعض ما يقول ويملأ به الصحف ووسائل الاعلام، لقد كنت أربأ بفضيلة المفتي ان يقول ذلك وهو الذي دعا في اول حلقته مع قناة الحياة الي التسامح والعفو.